تطبيق الشريعة الإسلامية الهدف والوسيلة المناسبة


           تطبيق الشريعة الإسلامية  الهدف والوسيلة المناسبة
لا شك أن تحكيم الشريعة الإسلامية وتطبيق أحكامها أمر واجب، وفرض لازم، وحكم قاطع ثابت بالأدلة الصحيحة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ولا خيار لمسلم ولا مسلمة ولا لمجتمع من المجتمعات في ذلك، ومن اختار شرعًا غير شرع الله أو بدل وعطل فقد أوقع نفسه في غضب الله ومقته وسخطه فضلاً عما يلحقه في الدنيا من شقاء وعنت ومشقة وحرج، والنصوص كثيرة في ذلك مما يبين أن تحكيم الشريعة الإسلامية من لوازم الإيمان ومقتضى الإسلام، قال تعالى (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (65)) (النساء).
ومن خصائص أحكام هذه الشريعة أنها كلٌّ متحد مترابط متناسق، يؤخذ جملةً وتفصيلاً دون انتقاء وتشهٍ، ولا يمكن أن تستقيم معاملات الناس وفق الشريعة دون عقيدة صحيحة وأخلاق قويمة، وعبادة سليمة، وقد وضعت هذه الأحكام منسجمة مع بعضها الآخر، مكملة له، فالفصل بين أحكامها بتر لها وإخراج لها عن مسارها الصحيح، كما يقول الشيخ شلتوت: "العقيدة في الوضع الإسلامي هي الأصل الذي تبنى عليه الشريعة، والشريعة أثر تستتبعه العقيدة، ومن ثمّ فلا وجود للشريعة في الإسلام إلا بوجود العقيدة، ولا ازدهار للشريعة إلا في ظل العقيدة، ذلك أن الشريعة بدون العقيدة علو ليس له أساس، فهي لا تستند إلى تلك القوة المعنوية التي توحي باحترام الشريعة ومراعاة قوانينها، والعمل بموجبها دون حاجة إلى قوة من خارج النفس".
وفي مقابل هذه الأحكام الجلية هناك واقع مرير للأمة في علاقتها بالشريعة الإسلامية ليس وليد اليوم، وإنما ابتدأ منذ أكثر من قرنين، واشتد بأسه مع سقوط الخلافة الإسلامية على أيدي العلمانيين، الذي حرصوا من خلال تربعهم على عرش كثير من الحكومات العربية والإسلامية أن يحدثوا خللاً في البنية الفكرية للشعوب الإسلامية، لتعيش في فصام نكد بين ما تؤمن به وتعتقده، وما تطبقه في حياتها من مناهج وأنظمة، فبينما تعتقد أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق المدبر الحكيم العليم اللطيف الخبير، وتؤمن بالقرآن وما فيه من آيات وأحكام لكنها في كثير من مجالات حياتها تخالف ما تؤمن به وما تعتقده إن لم يتزلزل إيمانها الكامل ببعض الأحكام حيث لا تعدم نفرًا من المسلمين يتكلمون عن الربا وكأنه المنقذ للاقتصاد، ويستبشع تطبيق الحدود، ولا يجد غضاضة في التحاكم إلى القوانين الوضعية، بل ويعتبرها هي المرجعية والحضارة، وزاد من تجذر هذا الفصام أن الدول التي تعلن تطبيقها للشريعة الإسلامية لم تقم بالتطبيق الكامل بحيث تقدم نموذجًا مغريًا يدفع حتى ولو لمحاكاتها إنما للأسف شوهت الشريعة الإسلامية بتطبيقها الخاطئ.
في ظل هذا الواقع بدت مسألة من المسائل المهمة التي تواجه الحركات الإسلامية الصاعدة والتي تتبنى الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية بالكامل، فماذا عساها أن تفعل أمام هذا الواقع المر، فهل تقوم بفرض الشريعة الإسلامية بالكامل من خلال القوانين التي تصدرها المجالس البرلمانية التي يشكل الإسلاميون فيها الأغلبية، وتعمل الحكومة على فرض الالتزام بها بقوة القانون وإجبار السلطة التنفيذية؟ أم يطبق ما تقدر عليه الدولة حسب ظروفها وإمكاناتها في الوقت الذي تعمل فيه على إزالة العوائق أمام الأحكام التي يتعذر عليها تطبيقه في الحال؟
إزاء هذا الجدل برز موضوع "التدرج في تطبيق الشريعة الإسلامية" حيث يجب تجنب السرعة والتهور والقفز المباشر دفعة واحدة، خشية العواقب السيئة التي يغلب وقوعها، نتيجة للمعوقات الكثيرة التي تعترض تطبيق الشريعة.

أولا :التدرج في التشريع:-
ظهر الإسلام بين العرب وقد تأصلت في نفوسهم غرائز لا يسهل اقتلاعها طفرة، وإلا لأدى ذلك إلى الحرج، من أجل ذلك نزل القرآن منجماً، قال -تعالى- (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً) . وجاءت أحكامه التكليفية تباعاً بعد حدوث أسباب تقضيها، كي يكون ذلك أوقع في النفس وأقرب إلى الانقياد، وتتهيأ النفوس بالحكم السابق لتلقي الحكم اللائق فيسهل عليه الأمر وكثيراً ما سلك التشريع التدرج في حكم الشيء الواحد، والانتقال به من حالة إلى حالة أخرى، إلى أن يصل إلى الحكم النهائي، فم يكن التدرج مقتصراً على التشريعات الكلية.

والتدرج في التشريع: هو نزول الأحكام الشرعية على المسلمين شيئاً فشيئاً طوال فترة البعثة النبوية حتى انتهى بتمام الشريعة وكمال الإسلام.

ثانيا :التدرج في التطبيق:
يقصد من التدرج في التطبيق أمران:
الأول : بيان الأحكام الشرعية للناس شيئاً فشيئاً، لتتم معرفتهم، واستيعابهم لها، وإدراكهم لحقيقتها، والتدرج فيها من الأيسر إلى ما يليه، ومن السهل إلى الأشد، ومن القريب لأذهانهم إلى ما بعد عنهم، حتى ينخرطوا في دين الله وشرعه، ويقتنعوا به، ويلتزموا بأحكامه فكراً وسلوكاً، وهذا واجب العلماء والدعاة خاصة، وواجب كل مسلم عامة.

الثاني : وضع الأحكام الشرعية في أنظمة وقوانين للانتقال بالامة والمجتمع والدولة من الأنظمة والقوانين الوضعية والمطبقة عملياً إلى الأنظمة والقوانين المستمدة من الشريعة السمحة، ليسود دين الله وشرعه في التعامل وسائر شؤون الحياة، وهذا يعني عدم تطبيق الشريعة فجأة أو دفعة واحدة، أو استعجال الأمر، بل يوجب وضع الخطوات المدروسة في سبيل ذلك لتأمين النجاح أولاً، والاستمرار ثانياً.

وهذا واجب المختصين في الشريعة، والمختصين في التنظيم وإعداد المشروعات، وواجب الحكام وأولي الأمر.

وهذا يقتضي وجوب التعاون بينهم، مع السعي الحثيث والجاد لتطبيقه وتنفيذه، ومع حسن النية في ذلك، وإخلاص القصد لله تعالى، والتوجه إليه بطلب العون والتوفيق والسداد.

فالتدرج في التطبيق هو تطبيق جزئي لبعض الأحكام الشرعية التي تهيأت الظروف المناسبة لها، ثم السعي لتهيئة المجال لتطبيق الجزء الثاني من الأحكام، وهكذا حتى يتم تطبيق الشريعة كاملة في الحياة والمجتمع، على أن يتم أثناء ذلك بيان المبادئ الأساسية في سائر الأحكام، وخاصة المحرمات التي يوجه الناس إلى تركها والامتناع عنها ريثما يتم معالجتها وتطبيق الأحكام الشرعية فيها، فإذا انتهت مراحل التدرج تحقق فعلاً تطبيق الشريعة بعون الله وتوفيقه.

ثالثا  : منهج القرآن الكريم في التدرج:

الآيات الكريمة التي تدل على مشروعية التدرج في التشريع منها، قوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم، واسمعوا وأطيعوا) التغابن/16،

وقوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) البقرة/185،

وقوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) الحج/78،

وقوله تعالى: (الذين يتبعون النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) الأعراف/157.

وهذه الآيات الكريمة :
تدل على التدرج في التشريع الأول،
وتدل ثانياً على التدرج في العودة إلى التطبيق في كل وقت.

ونؤكد على ذلك بذكر بعض الآيات الأخرى:

1 –
قال الله تعالى: (ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) النحل/125.

قال القرطبي: "هذه الآية نزلت بمكة في وقت الأمر بمهادنة قريش، وأمره أن يدعو إلى دين الله وشرعه بتلطف ولين، دون مخاشنة وتعنيف، وهكذا ينبغي أن يوعظ المسلمون إلى يوم القيامة، فهي محكمة من جهة العصاة من الموحدين، ومنسوخة بالقتال في حق الكافرين، وقد قيل: إن من أمكنت معه هذه الأحوال من الكفار، ورجي إيمانه بها دون قتال فهي فيه محكمة"،
وقال القاسمي: "بالمقالة المحكمة الصحيحة، وهو الدليل الموضح للحق الذي لا شبهة فيه، والعبر اللطيفة، والطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين وحسن الخطاب من غير عنف فإن ذلك أبلغ في تسكين لهبهم" .

