تدريس الثقافة الجنسية بالمدارس


                تدريس الثقافة الجنسية بالمدارس
    

    في برنامج " عم يتساءلون " في إحدى القنوات الفضائية إستضاف مقدم البرنامج المذيع / أحمد عبدون كلا من ( أ. د محمد أحمد المسير الأستاذ بجامعة الأزهر , والدكتورة / هبة قطب الحاصلة على درجة دكتوراه من الولايات المتحدة ودرجة دكتوراه من القاهرة في العلوم الجنسية والعلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة ) .
وكان الموضوع " مدى الحاجة لتدريس العلاقات الجنسية بالمدارس " ودعت بشدة د/ هبة قطب لذلك ودعت إلى استخدام منهجها ونظرياتها العلمية التي أسفرت عنها رسالتيها , واختلف معها أ. د / محمد المسير على أساس أن تدريس الدين الإسلامي يكفي لأن الله سبحانه نظم هذا الموضوع ووضع له الضوابط  الحاكمة في آيات القرآن الكريم و أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم .
وقد لاحظت على السيد / مقدم البرنامج إنحيازه وارتياحه التام لرأي وفكر د/ هبة قطب حيث :
-  كان سيادته يعطي الكلمة للدكتورة هبة قطب لتتحدث كيفما أرادت دون تقييدها بوقت محدد , وكان العالم الجليل لا يقاطعها أثناء حديثها , ثم يعطي الكلمة للعالم الدكتور / محمد المسير ويحدد له ( ثلاث دقائق أو دقيقة واحدة )  للرد ثم لا يستطيع أن يكمل جملة واحدة دون أن تقوم هي بمقاطعته دون إعتراض من مقدم البرنامج .
- طرح مقدم البرنامج الموضوع للإستقصاء وتلقي الآراء من المشاهدين ( وهذا لا يجوز في موضوع ديني حيث لا يجب أن يخضع للرأي والرأي الآخر من الجميع متخصصين وغير متخصصين ) إنما يتحدث فيه علماء الإسلام فإذا وضح حكم الشرع في الموضوع فعلى الجميع الإمتثال لقول الله تعالى " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم " صدق الله العظيم .

   وقد قمت بالتعليق على ما دار بالحلقة في النقاط الآتية
أولا : يتضمن الفقه الإسلامي توضيحا كافيا وشرحا وافيا بالآيات والأحاديث النبوية وآراء الأئمة والعلماء ومختلف المذاهب للموضوعات المتعلقة بالثقافة الجنسية والعلاقات الخاصة بين الرجل والمرأة ( النكاح - الطلاق - الخلع - الإيلاءاللعانالظهار- العزل - النسب - العدد - النفقات - الحضانة - حقوق الزوجة على زوجها - حقوق الزوج على زوجته - تنظيم العلاقات الخاصة بين الزوجين -  أعمال ومسئوليات كل من الزوج والزوجة - تعدد الزوجات - المحرمات من النساء - الطهارة والغسل -  الجنابة - أحكام الحيض والنفاس – آداب خصال الفطرة ) , وبالتالي فنحن لسنا في حاجة إلى علم جديد يبتكر أو يحدث أو يضيف إلى منهج الله , بل نحن في حاجة إلى تدريس الفقه الإسلامي بمنهجية مناسبة وعلى يد مدرسين مؤهلين تأهيلا كافيا لكل مراحل ومستويات التعليم .

ثانيا : أوجه عدة أسئلة للدكتورة / هبة قطب ومقدم برنامج  "عم يتساءلون" :
- هل موضوع العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة لم يرد تنظيم له في القرآن والسنة ؟ وإذا كان قد ورد ألا يعد منهج الله كافيا ؟
- هل منهج  الله في هذا الموضوع منقوص ويجب استكماله , أم خاطئ ويجب  استبداله , أم معيب ويجب تصويبه , أم متخلف ويجب تحديثه ؟!
- هل توصلت د/ هبة قطب إلى منهج لمعالجة هذا الموضوع أكثر تقدما من منهج الله عز وجل من خلال رسالتي الدكتوراه ؟
- أليس نقص معلومات المسلمين في هذا الموضوع دليلا على الأمية الدينية والجهل بشرع الله عز وجل ؟
- ألا يكون تناول الموضوع عن طريق شرح آيات الله وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المنظمة لهذا الموضوع  والأسئلة التي أجاب عنها الرسول صلى الله عليه وسلم والسيدة عائشة ؟
- ألا يعد رأي علماء الأزهر وعلماء مجمع البحوث الإسلامية في الموضوع كافيا ؟ وهل يجوز الإستقصاء على أحد الموضوعات الدينية التي قال فيها علماء الإسلام كلمتهم ؟
- لماذا لا يقتصر دور د/ هبة على المجال الطبي والعلاجي عند وجود مشاكل أو أمراض ؟ وهل العلم الحديث حجة على منهج الله أوأتى بجديد لم يرد في الفقه الإسلامي ؟ وقد قال الله تعالى " وما فرطنا في الكتاب من شيء " .
