المقومات العلمية والأخلاقية للمحاسب المسلم


              المقومات العلمية والأخلاقية للمحاسب المسلم


    المحاسب هو الشخص المنوط به القيام بتنفيذ الدورة المستندية والدفترية اللازمة لإنجاز الوظيفة المحاسبية بالمنظمة , ولا ينجح المحاسب في الإضطلاع بمهمته على الوجه الأكمل إلا إذا كان يتسم بعدة مقومات علمية وأخلاقية يمكن إيجازها في النقاط الآتية :

أولا : المقومات العلمية :
    تتمثل المقومات العلمية فيما يجب أن يتعلمه المحاسب من علوم ومعارف تساعده على أداء عمله , كذا ضرورة تمتعه بالعديد من الصفات الشخصية التي تتطلبها طبيعة عمله , ويمكن توضيح هذه المقومات كالآتي :

(أ) العلوم والمعارف : 
   يجب على المحاسب لكي ينجح في تحقيق مهمته بالمنظمة التي يعمل بها , ولكي يحقق أيضا طموحه في الإرتقاء العلمي والفكري والوظيفي أن يكون ملما بالقدر المناسب من العلوم والمعارف الآتية :
1- كافة أفرع علم المحاسبة .
2- مراجعة الحسابات .
3-    مبادئ الإدارة .
4-    مبادئ الاقتصاد .
5-    المحاسبة الإسلامية والزكاة .
6-    النظام الاقتصادي الإسلامي .
7-    المعلومات والمعارف العامة عن المتغيرات والمستجدات العالمية والمحلية المؤثرة على مهنة المحاسبة وعلى أعمال المنظمة التي يعمل بها .
8-    الحاسب الآلي وتطبيقاته في مجال المحاسبة والمراجعة .
9-    الإنترنت .
10- اللغة الإنجليزية .
11- معايير المحاسبة والمراجعة .
12- القوانين واللوائح المنظمة لممارسة مهنة المحاسبة .
13- متطلبات الحوكمة .
14- طبيعة نشاط المنظمة التي يعمل بها.
15- بورصة الأوراق المالية وسوق المال .
16- التحليل المالي .
17- مبادئ القانون والقانون التجاري وقانون العمل .
18- طبيعة العملية الإدارية بالمنظمة .
19- رسالة المنظمة وأهدافها واستراتيجياتها .
20- طبيعة النظام الاقتصادي العالمي والإقليمي و المحلي .
21- السياسات والتوجهات العامة للدولة .
22- متطلبات تحقيق الجودة الشاملة بالمنظمة .
23- المتطلبات المحاسبية للهيئات المنوط بها الإشراف والرقابة على أعمال المنظمة .

(ب) الصفات الشخصية :
    يمكن إيجاز أهم الصفات الشخصية التي يجب أن يتصف بها المحاسب لكي يستطيع القيام بمسئولياته كاملة وعلى الوجه الأكمل فيما يلي : 
1- الدقة والإتقان في أداء الأعمال .
2- تقديرالمسئوليات والحذر في التصرفات المالية .
3- بذل أقصى جهد في العمل وتحقيق الرقابة الذاتية .
4- تحمل المسئولية .
5- التعاون مع زملائه وتحسين علاقاته بالجميع .
6- تغليب مصلحة المنظمة على أية مصلحة فردية أخرى .
7- التفكير في أساليب جديدة للتجديد والتطوير والإبتكار وإنجاز الأعمال .
8- قوة الشخصية .
9- التعامل مع الواقع والظروف الحقيقية وعدم التعامل مع مثاليات يصعب تحقيقها .
10- التعلم المستمر والتدريب .