وإن الله تعالى حكيم يضع الأشياء في محلها، وأمر بالحكمة في آيات كثيرة،
وإن التدرج في التطبيق من لوازم الحكمة التي عرفها ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى فقال: "فعل ما ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، وعلى الشكل الذي ينبغي".

ولا ينكر أحد أن التدرج في التطبيق من الحكمة التي يجب على الحكام مراعاتها، والعمل بموجبها.

2 –
قال الله تعالى: (قل هذه سبيلي، أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني، وسبحان الله، وما أنا من المشركين) يوسف/108.

قال القرطبي: "أي قل يا محمد: هذه طريقتي وسنتي ومنهاجي..، ودعوتي..، وديني، أي الذي أنا عليه، وأدعو إليه، يؤدي إلى الجنة، "على بصيرة" أي على يقين وحق".

وإن العمل على تطبيق الشريعة ينبغي أن يكون على بصيرة من الأمر، ودراية في أحواله.

 –
قال تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم، وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض، كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً) النور/55.

قال أبو العالية: "مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين بعد ما أوحي إليه خائفاً هو وأصحابه، يدعون إلى الله سراً وجهراً، ثم أمر بالهجرة إلى المدينة...، وقال قوم: هذا وعد لجميع الأمة في ملك الأرض كلها تحت كلمة الإسلام..، واستخلافهم هو أن يملكهم البلاد، ويجعلهم أهلها...، "وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم" وهو الإسلام".

وهذا الاستخلاف والتمكين، والتبديل للأمن لا يتم إلا بالتدرج في التطبيق شيئاً فشيئاً، وهو ما حصل قديماً مع المسلمين أكثر من مرة، ويحصل مع غيرهم أيضاً.
رابعا: منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في التدرج:

من تتبع منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في التدرج التشريعي من الناحية القولية في أحاديث كثيرة ،
ومن الناحية الفعلية العملية في ممارسة الدعوة أولاً فأولاً، وخطوة فخطوة، وأنه بنى المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية لبنة لبنة، وحجراً حجراً حتى اكتمل البناء، ثم أرسل البعوث والرسل لدعوة الشعوب والحكام خارج الجزيرة العربية.

ووردت أحاديث كثيرة تدل على سماحة الإسلام، والتيسير فيه، والسهولة المحمودة في أحكامه،
نذكر طرفاً منها:

1 –
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن دين الله يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"
رواه البخاري (1/23) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

فأحكام الدين يسيرة، وتطبيقها يسير، والمنهج للعمل بها يسير، وإن التشدد فيه يؤدي إلى عكس النتائج،
قال النووي رحمه الله: "إلا غلبه: أي الدين، وعجز ذلك المشاد عن مقاومة الدين لكثرة طرقه" رياض الصالحين بشرح نزهة المتقين 1/168

2 –
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثماً" هذا الحديث رواه البخاري (3/1306) ومسلم (15/109) وأحمد (6/85, 113).

فالتخيير بين أمرين من الأحكام والتكاليف والأعمال يقتضي اختيار الأسهل على الناس والمكلفين للأخذ بيدهم إلى الاستجابة وحسن التطبيق والالتزام.

3 –
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن هذا الدين متين، فأوغلوا به برفق" هذا الحديث رواه الإمام أحمد (3/199)،

وهذا أمر للأفراد أن يسيروا بالدين برفق ويسر، وبدون تكلف وتشدد ومغالاة تؤدي بهم إلى الانقطاع وترك العمل، ويكون ذلك بالنسبة للدولة والحكام وأولي الأمر بالأولى أن يأخذوا الناس باللين والتدرج.

قال الغزالي: "أراد بهذا الحديث أن لا يكلف نفسه في أعماله الدينية ما يخالف العادة، بل يكون بتلطف وتدريج، فلا ينتقل دفعة واحدة إلى الطرف الأقصى من التبدل، فإن الطبع نفور ولا يمكن نقله عن أخلاقه الرديئة إلا شيئاً فشيئاً حتى تنفصم تلك الصفات المذمومة الراسخة فيه، ومن لم يراع التدرج، وتوغل دفعة واحدة ترقى إلى حالة تشق عليه فتنعكس أموره، فيصير ما كان محبوباً عنده ممقوتاً، وما كان مكروهاً عنده مشرباً هنيئاً لا ينفر منه، وهذا لا يعرف إلا بالتجربة والذوق" فيض القدير 2/544.

4 –
روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه" هذا الحديث رواه البخاري (6/2658) ومسلم (15/109).
فالأمر بأداء الأوامر والأعمال يكون حسب الاستطاعة مع بذلك الوسع في ذلك، وقال بعض أهل العلم: يؤخذ منه أن النهي أشد من الأمر، لأن النهي لم يرخص في ارتكاب شيء منه، والأمر قيد بحسب الاستطاعة،
وروي هذا عن الإمام أحمد رحمه الله، وقالت طائفة: لأن الامتثال للأمر لا يحصل إلا بعمل، والعمل يتوقف وجوده على شروط وأسباب، وبعضها قد لا يستطاع، ولذلك قيده بالاستطاعة، كما قيد الأمر بالتقوى بالاستطاعة، قال الله عز وجل: (فاتقوا الله ما استطعتم) التغابن/16، وتأكد ذلك بما رواه ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "استقيموا ولن تحصوا" هذا الحديث رواه أحمد (5/277،282) وابن ماجه (1/101) والحاكم (1/130)، يعني لن تقدروا على الاستقامة كلها ، جامع العلوم والحكم 1/257, 268, 270 .

5 –
عن عائشة رضي الله عنها الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية، لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين، باباً شرقياً وباباً غربياً، فبلغت به أساس إبراهيم" هذا الحديث رواه البخاري (فتح الباري 1/324 نشر دار المعرفة) ومسلم (9/88، 90) وأحمد (6/106،176،179).

وهذا من أصرح الأدلة على التدرج في التطبيق،لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك هذا الأمر، الذي يراه الأفضل دفعاً للمفسدة التي قد تقع من المسلمين لقرب عهدهم بالإسلام، وتأثرهم بما ألفوه في بناء البيت، فيكون التغيير منفراً لهم، ومفسدة في دينهم، فدرء المفسدة مقدم على تحقيق المصلحة.

ومن تتبع الأحاديث الشريفة وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأكد من مشروعية التدرج في التطبيق، ويدرك مسوغاته كاملة


خامسا:التدرج سنة في الكون:

إن التدرج في الحياة عامة سنة من سنن الله عز وجل في هذا الكون، وأن الله تعالى أقام الأسباب ورتب عليها المسببات والأحكام، وأن بعضها يتدرج إثر بعض، ويعتمد وجود بعضها على وجود الآخر، وأن المقدمات تسبق النتائج، لتكون الأمور منطقية وعقلية، ليتدرب الناس على هذا المنهج الإلهي في الكون، ويقتفون خطاه في الحياة، فالمسبب لابد له من سبب، والنتيجة لا تتحقق بدون مقدماتها، وإذا عدم السبب عدم المسبب، وإذا فقدت المقدمة انعدمت النتيجة.

فالإنسان يزرع ليحصد، ويتزوج لينجب ويستمر النسل، والمطر ينزل ليخرج النبات، والرياح تجري لتلقح الأشجار، ويتشكل السحاب ليخرج الودق من خلاله ويهطل على الأرض، وهذا يؤكد وجوب التدرج والتتابع في الأعمال لتحقيق الوصول إلى الغايات.

إن المسلم عامة، والحاكم خاصة لا يكلف شرعاً إلا بما يمكنه، وهذا الإمكان متتابع، ويتم مع الزمن، وليس له قدرة خارقة، ليكون عمله "كن فيكون" بل يجتهد ويسعى للوصول إلى هدفه بحسب إمكانه.

يقول ابن تيمية رحمة الله تعالى: "فالواجب على المسلم أن يجتهد وسعه، فمن ولي ولاية يقصد بها طاعة الله وإقامة ما يمكنه من دينه ومصالح المسلمين، وأقام فيها ما يمكنه من ترك المحرمات، لم يؤاخذ بما يعجز عنه، فإن تولية الأبرار خير للأمة من تولية الفجار".

سادسا :  التطبيق الجزئي سبيل للتطبيق الكلي:
إن التدرج في التطبيق يعني إقامة الشرع جزءاً فجزءاً، فإذا حانت الفرصة واستكملت عناصر جانب من الشرع فيجب تطبيقه والعمل به، ولا يجوز تأجيله وتأخيره لاستكمال جميع الجوانب التي لا ترتبط به ارتباطاً مباشراً.

يقول الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله تعالى عن العقوبات الشرعية مثلاً: "فإذا لوحظ أن تطبيق عقوبة الحدود الأربعة أصبح متعذراً في زمان أو مكان، فمن الممكن تطبيق عقوبة أخرى، ولا يوجب هذا ترك الشريعة أجمع"
(
المدخل الفقهي العام 1/51، وقد توفي المؤلف رحمه الله أثناء كتابة هذا البحث يوم السبت في 20/3/1420هـ ).

ويقول عن مشكلة الربا والفائدة في المعاملات التجارية وأعمال المصارف: "إن هذه المشكلة يمكن حلها في مبادئ الشريعة بطرق عديدة، إما بالاستناد إلى قاعدة الضرورات أو الحاجات والتدابير الاستثنائية الموقوتة إلى أن يقام في المجتمع الإسلامي نظام اقتصادي متجانس يغني الناس عن الالتجاء إلى نظام الفائدة" ( المدخل الفقهي العام 1/51 ).