- لماذ لا يترك مقدم البرنامج فرصة كافية للدكتور / محمد المسير لشرح منهج الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؟ وهل دقيقة أو دقيقتان أو ثلاثة وقتا كافيا لذلك ؟ ولماذا يسمح للدكتورة هبة بمقاطعة العالم الجليل في كل كلمة يقولها .

ثالثا : كان رأي أحد المدافعين والمتحمسين لفكرة تدريس الثقافة الجنسية يتضمن الفقرة التالية ( وبتغيير مفاهيمنا السابقة أولاً عن الجسد ثم الجنس نستطيع ببساطة بعدها أن نتحدث عن أهمية تدريسه، وأنا لا أطالب بتدريس الجنس كمنهج مستقل وإنما يجب أن يتخلل المناخ التربوي والتعليمي نفسه، ولا يصبح مدرّس العلوم بذلك هو المسئول الأول والأخير، فتدريس قصائد الغزل في درس اللغة العربية جزء من التربية الجنسية، ومشاهدة حظيرة المدرسة جزء من التربية الجنسية، ومدرّس الألعاب حين يمنع طالبة من أداء تمارين الجمباز بحجة الخوف على غشاء البكارة فهو يرتكب خطأ فاحشاً في التربية الجنسية، والمدرسة التي تتعامل مع الذكر على أنه سوبرمان والأنثى على أنها بهانة فهي ترتكب جريمة جنسية، وكذلك مدرّسة الحضانة التي تعنّف الأطفال وتفصل الذكور عن الإناث فهي أيضاً ترتكب نفس الخطأ، أما مدرّس الدين والذي عادة ما يعترض على تدريس الجنس في المدارس ويعتبره فسقاً وفجوراً فكيف بالله عليك سيواجه التلاميذ الذين سيسألونه عن المحيض والزنا وقصة سيدنا يوسف وفيها "همّت به وهمّ بها" ومعنى الأرحام والفرج وآتوا حرثكم أنى شئتم ... الخ !!؟ )
وردي على ما ورد بالفقرة السابقة يتلخص في :
- يدعو صاحب هذا الرأي إلى الإختلاط  بين الشباب والفتايات وتعليمهم الغزل في إطار الثقافة الجنسية , رغم أن هذه الأمور محرمة شرعا , فيجب أن يتم الفصل الكامل بين الأولاد والبنات في المرحلة الإبتدائية , وأن تخصص مدارس وجامعات للأولاد وأخرى للفتايات من بعد هذه المرحلة .
- بذلك تتهيأ الفرصة كاملة أمام المدرسين الرجال لشرح الموضوعات الفقهية للطلاب , وأمام المدرسات لشرح هذه الموضوعات للطالبات .
- لابد من التأهيل الكامل للمدرسين والمدرسات وتنظيم دورات تدريبية لهم لتمكينهم من تحقيق الهدف وتحقيق التدرج المطلوب ومراعاة تناسب الموضوعات مع الفترة العمرية .
- تعد مناهج ومقررات الفقه الإسلامي بمعرفة علماء الأزهر الشريف .
- زيادة الجرعات الدينية في مختلف العلوم لجميع مراحل التعليم العام , وعدم اقتصار ذلك على
الأزهر فقط .


                         محاور تطوير التعليم في مصر
          
   اهتمت الشريعة الإسلامية بوضع منهجا متكاملا لتربية المجتمع الإسلامي على الفضائل والآداب والأخلاق حيث تضمنت شريعة الله تعالى : 
- الحث على طلب العلم وجعله فريضة على كل مسلم وكذا التعليم وإيصال المعارف الدينية والدنيوية إلى كل مسلم , حيث قال الله تعالى : " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " ( الإسراء : 85 ) , " علم الإنسان ما لم يعلم " ( العلق : 5 ) , وعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على محو الأمية حيث جعل فداء أسرى بدر أن يعلم كل منهم عشرة من المسلمين , كما اهتمت الشريعة الإسلامية بتربية الفرد وتنمية شخصيته ودفعه إلى طلب العلم والسعي للنبوغ والريادة والابتكار والتقدم .