ثانيا : المقومات الأخلاقية :
      كما يجب على المحاسب المسلم التحلي بحزمة من الأخلاق والفضائل التي فرضها الله تعالى على المسلمين في تعاملاتهم مع الآخرين من أهمها :
1- الوفاء بالعهود والمواثيق .
2- الأمانة وعدم إفشاء أسرار العمل وأسرار المنظمة .
3- النزاهة أي البعد عن أية ضغوط أو إغراءات لمخالفة أوامر الله عز وجل في ممارسته لعمله خاصة إذا كان يمثل جهة رقابية ( ضرائب – تأمينات .....) .
4- التخلي تماما عن رزيلة النفاق والتملق لرؤسائه .
5- الموضوعية والحياد في التعامل مع رؤسائه ومرؤسيه .
6- السعي لتغيير الأوضاع السيئة والمخالفة للشريعة الإسلامية ولقوانين الدولة في بيئة العمل على قدر إستطاعته وبما يسمح به وضعه الوظيفي .
7- بذل أقصى جهد وإهتمام بتفعيل النظم ( المحاسبية والاقتصادية والإدارية ) المتفقة مع الشريعة الإسلامية .
8- العمل على الإرتقاء بالمنظمة التي يعمل بها وتطويرها .
9- عدم تقديم رشوة أو قبولها أو الوساطة فيها ( لمصلحته الخاصة أو لمصلحة المنظمة).
10- الصدق في التصرفات والمعاملات حتى لو خالف في ذلك تعليمات رؤسائه .
 













"مدى اتفاق أعمال بورصة الأوراق المالية مع الشريعة الإسلامية"

    يعتقد المسلم أن المال مال الله وأنه مستخلف فيه لذا يجب عليه الالتزام بالأخلاقيات والمبادئ التي أرساها الإسلام عند الاستثمار في المال الذي هو مستخلف فيه ومسئول عنه ويمكن إيجاز أهم هذه الأخلاقيات في:
1-    البعد عن الربا بكل صوره لقول الله تعالى " يمحق الله الربا ويربي الصدقات " (البقرة 276).
2-  البعد عن الحيل والغش والاستغلال والتدليس  والاحتكار والتعامل بالعدل والسماحة عند البيع والشراء والقضاء والاقتضاء.
3-    البعد عن الظلم والمقامرة والتغرير والمخاطرة وأكل أموال الناس بالباطل حيث قال الله تعالى:
-       " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " (البقرة 188).
    -  " يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا    تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " (النساء 29).
4-    الوفاء بالوعد لقول الله تعالى " يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " (المائدة 1).
5-    إعطاء كل ذي حق حقه كاملا لقول الله تعالى " فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم " (الأعراف 85).
6-  عدم اكتناز الأموال باستثمارها في مجالات الاستثمار المتفقة مع الشريعة الإسلامية والنافعة للمجتمع والحرص على إخراج الزكاة كاملة لقول الله تعالى "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم" (التوبة 34 و35).
     7- الالتزام بأركان البيع الحلال و تتمثل في ضرورة توافر:                         
-         البائع ولابد أن يكون مالكا لما يبيع وقت إتمام عملية البيع.
-         المشترى.
-  المباع ولابد أن يكون مباحا طاهرا مقدورا على تسليمه للمشترى معلوما للمشترى كما ووصفا .
8-    المنافسة الشريفة المبنية على مبدأ تكافؤ الفرص ولابد من دور قوي للدولة في تحقيق هذا المبدأ.
      ومن أهم مجالات الاستثمار المالي في مصر والعالم: الاستثمار في الأوراق المالية التي يتم تداولها في بورصة الأوراق المالية وهي السوق الذي تتم فيه عمليات تداول الأوراق المالية بيعا وشراء, وتتمثل أهم الأوراق المالية المتداولة في (الأسهم والسندات).
السهم: هو جزء من رأسمال شركة المساهمة, حيث يتم تقسيم رأسمالها إلى أسهم لكل سهم قيمة مالية صغيرة, وحملة الأسهم هم ملاك رأسمال الشركة.
السند: هو جزء من قرض تحصل عليه الشركة من الجمهور لمدة محددة بفائدة سنوية معينة.