وهذا يؤيد الدعوة إلى الالتزام المرحلي بالأحكام، ليتم التطبيق الكلي والكامل،
ويقول الأستاذ توفيق علي وهبة: "وليس معنى دعوتنا إلى تطبيق الإسلام كاملاً هو الانتظار لحين تغيير كل القوانين والنظم مرة واحدة، ولكن نبدأ في العودة إلى التشريع الإسلامي، وتطبيق ما يتم إنجازه من قوانين أولاً بأول، إلى أن يتم تطبيق الشريعة الإسلامية تطبيقاً كاملاً
(
الإسلام شريعة الحياة، ص10 ).


سابعا : مراعاة الواقع:

إن واقع المسلمين اليوم يختلط فيه الحلال مع الحرام، وتتعدد فيه القوانين والأنظمة المختلطة من الشريعة الإسلامية، ومن غيرها، وإن المجتمع اليوم لا يمكن تسميته مجتمعاً إسلامياً، وبالتالي فلا يمكن تطبيق الأحكام الشرعية عليه دفعة واحدة، ولابد من التدرج والروية.

يقول الدكتور عجيل النشمي: "وإذا كان من المستحيل أن يطبق هذا النظام على مجتمع لا يدين بالإسلام، فإنه من العسير تحقيق أحكام هذا القانون في مجتمع إسلامي تكدرت فيه بعض المشارب الأسرية والاجتماعية، وبعدت عنه في بعض النواحي، فلابد من إزالة هذا الكدر، وتقريب هذا البعد حتى يزاول التشريع الإسلامي مهمته" .

وإن كثيراً من المسلمين: أفراداً وجماعات يتفاوتون في معرفة الشرع والتمسك بأحكامه، وكثير منهم لا يعرف من الإسلام إلا اسمه، وبعضهم يقتصر على العبادات، وبعضهم يلتزم بمجرد الأخلاق، وأغلبهم لا يطبق أحكام الشرع، فكانت الحكمة والمنطق والعقل يفرض وضع الجداول الزمنية لتطبيق الشريعة، للأخذ بيد هؤلاء نحو التطبيق خطوة خطوة.









    أهمية تعدد الزوجات في المساهمة في حل مشاكل المجتمع المسلم

   الإسلام منهج حياة يحقق للمجتمع الرقي والتقدم , ويحقق الرعاية الكاملة لكل فئاته , فلا يهتم يتحقيق مصلحة فئة على حساب أخرى , وقد شرع الله سبحانه وتعالى تعدد الزوجات حلا لمشاكل كثيرة تواجه المجتمع منها زيادة عدد النساء على عدد الرجال حيث يعتبر الرجال وقود المعارك تاركين زوجات وأبناء لابد من الاهتمام برعايتهم بصورة مماثلة لكل أفراد المجتمع , وسيتم تناول موضوع تعدد الزوجات في الإسلام بمناقشة الموضوعات الرئيسية الآتية :
 
أولا: الأدلة من القرآن الكريم على مشروعية التعدد:
يقول الله تعالى في كتابه العزيز :
-   " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا " .  ( النساء : 3 )
-   "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما " . ( النساء : 129 )
-       "وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف " . ( النساء : 23 )
    تدل الآيات القرآنية السابقة دلالة قاطعة على جواز تعدد الزوجات وأن التعدد هو الأصل والقاعدة أما الاستثناء أن يخشى الإنسان على نفسه من عدم العدل بين الزوجات فيقتصر على واحدة , لذا لا يتم تقييد الأصل أو القاعدة وتفعيل الاستثناء , وقد طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة بعد نزول آية التعدد مفارقة ما يزيد على أربع , بحيث يجوز الإبقاء على أربع بلا قيد أو شرط .

ثانيا : شروط التعدد :
تتمثل شروط تعدد الزوجات في :
1-      العدد : حيث لا يجب أن يزيد الزوج على أربع زوجات في عصمته في وقت واحد .
2-      العدل : حيث يشترط لتعدد الزوجات العدل بينهن في المأكل والملبس والمسكن والمبيت والنفقات والمعاملة .
أما العدل في ميل القلب فلا يملكه الإنسان بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم  " اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك "(رواه الترمذي) و يفهم من الحديث أن الرجل غير مؤاخذ على عدم العدل في عاطفته بين زوجاته وغير آثم على ذلك ما لم يصرفه عن العدل المادي , فإن كان هناك عدم عدل في الحب بين الزوجات فلا يمنع هذا من العدل المادي بينهن , فلا يحمل الرجل حبه لإحدى زوجاته أكثر على الميل لها والجور على الأخرى , فلا يتحرك الرجل بعاطفته , ولكن عليه العدل فيما يستطيع وهو العدل في الأمور المادية ( المأكل والمبيت ...) .
    كما أن عدم العدل في العاطفة ليس مبررا لمنع التعدد لأن العدل في العاطفة والحب لا يملكه الإنسان رغم ذلك أباح الله التعدد وليس معقولا أن يبيح الله تعالى تعدد الزوجات ثم يشترط لذلك شرطا ليس في استطاعة الإنسان الوفاء به فقد قال الله تعالى : "لايكلف الله نفساً إلا وسعها"  ( البقرة : 286 ) , والعدل والمحبة والميل القلبي هو الذي قال عنه الله سبحانه وتعالى : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساءولوحرصتم ).( النساء : 23 )
3-      عدم الجمع بين الأختين : حيث يحرم أن يتزوج رجل أختين معا في وقت واحد .
4-   عدم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها : حيث نهي الرسول صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو العمة على ابنة أخيها ، أو المرأة على خالتها أو الخالة على بنت أختها.( سنن الترمذي )

ثالثا : شروط شيطانية لتعدد الزوجات :
    لم يشترط شرع الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه شروطا لتعدد الزوجات غير ما سبق توضيحه , أما شياطين الجن وشياطين الإنس في هذا الزمان فيتجرئون على الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم بشروط ما أنزل الله بها من سلطان مثل :
1-     موافقة الزوجة الأولى :
وهذا ليس شرطا للزواج بأخرى بدليل قول الله تعالى : ( فانكحوا ما طاب لكم ) والخطاب للرجال .
2-     ضرورة أن يكون الرجل مفتقدا لأشياء ضرورية من زوجته :
    ولا يستطيع مسلم أن ينكر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتعدد وكذا صحابته رضي الله عنهم أجمعين , لذا يعتبر إنكار التعدد أو وضع شروط له لم يضعها الله ورسوله إتهام للرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام بعدم فهم نصوص القرآن , وحتى إن قبلنا هذا شرطا للتعدد فمن الذي يحدد أوجه النقص في الزوجة التي تتطلب زواج زوجها بغيرها ؟ , إنه بلا شك الزوج هو الذي يحدد ذلك ولا يستطيع أي إنسان آخر تحديد إحتياجات الزوج ومدى توافرها في زوجته لا الزوجة ولا القاضي ولا أي إنسان آخر.

رابعا : تصرفات مخالفة للشرع تقوم بها الزوجات عند التعدد : 
1- طلب الزوجة الطلاق من زوجها لزواجه بأخرى : إثم ومخالفة شرعية لأن فيه تحريم ما أحل الله وإعتراض على شرعه سبحانه وتعالى .
2- إعتبار الزواج بأخرى إضرار للزوجة الأولى : فيه أيضا تجرؤ على الله تعالى حيث لم يبح الله عز وجل شيئا فيه ضررا لأحد .
3- سؤء معاملة الزوجة لزوجها في حالة زواجه بأخرى : وقد يحمله ذلك على عدم العدل بين زوجاته وهجر الزوجة الأولى لرفضها تصرف الرجل الشرعي وتغيير معاملتها له وإعتبارها زوجها والزوجة الأخرى أعداء لها.
    لذا فإن عاطفة المرأة من حب للزوج وغيرة عليه ورغبة في الاستئثار به دون غيرها لا يجب أن يجعلها تخالف شرع الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي جاء ليحقق المصلحة لكل النساء وليس للمتزوجات فقط , كما أن الرجل عند إلتزامه بشرع الله عز وجل يستطيع أن يعطي لزوجاته أكثر مما يتوقعنه منه , وربما كان الرجل متزوج من واحدة فقط ولا تستطيع أن تحصل منه على جزء من حقوقها , وربما يكون زوجا لعدة زوجات وتحصل كل واحدة منهن على أكثر من حقوقها وبصورة أفضل بكثير من زوجات أخرى , فالعبرة بتقوى الرجل وصلاحه وليس بعدد زوجاته , وعلى السيدة ألا تشدد على نفسها فيشدد الله عليها بل تقبل شرع الله عز وجل بالرضا والتسليم والثقة فيما عند الله فيكون جزاء الله عز وجل لها كل الأمان والإستقرار والحب والعطاء من الزوج حيث يقول الله تعالى " لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ".
    كما أن الإسلام لم يحرم الزوجة الأولى من الخصوصية التامة والاستقلال في حياتها بعيدة عن الزوجة أو الزوجات الأخرى لها بيتها الخاص وحياتها وحقوقها الزوجية على الرجل ولا سيطرة من إحداهن على الأخرى أو تدخل في شئونها .