- الاهتمام بتقويم سلوكيات الفرد المسلم من خلال تعلمه الآداب والأخلاق والمعاملات الإسلامية , حيث اهتمت الشريعة الإسلامية بتربية الأبناء بدءا من اختيار الرجل لزوجته وضرورة أن تكون على درجة عالية من الأخلاق والتدين وأن تكون أهلا لإعداد أبناء بنفس المستوى الديني والأخلاقي , وتضمنت الشريعة الإسلامية ضوابط ومقومات التربية في كل مراحل حياة الطفل حتى يصبح رجلا .  
- جعلت الشريعة الإسلامية للمرأة الدور الرئيسي في تربية الأبناء حيث أن دور المرأة المسلمة يكاد يكون مقصورا على إعداد وتربية الأبناء التربية الإسلامية على منهج القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة ( عقيدة – آداب – أخلاق – عبادات – معاملات ) ويتكامل دور المرأة مع دور الرجل في تربية الأبناء وإعدادهم ليكونوا مواطنين صالحين نافعين لأنفسهم ولمجتمعهم ودينهم حيث يقول الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نار وقودها الناس والحجارة " ( التحريم : 6 ) , كما أكد الرسول على أهمية تأديب الطفل وتربيته فقال صلى الله عليه وسلم " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع " .

  ويمكن إيجاز أهم محاور تطوير ونهضة التعليم في مصر في العناصر الآتية :
أولا : التعليم العالي الخاص
 يجب إلغاء التعليم العالي الخاص تماما أو تأميمه أو حوكمته على أقل تقدير مع إعادة النظر في القوانين والضوابط التي تحكمه من نقطة الصفر حيث أنه الآن يقود التعليم بالكامل إلى الهاوية حيث يؤدي إلى:
-         إنخفاض مستوى الخريجين من الجامعات والمعاهد الخاصة عن الجامعات الحكومية رغم حصولهم على مؤهلات مماثلة تماما , حيث يلتحقون بالمرحلة الجامعية بالحد الأدنى من النجاح وبالتالي تضطر إدارة الجامعات والمعاهد الخاصة إلى تدريس مستويات بسيطة ومباشرة من العلوم حسب مستويات الطلبة المنخفضة والمتقاربة .
-         لجوء المعاهد والجامعات الخاصة إلى زيادة نسبة نجاح الطلبة عمدا على غير الحقيقة كدعاية للمعهد أو الجامعة عن طريق ( تخفيض المقررات – سهولة الإمتحانات – الغش في الامتحانات – تقديم ملخصات وتطبيقات محلولة تتضمن أسئلة الإمتحان ) .
-         التفرقة بين الطلبة بنظامي ( التعليم الخاص والعام ) حيث لكل نظام قوانينه ولوائحه وتنظيماته المختلفة عن النظام الآخر رغم التماثل في المؤهلات .
-         زيادة أعداد خريجي الجامعة رغم ( عدم حاجة العمل إلى هذه الأعداد – إنخفاض مستوياتهم العلمية ) .
-         إنتقال عدوى ( تخفيض المقررات – سهولة الإمتحانات – الغش في الامتحانات – تقديم ملخصات وتطبيقات محلولة تتضمن أسئلة الإمتحان ) إلى الجامعات الحكومية خاصة التعليم المفتوح وإنخفاض مستوىات الخريجين .
-         تقوم كل مؤسسة للتعليم الخاص بإعداد لائحة علمية مستقلة بها ومختلفة ( عن غيرها من المؤسسات المتماثلة في المؤهل الممنوح ) في المقررات والمحتويات العلمية ونظم وأساليب التدريس  , مما يوجد فروقا جوهرية بين الخريجين رغم تماثل المؤهل.
-         حرمان سوق العمل من كوادر ومهارات فنية في غاية الأهمية بانتشالهم من سوق العمل الفني إلى الدراسة الجامعية التي تحول ( الفني المنتج الذي يحتاجه سوق العمل ويلح في طلبه) إلى ( صاحب مؤهل عالي ليس له فرصة عمل ) .