ويكون حامل الأسهم أو السندات أمام خيارين أساسيين للاستثمار هما:
-    الاحتفاظ بها للحصول على عائد يتمثل في نصيب الأسهم التي بحوزته من الأرباح التي توزعها الشركة سنويا أو الفائدة السنوية المحددة للسندات التي بحوزته.
-    المضاربة على هذه الأوراق المالية بيعا وشراء في بورصة الأوراق المالية لتحقيق أرباح من الفروق بين أسعار الشراء وأسعار البيع.
    ونظرا لتزايد الاستثمارات في الأوراق المالية  بيعا وشراء ومضاربة في بورصة الأوراق المالية ولأهمية التدقيق وتحري الحلال في المعاملات المالية نوضح حكم الشريعة الإسلامية في هذه الأنشطة والاستثمارات من خلال توضيح حكم التعامل على الأنواع المختلفة من الأوراق المالية وكذلك حكم التعامل على الأوراق المالية الحلال في ظل عدة أنواع من العقود البيعية كالآتي:

أولا : حكم التعامل على الأنواع المختلفة من الأوراق المالية:
      تتمثل أهم الأوراق المالية المتداولة في سوق الأوراق المالية في الأسهم والسندات كما تختلف الشركات المصدرة لهذه الأوراق المالية حسب أنشطتها ومدى مشروعيتها ونوضح ذلك فيما يلي:   
  أ-  حكم التعامل في أسهم المصارف والشركات الربوية:
أجاب الدكتور صديق بن محمد الأمين (من علماء المملكة العربية السعودية) على سؤال: هل يجوز شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا؟
لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا وكان المشتري عالما بذلك, وإذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا ثم علم فالواجب عليه الخروج منها لأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا.
   
     كما أجاب الشيخ بن باز(من علماء المملكة العربية السعودية) على سؤال؟
ما حكم شراء أسهم البنوك وبيعها بعد مدة بحيث الألف بثلاثة آلاف مثلا وهل يعتبر ذلك من الربا؟
    لا يجوز بيع أسهم البنوك ولا شراؤها لكونها بيع نقود بغير اشتراط التساوي والتقايض ولأنها مؤسسات ربوبية, ا يجوز التعامل معها بيعا ولا شراء لقول الله تعالى" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء, رواه الإمام مسلم في صحيحه.

ب - حكم التعامل في أسهم الشركات التي تقوم بأنشطة محرمة:
     يحرم أيضا التعامل على أسهم الشركات التي تقوم بأنشطة محرمة مثل (الخمور والدخان والخنزير والإنتاج السينمائي بشكله الحالي  وغيرها), حيث لا يجوز لمسلم أن يبيع محرما أو نجسا ولا مفضيا إلى حرام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " متفق عليه.
 
    كما أنه لا يجب تشجيع هذا النوع من الشركات التي تتخصص في إنتاج وتقديم منتجات محرمة وضارة ومهلكة للمجتمع, حيث يؤدي شراء أسهمها إلى تقديم الدعم المالي لها وزيادة قدرتها على العمل والإنتاج والاستمرار والنمو.

ج - حكم التعامل في أسهم الشركات غير الربوية وتقوم بأنشطة حلال:
     أجازت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بالمملكة العربية السعودية بيع وشراء الأسهم إذا كانت هذه الأسهم لا تمثل نقودا تمثيلا كليا أو غالبا وهي معلومة للبائع والمشتري, بشرط أن تكون أنشطتها حلالا لا شبهة فيها كشركات الحديد والصلب ومواد البناء والأدوية والأغذية والملابس, كما يشترط أن تكون هذه الشركات غير متعاملة بالربا إقراضا أو اقتراضا وإلا فيكون التعامل معها أيضا محرما.