خامسا : الحكمة من تعدد الزوجات ومبرراته :
 1- المرأة خلقها الله مكفولة من الرجل من الناحية المادية والمعنوية والرعاية حيث قال الله تعالى "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " , وإذا كانت المرأة لا عائل لها حيث أنها مطلقة أو أرملة أو لم تتزوج فإن الحل الشرعي الذي يحقق للمجتمع التكافل والتضامن هو زواج أحد المسلمين من هذه السيدة لتحقيق الكفاية لها بدلا من لجوئها إلى مخالفة شرع الله عز وجل عند سعيها لإعالة نفسها.
2- تعدد الزوجات هو الطريق الصحيح الطاهر النقي لإشباع الرغبات النفسية والجنسية للمحافظة على الأخلاق والأمن والإستقرار في المجتمع , بدلا من اللجوء إلى أساليب محرمة شرعا فقد حرم الله الزنا لما فيه من الشرور والمفاسد التي لا حصر لها للرجل وللمرأة والمجتمع .
3- زيادة عدد السيدات في العالم على عدد الرجال وهذا طبقا لإحصائيات رسمية , وهذه الزيادة ترجع لأمور طبيعية ( إرادة الله عز وجل ) حيث يفوق عدد المواليد من الإناث عدد المواليد من الذكور , كما تنشأ هذه الظاهرة نتيجة للحروب التي تؤدي إلى كثرة القتلى من الرجال وبالتالي زيادة عدد النساء على عدد الرجال ففي مجتمعات معاصرة مثل ( البوسنة والهرسك – العراق وإيران حيث ظلت الحرب بينهما لفترة تعدت ثماني سنوات – الحربين العالميتين الأولى والثانية ) مما أدى إلى وجود زيادة في عدد النساء على عدد الرجال مما يستوجب الحل الصحيح من شرع لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ومن كتاب قال الله تعالى عنه " وما فرطنا في الكتاب من شيء ".
4- أباح الله تعالى معاشرة الأمة ( الجارية ) معاشرة الزوجة هذا لأن الإسلام وضع الضوابط الحكيمة للقضاء على الرق والعبودية لغير الله وتملك إنسان لإنسان آخر, وهذا هو أحد الأساليب حيث أن إنجاب الرجل من جاريته ولدا يصبح الولد حرا وإبنا لهذا السيد , وكذا أمه حرة وزوجة له وأما لولده مما يسهل القضاء على هذه العنصرية وبالفعل تم ذلك .
5- أعطى الله سبحانه وتعالى للرجل قدرة جنسية أكبر بكثير من المرأة و لفترات أطول بكثير بالإضافة لإنشغال المرأة الطبيعي عن الرجل في أوقات الحمل والحيض والنفاث مما يجعل الرجل أكثر عرضة لإرتكاب ما نهى الله عنه أو كبت فطرته الطبيعية مما قد يؤدي به إلى كراهية زوجته .
6- قد تكون الزوجة عقيما غير قادرة على الإنجاب ويرغب الزوج في أن تكون له ذرية وهذا حقه الشرعي , كما قد تكون الزوجة مريضة ولا تستطيع الوفاء بمتطلبات الرجل , وعند ذلك فإن التعدد يحقق للزوج مطالبه الشرعية وأيضا يحقق للزوجة الإستقرار الأسري حيث تعيش تحت رعاية زوج بدل من أن تطلق وتبقى وحيدة .
7- قد تكون للرجل رغبة قوية في الإكثار من النسل وقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذلك حيث قال صلى الله عليه وسلم: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة" ( سنن النسائي ) , "تناكحوا تكاثروا فإني أباهي بكم الأمم" .
8- عند كراهية الزوج لزوجته لأية أسباب فإن التعدد يحل هذه المشكلة بإتاحة الفرصة أمام الرجل للزواج بأخرى يتوافق معها وفي نفس الوقت تظل الزوجة مكفولة من زوجها .
9- كما يسهم تعدد الزوجات في حل مشاكل كثيرة لزوجات فقدن أزواجهن ومعهن أطفال , مما يستوجب على المجتمع المسلم توفير الحماية والرعاية لهن وأطفالهن ومن هذه الحالات وفاة الأخ وعنده أطفال مما يستوجب على أخيه الزواج بأرملته لإعفافها ورعايتها مع أولادها الأيتام , أو أن يكون للرجل قريبة لا عائل لها ويرغب في كفالتها ورعايتها بطريقة شرعية تمنعها من الوقوع في معصية الله عز وجل .

سادسا : مبررات شيطانية لتقييد التعدد والرد عليها
1- يؤدي تعدد الزوجات إلى مشاكل وخلافات أسرية بين الزوجات وبينهن وبين الزوج مما يؤدي إلى التفكك الأسري وإهمال الأبناء .
والرد على ذلك :
     هل حدثت مثل هذه المشاكل للرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ؟ بالتأكيد لم تحدث لأن المشكلة تتمثل في بعدنا عن منهج الله وضعف الإيمان الذي يؤدي إلى عدم تقبل شرع الله عز وجل , الذي يستهدف أساسا تحقيق السعادة والأمان والإستقرار للبشرية كلها , والذي جاء أساسا للقضاء على المشاكل وأسباب النزاع فإذا تقبلنا منهج الله عز وجل على هذا النحو عند ذلك يتحقق كل الخير في الدنيا والآخرة , فالمسلمون في هذا الزمان لم يتخذوا من منهج الله وشرعه مرجعية لهم , فالقاعدة الإيمانية التي لا غنى عنها مطلقا للمسلم ( إذا كان الله قد أمر فالسمع والطاعة بلا إعمال للعقل لأنه لا إجتهاد مع نص ولأن الله عز وجل لا يأمر إلا بالخير ولا ينهى إلا عن الشر فالله عز وجل أرحم بعباده من أنفسهم ) , وإذا فكر المسلم في أمر من الله أينفذه أم لا فإنه فورا سيهتدي إلى أمر الشيطان لينفذه , أي أن الإنسان المسلم عليه أن ينفذ أمر الله بلا تفكير لثقته التامة أنه إن لم يمتثل فقد أسلم نفسه في الحال للشيطان ليملي عليه أفكاره المسمومة .
    فالمرأة المسلمة إذا تزوج زوجها بأخرى عليها في الحال عدم عرض الأمر على عقلها أو شياطين الإنس أو شياطين الجن , إنما يعرض الأمر على الله عز وجل (العليم الخبير الرحيم ) هل أباح الله ذلك ؟ نعم , إذن السمع والطاعة والرضا والقبول , لأن الله لم يشرع شيئا فيه إئم أو ظلم أو يؤدي إلى نزاع أو خصام أو مشاكل بل ليحقق كل الخير لكل من يتقبل ويمتثل ويرضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا , ومن يرضى بحكم الله فحق على الله أن يرضيه .
    كما يجب على الزوجة المسلمة توضيح الأمر للأبناء على انه شرع الله عز وجل ولا تصور الأب الذي تزوج عليها لأبنائه على أنه شيطان مجرم آثم .
كما يجب على الرجل أن يكون عادلا بين زوجاته مراعيا لحقوق أبنائه .
عند ذلك وبهذه الضوابط لا يحدث نزاع أو خلاف أو مشاكل أسرية لأن الرجل يلتزم بشروط تعدد الزوجات , ولأن الزوجة مؤمنة وتعلم أن هذا شرع الله عز وجل , فتستمر في معاملتها الطيبة لزوجها وتلتزم إلتزاما كاملا بواجباتها الزوجية وواجباتها نحو الأبناء وتربيتهم وإعلاء مكانة الأب في نفوسهم .
    أما العلاقة بين الزوجات فإنه على الزوج الفصل بينهن في المعيشة والإقامة حتى لا تحدث خلافات بينهن وتستمر كل واحدة منهن في حياتها الخاصة المستقلة عن الأخريات .     

2- إن في تعدد الزوجات ظلماً للمرأة وإنقاصاً لحقوقها وإهداراً لكرامتها .
      الرد على ذلك :
-       هل يعقل أن يعتقد مسلم بأن تشريع الله سبحانه وتعالى فيه إهدار لكرامة أحد أو فيه ظلم أو ضياع حقوق ؟
-       لماذا لم تضع الزوجة نفسها مكان الزوجة الثانية هل كان عليها أن تعيش بلا زواج؟
-   منهج الله عز وجل فيه العدل بين كل النساء وجاء لحل المشاكل التي تواجه الجميع , فلا يوجد من هو إبن لله ومن هو عبد لله , فإذا قال مجرم أن الإسلام يهدر كرامة الزوجة الأولى ويضيع حقوقها فماذا عن الزوجة الثانية ؟ أليس في زواجها صيانة وحماية وكرامة ؟ أوليست إمرأة أيضا ولها الحق في أن تعيش في رعاية زوج ؟
-   في الحالة التي نعيشها الآن وتتمثل في زيادة عدد الإناث على عدد الرجال أليس في تقييد التعدد ظلما للسيدات اللائي لم يتزوجن وإنقاصا لحقوقهن المادية والمعنوية ؟

3- يؤدي تعدد الزوجات إلى إهمال تربية الأبناء .
والرد على ذلك :
- نحن نتعامل مع زوج مسلم وزوجة مسلمة , بمعنى أن كل منهما يعرف تماما حقوق الآخر ويعلم الإثنان حقوق أبنائهما من التربية الإسلامية الصحيحة وبذل أقصى جهد في سبيل ذلك .
- ما يفسد الأبناء هو إهمال التربية أو فهمها فهما خاطئ على أنها توفير المأكل والمشرب والملبس والمسكن والتعليم فقط دون متابعة دقيقة وتوجيه وتربية على المنهج الإسلامي الذي يتضمن إقامة الفرائض والالتزام بالسنن والسلوكيات والأخلاق والمعاملات المتفقة مع شرع الله عز وجل , ولا يتحقق ذلك لانشغال الأب والأم في هذا الزمان بالعمل المتماثل خارج البيت ليل نهار لتوفير الماديات فقط وترك الأبناء للتليفزيون والنت وأصدقاء السوء والشارع , الكل يربي إلا الأب والأم فلا هم لهم إلا توفير المال فقط لأبنائهم ويقصرون التربية على توفير متطلبات الحياة المادية فقط .  