-         يتيح القانون للطالب النجاح في كل مقرر بحصوله على نسبة 15% من النهاية العظمى !! حيث أن النهاية الصغرى ( درجة النجاح 40% ) أي 30 درجة من 75 درجة فإذا حصل الطالب على 15درجة من 75 في الإمتحان النهائي فإن القانون يتيح لإدارة المعهد تشكيل لجنة من الممتحنين لإعطاء كل طالب (15 ) درجة أخرى ليصل إلى 30 من 75 وبذلك يكون ناجحا  في النهائي وذلك بحجة رفع نسبة النجاح ويتبقى أن يصل إلى (50) درجة من (100) فيمنح (20درجة من 25 ) وهي أعمال السنة بمعرفة أستاذ المقرر .أي أن من يحصل على 15 درجة يمنح 35 أخرى مجانا بموجب القانون وينجح !!!! هذا هو التعليم العالي الخاص الذي يمنح درجة بكالوريوس معادلة للجامعات الحكومية .
-           وينجح التعليم الخاص في الوصول بالتعليم إلى هذا المستوى المتدني خاصة في ظل غياب شبه كامل للدور الرقابي لوزارة التعليم حيث ينحصر دورالمسئولين والعاملين في الأعمال الروتينية الوظيفية , في نفس الوقت الذي ينظر صاحب رأس مال المؤسسة التعليمية إليها باعتبارها مشروعا استثماريا مربحا فحسب  وبصفته رئيس مجلس الإدارة ومعه أغلبية الأعضاء من أقاربه يتدخل في العمليةا التعليمية واضعا نصب عينيه الربح فقط .
     لذا يجب أن يقتصر دور القطاع الخاص في التعليم على إنشاء مراكز تدريب في مختلف المجالات للإرتقاء بمستوى الخريجين عند كافة المستويات وتدريبهم على المستجدات في بيئة العمل وزيادة قدراتهم على القيام بأعمالهم بكفاءة من خلال تقديم الدورات التدريبية والتأهيلية دون منح شهادات بمؤهلات علمية أعلى .
ثانيا : الدروس الخصوصية
   الدروس الخصوصية هي إحدى آفات العصر الحالي وأحد أمراضه التي أصابت الطلاب وأولياء الأمور والمدرسين فهذه عادة سيئة تؤدي إلى :
-         فقدان الطالب الثقة بالنفس وعدم الإعتماد على الذات .
-         عدم الإستعداد للمذاكرة وبذل الجهد .
-         إكتفاء المدرسين بالشرح والتوضيح في الدرس فقط دون المدرسة وأخذ مرتب حرام لا يقابله عمل .
-         ضياع وقت كبير في المدرسة وبعد ذلك الدروس في عدة مقررات وبالتالي عدم الاستفادة من وقت كبير خلال اليوم كان من الممكن استغلاله في المذاكرة .
-         ظلم شديد للطلاب الذين لا يلجأون للدروس الخصوصية حيث لا يتلقون شرحا للمقررات بالمدرسة , ويعانون من إضطهاد المدرسين لهم .
-         إرهاق كاهل أولياء الأمور بأعباء مالية ليس لها مبرر .
-         تعلم الطلاب الفساد والمخالفات الشرعية من أساتذتهم وتعودهم عليها .
-         عدم إحترام وتوقير الطلاب لأساتذتهم .  
    والملاحظ أن الظاهرة تزداد حدة كلما ارتفع دخل المدرس , فتزيد شراهته للمال أكثر , ونسبة كبيرة من المدارس خاصة الثانوية العامة أثناء الدراسة تكون خاوية من المدرسين والطلاب لإستغلالهم وقت المدرسة في الدروس الخصوصية , مع فرض المدير إتاوات شهرية على المدرسين مقابل السماح لهم بذلك وتغطية مواقفهم. 
     مطلوب التدرج في منع الظاهرة وزيادة دور المدرسة والمدرس وعودة الجدية والإلتزام عند الطالب والمدرس وعودة القدوة الحسنة والمثل الأعلى من المدرس للطالب , بتجريم الدروس الخصوصية ومعاقبة مقترفي هذه الجريمة عقابا شديدا , مع تفعيل دور الأجهزة الرقابية لمتابعة إنتظام العملية التعليمية بالصورة الصحيحة وقيام المدرس والمدير والناظر والوكيل والموجه كل بدوره كاملا , مع فصل الموضوع تماما عن المرتبات وما إذا كانت مناسبة أم غير مناسبة فهذا موضوع آخر يتعلق بتحقيق العدالة الإجتماعية في الدخول والمرتبات بين جميع فئات المجتمع وهذا مطلب عام  يجب الفصل بينه وبين الجدية والإلتزام في العمل , فلا يقبل أن يقوم موظف بالإهمال في عمله أو أخذ رشوة أو الإختلاس من عهدته لأن مرتبه لا يكفيه على حد قوله , بنفس المنطق غير مقبول من المدرس أن يهمل في عمله ويلجئ الطلبة للدروس الخصوصية  لإعتقاده بأنه لا يحصل على حقه في المرتب الذي يرتضيه لنفسه , خاصة مع حقيقة ( عدم الرضا ) وهي الصفة التي يتصف بها معظم البشر مهما كان الدخل أو الوضع الإقتصادي والإجتماعي . 