     وهناك رأي آخر لبعض العلماء (اجتهاد) يجيز التعامل مع هذه الشركات بشرط ألا تزيد نسبة ديون الشركة وقروضها بفوائد عن 30٪ من جملة الديون, وألا تزيد نسبة الفائدة عن 10٪, على أن يقوم المستثمر بالتخلص من هذه الفوائد وتطهير أمواله منها أولا بأول من الربا الذي تخلله.
د ـ حكم التعامل في الأسهم التي تتضمن امتيازات ممنوحة لحامليها:
    تعطى بعض الشركات امتيازات لحاملي بعض الأسهم، من هذه الامتيازات على سبيل المثال:
1-    الامتياز في ضمان رأس المال عند الاسترداد.
2-    الامتياز في ضمان نسبة ثابتة من الأرباح .
3-    الامتياز في أولوية صرف الأرباح المقررة .
4-    الامتياز في التصويت في الجمعية العامة للمساهمين .
5-    الامتياز في الترشيح لعضوية مجلس الإدارة .
وتنطوي الأسهم التي تتضمن امتيازات لحامليها بالنسبة للأرباح أو رأس المال (ضمان رأس المال – نسبة ثابتة من الأرباح – أولوية صرف الأرباح) على ظلم وتفرقة في المعاملة بين حملة الأسهم لذا فهي محرمة شرعا، أما الأسهم التي تتضمن امتيازات تعطي لحامليها بعض  المزايا في الأمور الإدارية والتنظيمية وليس فيها مخالفة شرعية وبناء على التراضي التام بين المساهمين (التصويت في الجمعية العامة - الترشيح لعضوية مجلس الإدارة) فهي جائزة شرعا ويجوز التعامل عليها بيعا وشراء.
ه - حكم التعامل في الأسهم النقدية والأسهم العينية.
يقصد بالأسهم النقدية: أنها الأسهم التي تدفع قيمتها نقداً، وهي جائزة شرعا لا شبهة فيها.
 ويقصد بالأسهم العينية: أنها الأسهم التي تدفع قيمتها في صورة عينية (أصول ثابتة)، والرأي الأرجح للعلماء أنها جائزة في حالة سهولة تقييم الأصول المقدمة ثمنا للأسهم. 

د - حكم التعامل في السندات:
      تتمثل السندات في قرضا تحصل عليه شركة المساهمة من الجمهور وبفائدة محددة وثابتة في العقد وبذلك فهي قرضا يجر نفعا لصاحبه لذا فهو ربا.
وقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجده في المملكة العربية السعودية (14-20) مارس 1990 أن السندات التي تمثل التزاماً بدفع مبلغاً مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط محرمة شرعاً من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول، لأنها قروض ربوبية سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط بالدولة, ولا أثر لتسميتها شهادات أو صكوك استثمارية أو ادخار أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ربحاً أو ريعاً أو عمولة أو عائد.
كما  تحرم أيضاً:
-   السندات ذات الكوبون الصفري باعتبارها قروضاً يجرى بيعها بأقل من قيمتها الاسمية ، ويستفيد أصحابها من الفروق باعتبارها خصماً لهذه السندات.
-   السندات ذات الجوائز باعتبارها قروضاً اشترط فيها نفع أو زيادة بالنسبة لمجموع المقرضين، أو لبعضهم لا على التعيين، فضلاً عن شبهة القمار.
-   السندات وأذونات الخزانة ذات الفائدة الثابتة مضافاً إليها نسبة شائعة من الربح (حيث تتضمن فائدة ربوبية بالإضافة إلى المشاركة في الربح ).
-       السندات ذات الفائدة الثابتة وجوائز اليانصيب (حيث تتضمن فائدة ربوية وقمار).
-       السندات ذات العائد المتغير حسب سعر الفائدة السائد (العائد متغير ولكنه فائدة ربوية).
-   السندات المشاركة في الأرباح والخسائر (جائزة ولكنها تتضمن شبهة ضمان الشركة المصدرة لها سدادها بعد أجل معين) وفي حالة عدم ضمان الشركة سدادها تكون حلال.

ثانيا : حكم التعامل على الأوراق المالية الحلال في ظل عدة أنواع من العقود البيعية:
        يتم التعامل على الأسهم بيعا وشراء عن طريق أنظمة مختلفة وعقود بيعيه متعددة نوضح حكم الشريعة الإسلامية بالنسبة لكل نوع من هذه العقود فيما يلي:

 أ-  حكم عمليات شراء وبيع الأسهم بالطريقة العادية:
    هي العمليات التي يلتزم فيها كل من البائع والمشتري بإتمام الصفقة نقدا, وذلك بأن يتسلم المشتري الأسهم ويسلم ثمنها فورا أو خلال مدة وجيزة جدا.
وهذه الصفقات حلال لاشيء فيها حيث تمثل بيعا وشراء شرعيا وتتفق مع أركان البيع في الفقه الإسلامي.