4- يؤدي تعدد الزوجات إلى زيادة النسل ،وبالتالي إلى مشاكل اقتصادية للمجتمع
والرد على ذلك :
-   لا توجد آية في القرآن تحدثت عن النسل أو حديث للرسول صلى الله عليه وسلم إلا وكان الأمر بزيادة النسل على عكس تصرفات البشر في هذا الزمان .
-   لم يخلق الله دابة إلا وتكفل برزقها وكل إنسان وهو في رحم أمه يكتب له رزقه وأجله وشقي أم سعيد والله تعالى يقول " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئاً كبيراً " ( الإسراء : 31 ) , ولم يحدد الله سبحانه وتعالى في هذه الآية عددا من الأولاد بل تكفل برزق الأولاد جميعهم مهما كان عددهم لأنه هو خالقهم .
-   هل يعقل أن يرزق الله عز وجل الزوج والزوجة وإثنين من الأطفال مثلا برزقهم ثم ياتي الطفل الثالث والرابع فيقول الله تعالى أكتفي بهذا الرزق الذي أرسلته لهذه الأسرة وأي زيادة في الأولاد يعيشون مع إخوانهم على نفس الرزق ؟ هل يعقل أن الله تعالى لا يرزق إلا عدد معين وما زاد على هذا العدد يكله لأبويه فلا يجدان له رزقا ؟
-   الموارد البشرية أهم من الموارد المادية حيث عليها استغلال واستثمار الموارد المادية بما يحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
-   تتمثل المشكلة الاقتصادية في قول الله تعالى " وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار " والمقصود بالظلم الاقتصادي سؤء توزيع النعم والثروات بين أفراد المجتمع حيث تنعم فئة صغيرة من المجتمع بمعظم ثرواته وتعيش الغالبية تحت خط الفقر , أما الكفران فهو جحود النعم وعدم استغلالها الاستغلال السليم بما يحقق النفع للمجتمع أو استثمارها بطريقة خاطئة أو ضارة .
    والأمثلة على ذلك كثيرة منها ( تمتلك مصر كل مقومات الزراعة واستصلاح الأراضي من أيدي عاملة نصدرها لكل دول العالم ومياه النيل وتكنولوجيا متقدمة رغم ذلك معظم مساحة مصر صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء – مثال آخر تطل مصر على بحار وأنهار تجعلها لو اهتمت بالثروة السمكية تصدر الأسماك للعالم ويصبح سعر الكيلو للمواطن المصري قروش بدلا من عشرات الجنيهات بدل من استيرادها مجمدة وتوحش الأسماك في مياهنا وموتها -  كما أن معظم ثروات مصر تحول للبنوك الأجنبية وكان يمكن إعادة استثمارها بداخل الدولة مما يتيح فرص عمل للمواطنين ووفرة في السلع والخدمات بشكل يؤدى إلى رفع مستوى المعيشة ودعم اقتصادنا وتقدم ونهضة بلدنا بالإضافة لما يوفره ذلك من ربح أوفر وحلال للمستثمر – هل توجد مقارنة مثلا بين دخل أحد الممثلين أو إحدى الراقصات أو المغنيات ودخل مهندس أو مدرس على سبيل المثال ؟)

5- قلة الدخول والمشاكل والظروف الاقتصادية لا تسمح للرجل بأن يعدد زوجاته .
والرد على ذلك :
-       أن رزق كل إنسان سواء كان الزوج أو الزوجة أو الأبناء مكفول ومضمون عند الله عز وجل .
-       كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر من يشكو له الفقر بالزواج لأن فيه الغنى .
-   غير مقبول أن يعتقد مسلم أن الله تعالى شرع أمرا فيه مشاكل اقتصادية أو اجتماعية بل العكس ففي شرع الله حلا لكل هذه المشاكل .































         سلوكيات وأفكار ومعتقدات خاطئة في المجتمع الإسلامي              

       اعتاد المسلمون أفكار وسلوكيات ومعتقدات لا تتفق مع شريعة الإسلام , ويمكن إيجاز أهمها في النقاط الآتية :
1-    التحية بين المسلمين
   تحية الإسلام , التحية بين المسلمين , تحية أهل الجنة " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " هذه التحية تشريع من الله عز وجل للمسلمين ويؤجر المسلم عند إلقائها ويؤجر عند الرد عليها , أما استبدالها بتحية أخرى لم يشرعها الله عز وجل ( صباح الخير أو مساء الخير أو غير ذلك ) فهو إتباع لتشريع الشيطان وتقليد لغير المسلمين وبذلك يفقد الإنسان حسنات كثيرة لا يكلفه الحصول عليها سوى إلقاء السلام , أما من يستحسن تحية أخرى مثل صباح الخير ويقول أنني أقول صباح الخير وهذا شيء طيب فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من استحسن فقد ابتدع وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " , فعلى المسلم أن يتبع ولا يبتدع لأنه ليس بأعلم بالخير من الله سبحانه و تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم , فلو كانت أية تحية أخرى أفضل من السلام لشرعها الله سبحانه ولأبلغنا بها رسوله صلى الله عليه وسلم .

2-    الكذب أثناء التحدث في التليفون المحمول بخصوص مكان المتحدث
    كثيرا ما نسمع شخصا يحدث آخر عبر التليفون المحمول ولأنه محمول فلا يعلم المتصل مكان الذي يتصل به وأين هو , لذا يكون ذلك مدعاة للمتحدث بذكر معلومات غير صحيحة عن مكانه الذي هو فيه حال التحدث وذلك لإرضاء الذي يحدثه , ويكتب ذلك كذبا لأن الكذب لا يجوز من المسلم إلا في ثلاث حالات ( الإصلاح بين المتخاصمين – الكذب على الأعداء بنقل معلومات غير صحيحة عن جيشه ووطنه – كذب الزوج على زوجته لترضيتها ولتحقيق المودة والرحمة بينهما ) غير ذلك يعتبر كذبا يعاقب الله تعالى عليه , وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " .. ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا " .

3-    موقف المتفرجين عند وجود مشاجرة بين اثنين
    فإذا حدثت مشاجرة بين إثنين بالشارع فإننا نجد العشرات يمرون بالشارع بجوارهم , ولا يتحرك فيهم ساكن , بل إن البعض يقف موقف المتفرج وكأنه يشاهد ماتش كرة قدم , وهذه سلبية بغيضة في المجتمع الإسلامي فلو تقدم عدة أشخاص للفصل بين المتنازعين , والتدخل الإيجابي لحل المشكلة بينهما , وإنصاف المظلوم وإعطائه حقه فإن في ذلك نصرة للمظلوم ونصرة للظالم بكفه عن الظلم وكذلك نصرة لهما على الشيطان الذي من الممكن أن يطور هذا التشاجر بين إثنين إلى مأساة كبيرة قد تصل إلى جريمة قتل , ولا يحدث هذا إلا بسبب سلبية المجتمع الإسلامي .

4-    ضبط الإنسان المنبه على موعد ذهابه إلى العمل
    من الشائع بين أفراد المجتمع الإهتماد الشديد لكل فرد بموعد ذهابه للعمل , أو أي موعد آخر فيه كسب دنيوي , وعدم الإهتمام بموعد الصلاة وخاصة صلاة الفجر , والله سبحانه وتعالى يقول " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " , فقد يقوم الإنسان بضبط المنبه أو تكليف شخص آخر بإيقاظه في الساعة السابعة مثلا حتى لا يتأخر عن العمل الذي يبدأ في الثامنة دون إعطاء أدنى اهتمام بمعرفة موعد صلاة الفجر أو اهتمام بالإستيقاظ في هذا الموعد لأداء حق الله عليه , وحق نفسه عليه أن يسعى لعتقها من النار , فالإنسان يهتم بالمواعيد الدنيوية التي تحقق له دخلا ماديا رغم أنه مضمون من الله عز وجل , ولا يهتم بالكسب المتعلق بالآخرة ( الجنة ) رغم أنها غير مضمونة له , حيث يقول الله تعالى عن السعي للجنة " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين " , كما يقول سبحانه عن السعي للدنيا " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور " .     

5-    الحلف بالنبي وبغير الله
   يكثر معظم المسلمين من الحلف بدون مبرر وبغير الله عز وجل  ويجب على كل مسلم ألا يحلف إلا بالله لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " . ولا يلجأ المسلم إلى القسم بالله إلا عند الضرورة القصوى ( في حالة اتهامه بشيء ويريد نفي التهمة عن نفسه ) لقول الله تعالى " ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ".