ثالثا : الغش في الامتحانات
    آفة منتشرة في المجتمع في كل مستويات الدراسة وكذا بين طلاب الأزهر الشريف , من يدرسون القرآن و السنة والفقه الإسلامي من الممكن أن يلجأون إلى غش هذه العلوم في الامتحانات , وهذه الآفة ليست منتشرة بين الطلاب فقط , بل منتشرة أيضا بين أولياء الأمور والمدرسين فأولياء الأمور يشجعون أبنائهم على الغش في الامتحانات من أجل النجاح السهل بلا مجهود , أو لم يقوموا بتربية أبنائهم على القيم والأخلاقيات التي تعصمهم من الوقوع في هذه الرذيلة , والمدرسون يسهلون انتشار هذه الآفة بين الطلاب بعدم تطبيق ضوابط الامتحانات بدقة وتوقيع عقوبات رادعة على الطلاب الذين يلجأون إلى الغش , بل يقتصر دور الملاحظين والمراقبين في الامتحانات على إجراءات الامتحان الروتينية دون الاهتمام بمنع الغش , وموقف الإسلام من الغش واضح تماما من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " من غشنا فليس منا " , والأب أو الأم أو المدرس الذي يسمح للطالب بالغش , أو لا يقوم بدوره في منع الغش وتوقيع عقاب رادع على من يضبط إنما يرتكب عدة جرائم في حق هذا الطالب وفي حق المجتمع , حيث يغرس في الطالب صفات ذميمة تدفعه إلى أن يكون معول هدم في المجتمع , فالطالب الغشاش يتعلم الكسل والاهمال ويتعلم أن يأخذ ما ليس له ولا يضع لنفسه حدودا وحقوقا لا يتخطاها , بل يتعلم أن يأخذ كل ما تصل يده إليه بلا حدود وبلا وازع من ضمير , فلا يفرق بين حقه وحق غيره , ولا يتورع أن يقبل رشوة أو يختلس أو يظلم أو يأخذ حق غيره , بالإضافة إلى نجاحه وحصوله على شهادات علمية لا يستحقها وتأهله للقيام بأعمال لا يجيدها لأنه لم يتعلم أو يدرس بل إعتمد على الغش .     
     لذا يجب تجريم الغش في الامتحانات بالنسبة ( للطالب والمراقب والملاحظ وكل من يسهل الغش ويساعد على انتشاره أو لا يقوم بدوره في منعه وردع من يلجأ إليه ) .
رابعا : تحقيق العدالة الإجتماعية
   من غير المنطقي أو المقبول أو المعقول أن يعين أحد خريجي كلية التجارة مثلا بأحد الوظائف الحكومية الخدمية فيحصل على ( 700 جنيه مرتب شهري ) في نفس الوقت الذي يحصل زميل له حاصل على نفس المؤهل من نفس الجامعة وفي نفس السنة على ( عدة آلاف من الجنيهات ) لالتحاقه بالعمل في ( أحد البنوك أو الضرائب أو الجهاز المركزي للمحاسبات مثلا ) فالعدالة الإجتماعية تقتضي تماثل أو تقارب كبير بين الدخول والمرتبات لكل فئات المجتمع , مع التوزيع العادل للخريجين على المصالح والهيئات بحيث يتقارب أداء جميع العاملين ( ساعات عمل وأعباء ومسئوليات ) , بحيث لا نجد بطالة مقنعة في مصلحة وعجز شديد في مصلحة أخرى , وبالتالي لا تتوفر حجة تفاوت المرتبات بين المصالح المختلفة والمؤهلات المختلفة أيضا , حيث يرتبط ذلك ارتباطا وثيقا بإقبال الطلبة على دراسات معينة وانتشار ثقافة ( كليات القمة ) والرغبة الشديدة لدى جميع الطلبة في الإلتحاق بإحدى هذه الكليات , فلا توجد مثلا رغبة لدى أحد الطلبة في دراسة ( الإقتصاد أو القانون أو الأدب أو اللغة العربية .... ) , ولا يلجأ الطالب إلى أحد هذه المجالات إلا تحت ضغط إنخفاض المجموع , ويؤدي هذا إلى الدراسة الإجبارية أو الإلزامية غير المرتبطة بإمكانيات وقدرات ورغبات وميول الطلبة , بل يسعى كل طالب إلى إحدى كليات القمة حتى يستطيع بعد تخرجه تحقيق دخلا عاليا فقط , فالمقارنة بين مجالات الدراسة تنحصر في مقارنة فرص العمل والدخول والإمكانيات والمزايا المادية والإجتماعية لمختلف المؤهلات والتخصصات ولا يؤخذ في الإعتبار من جانب ( الطالب , وولي الأمر , والقائمين على التعليم ) مدى قدرة الطالب على دراسة علم معين دون غيره .      