ب- حكم الشراء بالهامش:
    يتمثل الشراء بالهامش في شراء الورقة المالية بسداد جزء من قيمتها نقدًا، بينما يسدد الباقي بقرض بشرط ضمان الأوراق محل الصفقة.

      وهذه الصورة من التعامل جائزة شرعا في حالة كون الأسهم مملوكة لشركة السمسرة ويقوم العميل بشراء الأسهم محل الصفقة من الشركة  وذلك بدفع نسبة من قيمتها نقدًا، والباقي مؤجلًا، ومن ثم تقوم الشركة برهن جميع الأسهم محل الصفقة إلى أن يسدد العميل المبلغ المتبقي عليه.

ج : حكم المعاملات على المكشوف:
     تتمثل المعاملات الآجلة على الأسهم(على المكشوف) في بيع الشخص أسهم لا يملكها اعتمادا على أنه سيقوم بشرائها في المستقبل وتسليمها للمشتري, وهذه المعاملات غير شرعية لأنها تتضمن ربا وغرر, حيث لا يباع سمك في الماء, ولا جنين في بطن, ولا لبن في ضرع, ولا ثمرة قبل نضجها, ولا سلعة بدون أن يراها المشتري ويفحصها جيدا, أو توصف له وصفا دقيقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر" رواه أحمد في مسنده, وقول بن عمر رضي الله عنه " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع تمر حتى يطعم, أو صوف على ظهر, أو لبن في ضرع, أو سمن في لبن " رواه الدارقطني والبيهقي.

وهناك رأي بجواز هذا البيع قياسا على بيع السلم.
والرد على ذلك:
  يتمثل بيع السلم أو السلف في بيع سلعة بالوصف واستلام ثمنها وتسليم السلعة للمشتري في وقت لاحق.
ويشترط لصحته:
-         أن يكون الثمن نقدا ويسلم للبائع فورا (في مجلس العقد).
-         تحديد ووصف السلعة المباعة بصورة دقيقة.
وتختلف العقود الآجلة في البورصة عن بيع السلم في:
-         في العقود الآجلة يتم سداد الثمن عند التصفية وليس في مجلس العقد.
-    في العقود الآجلة تباع الأسهم قبل استلامها من البائع الأول ويمكن أن تباع عدة مرات قبل أن يتسلمها المشتري, وتتم هذه العمليات سعيا لتحقيق أرباح من فروق الأسعار بصورة مماثلة للمقامرة, أي أن الأسهم تباع دون أن تكون في حوزة البائع. 
وبذلك تختلف المعاملات الآجلة في البورصة عن بيع السلم الجائز شرعا.

د -  حكم التعامل مع العقود الآجلة ( المستقبليات ):
     تتمثل العقود المستقبلية في عقود تعطي لحاملها الحق في شراء أو بيع كمية من أصل معين (قد يكون سلعة أو ورقة مالية) بسعر محدد مسبقًا، على أن يتم التسليم والتسلم في تاريخ لا حق في المستقبل.

    وقد صدرت قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية بتحريم هذا النوع من العقود، لاشتماله على الربا والغرر والقمار ومخالفة الأركان الأساسية لعقد البيع في الفقه الإسلامي.

ه - حكم التعامل على الخيارات:
     الخيار هو عقد  يصدر من البائع للمشتري يعطي للمشتري الحق في شراء أو بيع ورقة مالية في تاريخ لاحق (خلال مدة متفق عليها)، وبسعر يحدد وقت التعاقد، على أن يكون لمشتري الاختيار الحق في التنفيذ من عدمه، وذلك في مقابل أن يقوم المشتري بسداد ثمن هذا العقد للبائع.