6-     موقف المسلمون من ( تعدد الزوجات - الالتزام  بالحجاب -  تحديد النسل - عمل المرأة وتوليها السلطة )
     يتمثل الرأي والموقف لمعظم المسلمون بالنسبة لهذه الأمور في إعمال العقل والرأي والتقليد وترديد ما يقال دون وجود مرجعية ثابتة وهي القرآن والسنة , فعلى المسلم ألا يكون له رأي إلا بعد عرض الأمر على النصوص الصحيحة من قرآن وسنة وفي حالة وجود نص فلا رأي بعده لأحد , فبالنسبة لتعدد الزوجات فعلى السيدة المسلمة إذا لجأ زوجها إلى الزواج بأخرى أن ترجع إلى حكم الشريعة الإسلامية لتجد أن هذا الأمر أباحه الله تعالى وشرعه للرجال , وعند ذلك تمتثل السيدة لأمر ربها وترضى بتشريعه الذي جاء لتحقيق المصلحة لكل فئات المجتمع , ونفس الأمر بالنسبة للحجاب فلا تأجيل أو تسويف في تنفيذ أوامر الله عز وجل , ومن الحجج الشيطانية لتأجيل الحجاب ( بعد إتمام الدراسة – بعد الزواج – بعد الحج – عندما ألتزم بالصلاة كاملة .. ) وهل تدري السيدة أو الفتاة أن عمرها سيمتد إلى أن تحقق ما تريد ؟ , فعلى المسلم أن يسارع إلى تنفيذ طاعة الله امتثالا لأمره سبحانه وتعالى " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ".
   وكذا قضية تحديد النسل التي يعتقد الكثير أنها هي الحل الوحيد للمشكلة الاقتصادية ولكن بالرجوع لنصوص القرآن والسنة نجد الأمر بعكس ذلك , حيث يأمرنا الله ورسوله بزيادة النسل وأن المشكلة الاقتصادية لها اسباب أخرى ليس من بينها على الإطلاق زيادة السكان.
   وكذا بالنسبة لعمل المرأة وتوليها القضاء والمناصب والسلطات ومساواتها بالرجل فلنراجع القرآن والسنة لنعرف أن المرأة ليست مثل الرجل بل مكملة له حدد الله تعالى لها أعمال مختلفة تماما عن أعمال الرجل , ولا يجوز مطلقا اختلاطها بالرجال في أعمال مماثلة لهم , ولا يجوز مطلقا توليها أية سلطات لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " لا يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة " .    

7- لبس البنطلون للنساء
  من المعتاد في هذا الزمان أن البنطلون لباس للرجال لا للنساء , والبنطلون بالنسبة للسيدة مجسم ومحدد لجسمها ويخالف شروط الحجاب الشرعي فضلا عن ذلك فهو تشبه بالرجال , فإن كان طويلا واسعا ومحققا لشروط الحجاب فإن الأمر الأشد هو اللعنة التي تصيب السيدة المتشبهة بالرجال في أي شيء , فللمرأة خصوصية في كل شيء وتختلف عن الرجل في ملابسها ولا يجوز تشبهها بالرجال في لبس البنطلون أو غيره , فالرجل عليه أن يعتز برجولته وكذلك المرأة عليها أن تعتز بأنوثتها , وتتمسك بخصوصيتها وتميزها عن الرجل .
   
8- شهادة الزور للمجاملة ( لصالح القريب أو الصديق أو الزميل ) بلا موضوعية
     لا يجب أن يحمل حب وولاء الإنسان لجاره أو صديقه أو قريبه أو زميله في العمل أو في الدراسة على شهادة الزور مجاملة له , حيث نجد في الواقع من يقول أن هذا زميلي في العمل أو جاري أو صديقي أو قريبي فكيف أكون ضده مع شخص آخر لا أعرفه ولا تربطني به صلة , فإذا حدثت مشادة مثلا بين إثنين أحدهما أعرفه والآخر لا أعرفه فإنني فورا أكون مع من أعرفه شاهدا ومؤيدا ومؤازرا , حتى لو كان هو المخطئ في حق الآخر , ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحذرنا من شهادة الزور وقول الزور كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال أن تكفه عن ظلمه فهذا نصر له " , وبذلك فإن وقوف الإنسان مع من يعرفه أو تربطه به صلة مهما كان الأمر فيه عدة ذنوب يرتكبها الإنسان وهي :
-         شهادة الزور .
-         عدم نصرة المظلوم بأخذ حقه من الظالم أو معاونته على استرداده .
-    عدم نصرة الظالم بمنعه عن الظلم حيث أن ارتكابه للظلم يؤدي إلى تحمله ذنوب كان من الممكن ألا يتحملها لو أن المسلمين أخذوا على يديه ومنعوه عن الظلم والتمادي فيه .
-    الخطأ في حق الصديق أو الجار أو الزميل أو القريب لأن مؤازرته وتأييده وهو ظالم لإنسان آخر ليس في صالحه إنما يدعوه إلى التمادي في الظلم وإعانة الشيطان عليه وتشجيعه على الإستمرار في المعاصي .     

9- الاعتذار للزائر عند عدم سماح وقت وظروف المزور
   عندما يعزم إنسان على زيارة أخ له فإنه بلا شك يختار الوقت المناسب له , ولكن قد يكون هذا الوقت غير مناسب بالنسبة للمزور فيعتذر له عن استقباله , وهذا جائز شرعا حيث قال الله تعالى " إذا قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم " , " يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها " حتى تستأنسوا تحمل هذه الكلمة معنى أكبر من مجرد الإستئذان بل التيقن من أن المزور راغبا في زيارة الزائر ومرحبا به , ولا يجب مطلقا على الزائر أن يغضب من اعتذار المزور  بعدم قدرته على استقباله في هذا الوقت أو أن يعتبر ذلك إهانة له أو تقليل من شأنه لأن ذلك تشريع الله عز وجل , وما كان الله سبحانه وتعالى أن يبيح أمرا فيه إهانة لأحد أو تقليل من شأنه . 

10- العزاء بعد ثلاث
   يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا عزاء بعد ثلاث " أي ثلاثة أيام لتقبل العزاء بعدها ينصرف أهل المتوفى إلى أعمالهم وحياتهم ويخرجون من أحزانهم على المتوفى , ومن العادات المخالفة للشرع عمل المناسبات بعد ثلاثة أيام مثل " الخميس الأول – الأربعين – الذكرى السنوية ..) وفي ذلك تجديد للأحزان ومخالفة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم .

11- تقييم مرشح مجلس الشعب أو الشورى على حسب الخدمات الخاصة دون النفع العام للمجتمع
   تتمثل اختصاصات عضو مجلس الشعب في :
- دراسة مشروعات القوانين المعروضة على المجلس والمشاركة الإيجابية في مناقشتها 
من أجل التوصل إلى أفضل صياغة تحقق مصالح كل أفراد المجتمع , وتحقق العدل وتكافؤ الفرص .
- مناقشة سياسات وقرارات الحكومة في مختلف المجالات وتقييمها .
- دراسة الاتفاقيات التي تبرمها الحكومة في مختلف المجالات مع دول أخرى وتقييمها ومناقشتها للوصول لأقصى استفادة منها .
- السعي لإنجاز المصالح العامة للدائرة التي يمثلها واستكمال ما ينقص من مرافق وخدمات .
- السعي لإنجاز المصالح الخاصة لأبناء الدائرة التي يمثلها وتحقيق مصالحهم التي تتفق مع القوانين ويكون لهم حق قانوني وشرعي فيها , والدفاع عن المظلومين من أبناء الدائرة والسعي لدفع الظلم والضرر عنهم .
   ويجب أن يوضح المرشح برنامجه الإنتخابي لأبناء دائرته بخصوص التزاماته كعضو مجلس شعب .
    كما أن عضو مجلس الشعب عند قيامه بواجباته والتزاماته كاملة إنما يحقق النفع لجميع أفراد المجتمع بما فيهم أبناء دائرته حيث تكون القوانين الصادرة محققة للعدل والمساواة بحيث يحصل كل إنسان على حقه بقوة القانون , وليس بتدخل عضو مجلس الشعب , وعند تحقق ذلك لا نجد طلب مقدم من عضو مجلس الشعب لأحد الوزراء للحصول على موافقة استثنائية لأحد , لأن ذلك يكون على حساب شخص آخر قد يكون أكثر استحقاقا , وبذلك يكون عضو مجلس الشعب يقوم بعكس ما هو مكلف به من تحقيق المساواة والعدل وتكافؤ الفرص , كما أن كثرة الطلبات والمهام الخاصة التي يقوم بها عضو مجلس الشعب يصرفه عن مهامه الحقيقية من القراءة والدراسة لكل ما يعرض من قوانين واتفاقيات وكل ما تقوم به الحكومة من أعمال بهدف تقييم كل ذلك والعمل على تقويمه . 

12- السلبية تجاه أية مفاسد أو خروج عن الدين أو القانون
    هذه ظاهرة غريبة متفشية في المجتمع وداخل معظم الأسر , فإذا قام أي إنسان بمخالفة أمر لله أوأمر للرسول صلى الله عليه وسلم فلا يتحرك ساكنا لأحد وكأن هذا الأمر لا يعنينا ولا يهمنا , ولا يهتم أحد بتوجيه النصح للمخطئ وتحقيق قول الله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" , " إدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " , وفي حالة امتثال كل مسلم لأمر الله عز وجل بالدعوة والنصح لكل مخالف لأمر من أمور الدين , ينتشر ويعم الخير بالإضافة إلى حصول الدال على الخير على أجر مماثل لأجر فاعله .
   على مستوى الأسرة فإن الأب والأم من الممكن أن يوقعا بإبنهما عقابا شديدا إذا أخطأ في شيء أو تسبب في ضياع شيء مادي , أما إذا ضيع الولد الصلاة أو الصيام أو هجر القرآن أو كان كذابا أو مرتكبا لأي ذنب فلا شيء على الإطلاق , أو على الأقل لا يكون الإهتمام بنفس مستوى الإهتمام بالأمور المادية , على الرغم من هذا الولد في ميزان أعمال والديه من الممكن أن يكون السبب في دخولهما الجنة أو يكون السبب في دخولهما النار .   