    لذا فإن الإرتقاء بمستويات التعليم وتخصص كل طالب فيما يجيده ويستهويه ويستطيع التفوق والإبداع والإبتكار فيه دون تطلعه لدراسة علم معين لأنه سيحقق له بعد التخرج وضعا ماليا وإجتماعيا أعلى يتطلب تحقيق تقاربا كبيرا بين كافة المواطنين في الدولة من حيث ( التقييم المادي والأدبي والإجتماعي ) .
    يساعد هذا أيضا على عدم التفرقة من الطلبة بين العمل الفني والمكتبي والحد من الرغبة الشديدة من الطلبة في الإلتحاق بالتعليم الجامعي والحصول على مؤهل عالي بأية وسيلة .  
خامسا : الدراسة باللغة العربية
   لا يستطيع الطالب أن يحقق التفوق العلمي والقدرة على النقد والتحليل والتعمق في دراسة العلم بما يؤهله للإبداع والإبتكار والتطوير إلا إذا كانت لغة دراسته للعلم هي لغته القومية  , أما أن يتم تدريس العلوم باللغة الإنجليزية فيؤدي هذ ا إلى إقتصار دور الطلبة على معرفة ما يقدمه لنا الغرب دون القدرة على التطوير والإبتكار , فيمكن إسناد مهمة ترجمة كافة كتب العلوم المختلفة إلى اللغة العربية لهيئات متخصصة يعمل بها خريجي كليات ( الألسن والآداب واللغات والترجمة ...) , كما يمكن للطالب أثناء الدراسة الحصول على دورات في اللغة الإنجليزية خاصة في مجال دراسته وتخصصه لإمكانية قيامه بعمله على الوجه الأكمل .
سادسا : زيادة المقررات الدينية
   زيادة المقررات الدينية والإلزام بحفظ القرآن الكريم , مع فصل الطلبة المسلمين عن المسيحيين ( كل في مدارس خاصة ) في مراحل الدراسة حتى الثانوية , حيث أن العلم بالدين هو الأولى والمقدم على العلوم الدنيوية , وهو ضرورة قصوى لجميع المسلمين وليس لطلبة الأزهر فقط , فيمكن دمج التعليم العام مع الأزهري ليتلقى الجميع علوم واحدة ثم يتخصص الطالب في الجامعة في دراسة ما يرغب ( علوم دينية أو دنيوية ) .
سابعا : الامتحانات
   لا يتم تقليد مجتماعات أخرى في الإمتحانات  بل الإلتزام بالطابع المناسب للطالب المصري والبيئة المصرية , فيجب الإقلال من الأسئلة المبرمجة كثيرا والتركيز على الأسئلة التي تختبر إحاطة الطالب بالموضوع ( فهما وليس حفظا ) فيمكنه الإجابة بأسلوبه دون التقيد بالنص الحرفي للكتاب وأن تكون الأسئلة ( إشرح – وضح بإيجاز – علل – ما المقصود من – وضح بالرسم – وضح مدى صحة العبارات الآتية مع التعليل – وضح مع ذكر أمثلة ....) , فالإستفادة من تجارب الدول المتقدمة ضرورة ولكن مع تفعيل ما يتناسب مع واقعنا في مصر للإرتقاء بهذا الواقع , فالباحث العلمي على سبيل المثال لو أجرى أبحاثه في البيئة المصرية لكان لزاما عليه ( الإستفادة مما وصل إليه العلم من تقدم ولكن البدء من حيث إنتهى البحث العلمي في هذا المجال في مصر لإمكانية الإرتقاء بواقع مصر ) , أما إذا بدء من أحدث ما توصل إليه الباحثون في العالم سيخرج البحث معبرا عن مثاليات غير موجودة في الواقع ولن يصلح للتطبيق في مصر لأنه بدء من مستوى متقدم جدا عما هو موجود .
ثامنا : المقررات الدراسية
 يراعى في المقررات الدراسية :
- الإعتماد على الفهم وليس الحفظ .