    وقد صدرت قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية بتحريم هذا النوع من العقود، لاشتماله على الربا والغرر والقمار ومخالفته لأركان البيع طبقا للفقه الإسلامي حيث أن السلعة المباعة غير حاضرة وغير معروفة ويتم سداد الثمن للعقد لا لسلعة.

 و - حكم المضاربة في البورصة               
تتمثل المضاربة في الفقه الإسلامي  في قيام شخص باستثمار مال غيره, حيث يقدم الأول رأس المال بالكامل, ويقدم الثاني الجهد والإدارة والتشغيل لهذا المال مع اتفاقهما على نسبة معينة لتوزيع الربح, أما الخسارة فيتحملها بالكامل صاحب رأس المال بشرط عدم ثبوت إهمال أو تقصير صاحب حصة العمل, ويكون المشارك بالعمل في هذه الحالة قد خسر جهده دون عائد.

       بينما تتمثل المضاربة في البورصة في البيع والشراء بصفة مستمرة أملا في تحقيق أرباح من الفروق بين أسعار الشراء وأسعار البيع دون أن يكون المضارب مالكا للأوراق المالية التي يتعامل عليها بيعا وشراء, أي أن العمليات التي تتم لا تمثل بيعا حقيقيا وفق الضوابط التي حددتها الشريعة الإسلامية بل تتمثل فقط في دفع وقبض فروق الأسعار, كما تعتمد المضاربة في البورصة على التوقعات كما يتم في القمار, كما يسعى كل مضارب في البورصة إلى احتكار الأوراق المالية ومن ثم التحكم في أسعارها من أجل تحقيق المزيد من الأرباح على حساب الآخرين.

  وبذلك تكون المضاربة في البورصة مخالفة للشريعة الإسلامية للأسباب الآتية:
-         يقوم المضارب ببيع أوراق مالية لا يملكها.
-         عدم وجود سلع حقيقية تنتقل من البائع للمشتري.
-         ما تنطوي عليه المضاربة من قمار واحتكار.
-    ما تقوم عليه من المزايدات في السعر لمن يرغبون في الشراء وما يؤدي إليه ذلك من خداع وتغرير من كبار المضاربين والمحترفين لصغار المضاربين من أجل تحقيق أرباح على حسابهم.
-    لا تعتمد عملية المضاربة في البورصة على معلومات حقيقية عن الأوراق المالية المتداولة من أجل الاعتماد عليها في الوصول للأسعار الحقيقية للأوراق المالية وبالتالي تؤدي المضاربة في البورصة إلى أسعار غير عادلة للأوراق المالية.

ثالثا: زكاة الأسهم:    
     قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد بجدة عام 1988 بعد اضطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص زكاة أسهم الشركات:
1-      تجب زكاة الأسهم على أصحابها وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم.
2-   تخضع أسهم الشركة عند إخراج زكاتها لطريقة إخراج زكاة المال من حيث نوع المال والنصاب والقيمة مع استبعاد الأسهم غير الخاضعة للزكاة من أسهم الخزانة العامة وأسهم الوقف الخيري وأسهم الجهات الخيرية وأسهم غير المسلمين.
3-      إذا لم تزك الشركة أسهمها فإن على كل مساهم إخراج زكاة أسهمه.
4-      إذا لم يستطع المساهم معرفة قيمة الزكاة الواجبة على أسهمه فإنه يكون بين أمرين:
-    إذا كان يقتني الأسهم من أجل الحصول على ريعها السنوي فيتم إخراج الزكاة على الريع وليس على قيمة الأسهم (ربع العشر بعد دوران الحول).
-         إذا كان يقتني هذه الأسهم بغرض التجارة فتزكى كزكاة عروض التجارة (2.5% من القيمة والأرباح).
-         إذا باع المساهم أسهمه أثناء الحول يضم ثمنها لماله ويخرج الزكاة عنه.
-         يقوم المساهم بإخراج زكاة ما اشتراه على النحو السابق. 
 دكتور
 عبد المنعم أحمد محمد المنسي