13- إهمال صلة الأرحام
     أعمال الإنسان وإهتماماته الدنيوية المادية شغلته عن أداء حقوق كثيرة من أهمها صلة الأرحام , وزيارة الأقارب للإطمئنان عليهم ومعرفة أحوالهم , وصلة الأرحام عبادة في غاية الأهمية , حيث حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يسقطها عن المسلم حتى لو كان أقاربه يقاطعونه , فيجب الإستمرار في زيارتهم والتواصل معهم والقيام بواجبه الديني نحوهم إرضاءا لله ورسوله , حيث لا يجب أن يعامل المسلم الآخرين بمثل معاملتهم بأن يقصر زياراته على من يبادلونه الزيارات فقط , بل يجب عليه معاملة أقاربه وكافة المسلمين وغير المسلمين بما يجب أن يكون تنفيذا لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يهدف إلى إرضاء الناس عنه بل الفوز برضا الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .  

14- الغش في الامتحانات
     آفة منتشرة في المجتمع في كل مستويات الدراسة وكذا بين طلاب الأزهر الشريف , من يدرسون القرآن و السنة والفقه الإسلامي من الممكن أن يلجأون إلى غش هذه العلوم في الامتحانات , وهذه الآفة ليست منتشرة بين الطلاب فقط , بل منتشرة أيضا بين أولياء الأمور والمدرسين فأولياء الأمور يشجعون أبنائهم على الغش في الامتحانات من أجل النجاح السهل بلا مجهود , أو لم يقوموا بتربية أبنائهم على القيم والأخلاقيات التي تعصمهم من الوقوع في هذه الرذيلة , والمدرسون يسهلون انتشار هذه الآفة بين الطلاب بعدم تطبيق ضوابط الامتحانات بدقة وتوقيع عقوبات رادعة على الطلاب الذين يلجأون إلى الغش , بل يقتصر دور الملاحظين والمراقبين في الامتحانات على إجراءات الامتحان الروتينية دون الاهتمام بمنع الغش , وموقف الإسلام من الغش واضح تماما من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " من غشنا فليس منا " , والأب أو الأم أو المدرس الذي يسمح للطالب بالغش , أو لا يقوم بدوره في منع الغش وتوقيع عقاب رادع على من يضبط إنما يرتكب عدة جرائم في حق هذا الطالب وفي حق المجتمع , حيث يغرس في الطالب صفات ذميمة تدفعه إلى أن يكون معول هدم في المجتمع , فالطالب الغشاش يتعلم الكسل والاهمال ويتعلم أن يأخذ ما ليس له ولا يضع لنفسه حدودا وحقوقا لا يتخطاها , بل يتعلم أن يأخذ كل ما تصل يده إليه بلا حدود وبلا وازع من ضمير , فلا يفرق بين حقه وحق غيره , ولا يتورع أن يقبل رشوة أو يختلس أو يظلم أو يأخذ حق غيره , بالإضافة إلى نجاحه وحصوله على شهادات علمية لا يستحقها وتأهله للقيام بأعمال لا يجيدها لأنه لم يتعلم أو يدرس بل إعتمد على الغش .     

15- إهمال القراءة
     تم استبدال القراءة والثقافة والمعرفة التي ترتقي بعقل الإنسان بإهتمامات هدامة تحقق عكس النتيجة المرجوة من القراءة من سماع أغاني وأفلام ومسلسلات هابطة تؤدي إلى  ثقافة هدامة ومعلومات ضارة وعادات وسلوكيات غير أخلاقية , كل ذلك يأتي في عصر أصبحت القراءة سهلة ومتاحة للجميع من خلال وفرة الكتب وسهولة الحصول عليها وانخفاض تكلفتها وكذا وجود المكتبات في كافة المجالات عبرالإنترنت , وقرآننا العظيم أول كلمة نزلت فيه " إقرأ " ويقول رسولنا صلى الله عليه وسلم " طلب العلم فريضة على كل مسلم " , فالقراءة مع أهميتها لتنمية العقول فهي عبادة لله عز وجل وفي ميزان حسناته حيث أنها تنفيذ لأمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .      
    
16- الحجاب للسيدات ليس هو الشرعي .
     تتمثل صفات الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة في :
- الملابس الطويلة .
– الملابس غير الشفافة .
– الملابس غير المجسمة .
– تكون الملابس ساترة للجسم بالكامل .
- الشعر بالكامل مستتر ولا يظهر منه شيء .
- عدم استخدام الأصباغ في الوجه واليدين أوالعين.
- عدم التعطر.
- عدم ارتداء ملابس لافتة للنظر .
– عدم لبس حذاء يحدث صوتا عاليا أثنا السير.
- عدم إرتداء ملابس فيها تشبه بملابس الرجال كالبنطلون .
     تمثل كل هذه الشروط مجتمعة الحجاب الشرعي ,  بحيث لا تكون السيدة محطا لأنظار المارة بالشارع , والملاحظ على معظم السيدات اللائي يدعين أنهن محجبات الإخلال بعدة شروط للحجاب والإكتفاء بالملابس الطويلة فقط مع استخدام أصباغ أوتعطر أو إظهار بعض شعر الرأس ... وغير ذلك , مما لا يمنع السيدة من أن تكون لافتة للنظر ومصدر فتنة لرجال ليس من حقهم أن يروا زينة أو مفاتن لها , لذا يجب على كل سيدة مسلمة الإلتزام الكامل بالحجاب كما فرضه الله سبحانه وتعالى للوقاية من الفتن والشرور والمفاسد في المجتمع , وإدخار كل ما تستطيع القيام به من زينة لزوجها الذي له وحده دون غيره الحق الشرعي في أن تتزين له زوجته .           

17- فقدان القدوة الصحيحة والمثل الأعلى .
        فقد المجتمع الإسلامي الكثير من المبادئ والقيم والأخلاق التي أبعدت المسلمين عن التأسي  والإقتداء بالصالحين من أمة الإسلام , بل والإنصراف إلى عكس ذلك حيث أصبح الفنانون ولاعبوا الكرة وغير ذلك من الشخصيات هم القدوة والمثل الذي يسعى الشاب المسلم إلى الإقتداء بهم وجعلهم مثله الأعلى , فأين الإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وتنفيذ سنته وكذا صحابته الأجلاء الذين قال عنهم رسولنا صلى الله عليه وسلم "  عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ " , من هذا الحديث يتضح أن المسلون مأمورين بالإقتداء والتأسي والتشبه بالرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته في كل شيء , في العبادات والمعاملات وقضاء الأوقات والتصرفات والأخلاق , لأن المسلم أيضا مأمور بأن يحب الرسول وصحابته , ومن أحب إنسان حشر معه يوم القيامة , فعلى كل مسلم أن يختار مع من يحشر يوم القيامة .    

18- السهر بالليل والنوم والكسل بالنهار .
   يقول الله تعالى عن النهار " وجعلنا النهار معاشا " كما يقول سبحانه عن الليل " وجعلنا الليل لباسا " , أي أن الله سبحانه خلق النهار للعمل والسعي على الرزق , وخلق الليل للراحة والسكون ولاشك أن هذا النظام هو الأمثل لأنه من تنظيم العليم الخبير , فنوم الإنسان بالليل هو قمة الراحة والصحة له , والعمل والنشاط خلال النهار لا يكون بالمستوى المناسب إلا إذا سبقه نوم وسكينة خلال الليل , لذا لا يجب تغيير نظام الخالق عز وجل بجعل النهار أو معظمه للنوم , والسهر للعمل بالليل , ففي ذلك مخالفة لأمر الله عز وجل ومشقة وإرهاق للإنسان .

19- عدم الإيثار .
     يقول الله تعالى " والذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " , أي أن المسلم عليه إيثار إخوانه من المسلمين على نفسه حتى لو كان هو الأولى , فلا يهتم بنفسه فقط وبتحقيق مصالحه فقط حتى لو كان ذلك على حساب غيره , فالمسلم يحب لأخيه ما يحب لنفسه ولا  يكتمل إيمانه إلا بذلك , فلا يزكي نفسه ولا يقدم نفسه على إخوانه , بل يكون في قضاء حوائج إخوانه والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.  

20- إهمال حق الجوار .
      الجار الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " , في ظل الإنشغال الشديد لكل أفراد المجتمع وكثرة الاهتمامات ضاعت حقوق الجيران وأصبح الجار لا يعرف حتى جاره , فضلا عن مشاركته في مناسباته والإطمئنان على أحواله ومساعدته أو إقراضه إن كان في حاجة إلى المال وزيارته عند مرضه وغير ذلك من حقوق الجار على جاره التي تشيع المحبة والإخاء والتعاون بين أفراد المجتمع .   

21- عدم الرضا بقدر الله في الرزق – الوظيفة – الشكل أو الهيئة وغير ذلك
    الرزق والعمل والشكل وغير ذلك من الأمور التي لا دخل للإنسان فيها بل إنه مسير فيها لا مخير حيث خلقه الله سبحانه وتعالى بالصورة والهيئة المثالية وقدر له الرزق الذي يصلح شأنه , فمن العباد من لا يصلح له إلا الغنى ومنهم من لا يصلح له إلا الفقر , فالله سبحانه ينزل الرزق بالقدر الذي فيه صلا ح الإنسان في الدنيا والآخرة , لذا فإن المسلم يجب أن يكون راضيا بقدر الله في كل ما هو مسير فيه , لأن خالقه حكيم عليم رحمن رحيم أرحم بعباده من أنفسهم ولا يقدر لهم إلا كل الخير , فكل ميسر لما خلق له , وعلى الإنسان أن يكون إهتمامه بما هو مخير فيه , للقيام بتنفيذ أوامر الله عز وجل والإجتهاد في أعمال الخير حيث أنه مخير بين الخير والشر ( طاعة الله أو طاعة الشيطان ) وسيحاسب على إختياره .      