- تنقية المقررات من الحشو والتركيز على الموضوعات المهمة .
- إعتماد المناهج على الجانب النظرى والعملى .
- تحديث مستمر للمناهج لتلائم التطور العلمى المستمر والمستجدات في البيئة الداخلية والخارجية ومتطلبات سوق العمل بحيث يحصل الطالب على كل ما يحتاجه للقيام بعمله بعد التخرج  بحيث لا يحتاج أن يحصل على دورات تدريبية في مجالات يتطلب سوق العمل إلمامه بها  .
- منع الكتب الخارجية نهائيا وتطوير الكتاب المدرسي ليتضمن شرحا وافيا وأمثلة محلولة وأسئلة  ومسائل وتمارين متنوعة .
- ضرورة الاستفادة من مستجدات العصر ومستحدثات تكنولوجيا المعلومات لتوفير مصادر تعليم جديدة .
تاسعا : تشجيع البحث العلمي
   يتم ذلك بتخفيض تكاليف البحث العلمي بقدر الإمكان على الباحثين , مع زيادة مرتبات الباحثين بما يعادل ما يقومون بإنفاقه على البحث العلمي , لتحفيزهم وتشجيع استمرارهم , فالواقع الآن أن معظم أساتذة الجامعات يتوقفون عن البحث العلمي بعد حصولهم على أعلى درجة علمية (أستاذ) , أي أنه لا يوجد مبرر للبحث العلمي إلا من أجل الترقية نظرا للتكاليف المرتفعة والمجهود الشاق دون جدوى بالنسبة للباحث .
   كما يجب تفعيل دور البحث العلمي في الواقع العملي والإستفادة من نتائج الأبحاث لإحداث تغيير وتطوير على أرض الواقع .
   كما يجب تفعيل دور الحاصلين على درجات علمية (ماجستير ودكتوراه ) من العاملين  بالمصالح والهيئات الحكومية واستخدامهم في البحث العلمي وإجراء الدراسات التقييمية والنقدية لتطوير الأعمال والقوانين واللوائح التي تنظم المصلحة , والإرتقاء بمستوى أداء المصلحة , ولا يجب أن يقومون بنفس الأعمال التي يقوم بها الحاصل على البكالوريوس , وفي هذا إهدار لهذه الكفاءات والقدرات العلمية , حيث يكتفى فقط بمنح الحاصل على الماجستير مائة جنيه والحاصل على الدكتوراة مائتي جنيه شهريا زيادة على زملائهم , ويستمرون في القيام بنفس الأعمال دون إضافة سنوات خبرة أو ترقية أو تغيير مجال العمل أو تحسين حقيقي في مرتباتهم .
عاشرا : الإمكانيات المادية
   زيادة موازنة وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي بما يتيح توفير كافة الإمكانيات المالية والمادية بالمدارس والجامعات والمراكز البحثية ( أجهزة ومعدات ومعامل وأثاثات ) بما يكفي للدراسة والبحث العلمي في مختلف المجالات بأعلى مستوى من الكفاءة .
حادي عشر : تفعيل دور الأجهزة الرقابية
     فالقاعدة الفقهية " يدع الله بالسلطان ما لا يدع بالقرآن " تتطلب تفعيل مبدأ الثواب والعقاب , والرقابة الفعالة والمتابعة الجيدة لجميع عناصر العملية التعليمية ومن أجهزة رقابية متعددة من داخل الهيئة وخارجها حيث جرى العرف على مجاملة الزملاء في العمل وعدم إتخاذ ما يلزم حيال المقصر لذا يجب أن تكون الرقابة على (القائمين على العملية التعليمية ) من أجهزة رقابية متخصصة أخرى إلى جانب الرقابة الداخلية  , مع تطبيق جزاءات رادعة على المخالفين , وأيضا إثابة ومكافأة الجادين بشكل فعال ومجزي وليس بمكافأة رمزية .
ثاني عشر : الجودة التعليمية الشاملة
   يجب الإهتمام بتحقيق الجودة التعليمية الشاملة لكافة عناصر العملية التعليمية في جميع مراحلها بصورة إلزامية , وتفعيل دور الهيئات المعنية بالجودة وتكليفها بتنظيم الدورات التدريبية اللازمة والزيارات الميدانية التوجيهية والقيام بدور رقابي فعال للوصول إلى المستوى المطلوب من الجودة بالنسبة ل ( رسالة المنظمة وأهدافها - التجهيزات المادية - الهيكل الإداري - اللوائح التعليمية والمالية والإدارية - الموارد المالية والبشرية والمادية - العلاقة مع البيئة الخارجية – الإدارة - أعضاء هيئة التدريس ومعاونوهم - الامتحانات والكنترول  - العملية التعليمية  - المكتبة والمعامل والوسائل التعليمية - رعاية وتشجيع وتحفيز الطلاب المتفوقين بشكل مجزي دون الإعتماد على الحوافز الرمزية - الأنشطة الطلابية - البرامج الدراسية - البرامج التدريبية - البرامج البحثية - الخريجين - العلاقات مع الجهات الإشرافية والرقابية على المنظمة التعليمية وكذا المنظمات المختصة بالجودة ) .
ثالث عشر : مدارس اللغات وتدريس اللغة الإنجليزية
    الحاجة الملحة إلى تعريب دراسة كافة العلوم من أجل الوصول إلى علماء مصريين مبدعين ومخترعين تستدعي إلغاء مدارس اللغات وتأخير دراسة اللغات الأجنبية إلى المرحلة الإعدادية حتى يتمكن الطالب من الدراسة المتعمقة لللغة العربية والإنتماء الحقيقي لوطنه ودينه ولغته ( لغة القرآن الكريم ) , وهذا لا يمنع من تدريس اللغات الأجنبية بالمدارس والجامعات وحصول الطلبة والخريجين على الدورات العلمية اللازمة لممارسة أعمالهم ومعرفة القدر الكافي من اللغة الإنجليزية وأن يتخصص بعضهم في دراسة اللغات الأجنبية في المرحلة الجامعية .
رابع عشر :الشهادات وأعمال السنة :
   لكي نحافظ على مستوى الطالب وليكون دائما في تقدم فإنه من الضروري الحفاظ على استمرار الشهادة الإبتدائية والإعدادية والثانوية , ويمكن إعتبار السنة الرابعة الإبتدائية شهادة , حيث إعتاد الطلبة بذل جهد أكبر في الشهادات والمنافسة الحادة بينهم لا تكون تقريبا إلا في الشهادات وكذا أولياء الأمور يبذلون جهدا أكبر في المتابعة والرعاية للأبناء بما يرفع من مستواهم العلمي , كما أن أعمال السنة في ظل انتشار الدروس الخصوصية يجب أن تختفي أو تقل جدا في كل السنوات الدراسية ولا تكون موجودة مطلقا في الشهادات , لأنه بالتأكيد ستستغل أسوأ إستغلال من جانب المدرسين وستمنح لمن يدفع المقابل المادي , فالإمتحان التحريري هو الفيصل لما يتمتع به من ضوابط تحقق الموضوعية . 
خامس عشر : دور الأسرة
     يسعى أعداء الأمة الإسلامية بكل إمكانياتهم إلى تدمير قدرات وإمكانيات الأمة من خلال حرب فكرية وثقافية مستخدمين جملا وعبارات براقة منها (الاهتمام بحقوق المرأة), والادعاء الباطل أن الغرب قد أنصف المرأة وأعطاها حقها كاملا, وأنها نصف المجتمع, ومساوية للرجل وغير ذلك من الأفكار المسمومة التي لا يريدون بها إلا إبعادنا عن الأخلاقيات والفضائل التي هي في الحقيقة السبب الرئيسي في تقدمنا أو تخلفنا.
    ومن المعلوم أن الله خلق الكائنات الحية، وقسم كل مخلوقاته إلى جنسين: ذكر وأنثى، وجعل لكل جنس وظائفه المناسبة لقدراته وإمكاناته وطبيعة خلقته بحيث يتكامل الجنسين في تعمير الكون بالصورة الصحيحة, فالرجل والمرأة متكاملين وليسا متساويين حيث يقوم كل منهما بوظيفة محددة يكمل بها الوظيفة التي يقوم بها الآخر.
    ولكن في الواقع  تقوم المرأة مع الرجل بأعمال مماثلة وكأنهما متماثلين وليسا متكاملين مما يقلل أو يكاد يلغي تماما دور الأم في تربية ومتابعة وتعليم الأبناء وتحفيزهم على بذل الجهد المطلوب في الإتجاه الصحيح , لإمكانية تغيير الواقع الحالي إلى الأفضل وتخريج الأبناء بمستوى أفضل علميا وأخلاقيا وسلوكيا , لذا يجب أن يكون للمرأة دورها المكمل لدور الرجل وليس المتماثل مع دوره حتى لا يقتصر دور الأسرة في التربية على توفير الماديات فقط .
 دكتور
 عبد المنعم أحمد محمد المنسي