22- عدم تغليب الرقابة الذاتية ورقابة الله عز وجل المقدمة على رقابة البشر أثناء القيام بالعمل
    على المسلم أن يعلم علم اليقين أن أي عمل هو مكلف به سيسأل عنه أمام الله سبحانه وتعالى الرقيب على عباده فعليه القيام به على الوجه الأكمل إرضاءا لله وحتى يتأكد أن ما يأخذه من أجر مقابل هذا العمل حلال خالص , وبذلك لا يهتم المسلم برقابة البشر عليه فلا يجعل الله تعالى أهون الناظرين إليه لأنه سبحانه مطلع على كل حركاته وسكناته وسيحاسبه على كل صغيرة وكبيرة , فيكون نصب عينيه دائما حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " , وألا يحركه الأجر أو المرتب الذي يأخذه من عمله بل يسعى دائما إلى إرضاء الله عز وجل .     

23- عدم إخراج الزكاة بصورة كاملة
     الشريعة الإسلامية نظام عالمي صالح لكل زمان ومكان وفيها ما يغنى المنظمين في الدول المختلفة خاصة الإسلامية حين الرجوع إليها لاستنباط كافة الأنظمة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وغيرها) , فالشريعة الإسلامية منهج كامل للحياة لا يقتصر على العبادات فقط , بل نظم الله سبحانه وتعالى كل أمور الحياة تنظيماً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأنه تنظيم الخالق العليم الخبير جل شانه , كما أنه منهج ثابت لا تبديل فيه ولا تعديل إلى يوم القيامة.
كما تهدف الشريعة الإسلامية الغراء إلى تحقيق مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع , والزكاة من التكاليف الشرعية التي كلفنا الله عز وجل بها , وتمثل الزكاة أحد الدوافع المالية والاقتصادية الهامة لاستثمار الأموال في الفكر الإسلامي حيث يؤدى الاستثمار إلى توفير متطلبات المجتمع الإسلامي وسد حاجاتهم والقضاء على البطالة فهي تمثل جزاً مهماً من النظام الاقتصادي والاجتماعي في الإسلام.
فالزكاة فريضة الله على كل مسلم ملك نصاباً من مال بشروط محددة يقول الله تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " (التوبة 103) .
"وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسناً وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً واستغفروا الله إن الله غفور رحيم " ( المزمل 20) .
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله " متفق عليه.
ومن الحكمة في مشروعية الزكاة:
1- تطهير النفس البشرية من رزيلة البخل والشح والشر والطمع.
2- مواساة الفقراء وسد حاجات المعوزين والبؤساء والمحرومين.
3- إقامة المصالح العامة التي تتوقف عليها حياة الأمة وسعادتها.
4- الحد من تضخم الأموال عند الأغنياء وانحصارها في طائفة واحدة من المجتمع.
وقد توعد الله مانعي الزكاة بأشد العذاب حيث قال سبحانه وتعالى " وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون " ( فصلت 6-7) .
" والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون " ( التوبة 34- 35) .
" ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما يعملون خبير" ( آل عمران 180) .
كما قاتل سيدنا أبو بكر مانعي الزكاة وقال والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها.
على الرغم من أن الزكاة فريضة من الله العليم الحكيم ورغم أهمية إخراجها للإنسان في الدنيا والآخرة , حيث أن إخراجها يؤدى إلى تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق الرفاهية للمجتمع والأخوة والمحبة والتعاون والتكافل والتراحم بين أفراد المجتمع الإسلامي , بالإضافة إلى ما ينتظر المسلم الذي يخرج زكاة ماله من جزاء ونعيم في الآخرة , بالإضافة إلى عدم تأثر رزقه على الإطلاق من إخراجه للزكاة , حيث أن ما يخرجه الغني من ماله إنما هو رزق الفقير يسوقه الله له عن طريق الغني , إلا أننا نجد أن هذه الفريضة شبه معطلة في المجتمع الإسلامي حيث لا يهتم بإخراجها إلا القليل جدا من أفراد المجتمع .

24- عدم التنظيم الجيد للوقت
     الوقت هو أثمن ما يملكه الإنسان وهو كالسيف إن لم تقطعه قطعك , ويجب على كل مسلم أن يستثمر الوقت الاستثمار النافع له ولمجتمعه بحيث لا يصرف جزءا من وقته بلا فائدة , وأن يحرص على الإستفادة من كل دقيقة في عمل نافع يزيد من حسناته ودرجاته عند الخالق عز وجل ويحقق الخير للإنسان وللمجتمع , فيجب على المسلم أن ينظم وقته تنظيما جيدا بين العمل والعبادة والعلم وباقي الأعمال النافعة من متابعة لشئون الأسرة وصلة الأرحام والأعمال الخيرية لأن الوقت من النعم التي سيسأل عنها الإنسان أمام خالقه سبحانه وتعالى وسيحاسب على عمره فيما أفناه .   

25- الظلم في الميراث
    أحد أهم أمراض العصر هو أن يكون الإنسان ليس له حدودا لتطلاعاته وطموحاته فلا يقف عند حد بل يعتبر أن كل ما يمكن أن تصل يده إليه من حقه أن يأخذه , دون مرجعية من تحكيم للدين في كل أموره , فبالنسبة للميراث فإن أغلب الأسر تعاني من ظلم ومشاكل في الميراث وخلافات بين الأخوة وبين أفراد الأسرة الواحدة تصل في معظم الأحوال إلى المحاكم , وذلك لأنه لا يقنع أحد برزقه الحلال ويعرف جيدا ما له فيأخذه وما لأخيه فيعطيه إياه , وقد نظم الله سبحانه وتعالى المواريث وحدد الأنصبة بدقة وعدالة تامة لأنه نظام لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , فلا مجال للإختلاف ولا مجال لأكل أموال الناس بالباطل خاصة إذا كانوا أهله أقرب الخلق إليه , ونحن نجد في هذا العصر ألوانا كثيرة من الظلم في المواريث معظمها ظلم الذكور للإناث أوإعطائهن حقهن مشروط أو منقوص , فمثلا لو أن الذكور استأثروا بالمنازل أو الأراضي وفروضوا على الأخت أن تأخذ مالا مقابل نصيبها فهذا ظلم لها لأن لها حق حدده الله تعالى في كل أنواع المال المورث ( مال – أرض – منزل ..) , ولا يجب فرض نوع معين على أحد الأخوة أو الأخوات إلا برغبتها الكاملة , وليتق كل مسلم ربه الذي سيحاسبه وليعلم أن حرمانه وارث من ميراثه قد يكون السبب في حرمانه من الجنة لأنه إعتراض على تقسيم الله تعالى وحكمه وفي نفس الوقت لا يزيد هذا الظلم في رزقه ولا ينقص من رزق المظلوم . 

26- تأجيل إعفاء اللحية حتى يتم الالتزام الكامل
     يعتقد بعض المسلمين إعتقادا خاطئا وهو تأجيل إعفاء اللحية أو الإلتزام بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم حتى ( يتم حفظ القرآن – يتم الفرائض بصورة كاملة – يكون عالما بـأمور الدين ...) وغير ذلك من المبررات لتأجيل الإلتزام بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم , وهذا الإعتقاد غير صحيح للأسباب الآتية :
-         من الصعب إن لم يكن مستحيل أن يصل المسلم إلى تحقيق الفروض بصورة كاملة .
-         لا يعلم الإنسان متى أجله ؟
-    لا يشترط الإسلام لتنفيذ السنن أية شروط , وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم عند الأمر بإعفاء اللحية لم يشترط استكمال شيء أو الوصول لأي مستوى من العلم أو العمل .
فيجب على المسلم الإجتهاد في كل أمور الدين من فروض وسنن بدون وضع شروط أو عراقيل لتنفيذ أي أمر لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم , فقد يكون إعفاء اللحية مثلا مدعاة للإنسان إلى تعلم أمور دينه , ولزيادة تمسكه بإقامة الفرائض والسنن الأخرى .

27- اعتقاد بعض المسلمين بصحة الديانات الأخرى
    يعتقد كثير من المسلمين إعتقادا خاطئا وهو أنه توجد ثلاث ديانات ( الإسلام والمسيحية واليهودية ) , وأنها في هذا الزمان ديانات صحيحة وتؤدي بمعتنق أيا منها إلى الجنة ,وبالفعل جاء سيدنا عيس وسيدنا موسى عليهما السلام برسالتين صحيحتين تماما من عند الله عز وجل , ولا تختلفان عن الإسلام , ولكن جاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم برسالته الخاتمة العالمية بعد أن تم تحريف الديانتين السابقتين بحيث أصبحتا غير صالحتين لعبادة الله عز وجل بهما , وبالتالي فإن من بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فلا دين غير الإسلام فالإسلام يجب ما قبله من ديانات , وغير مقبول من أي إنسان على وجه الأرض إلى يوم الساعة إلا أن يتبع الهادي البشير صلى الله عليه وسلم ويدين بالإسلام ويتأكد ذلك من الأدلة الآتية :
- يقول الله تعالى :
 " ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " ( آل عمران : 85 ) .
- " قل يأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون " ( آل عمران : 98 ) .
- " يأيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ( آل عمران : 102 ) .
- " يأيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " (المائدة : 51) .

- كما أن رسالة الإسلام للعالم كله وإلى يوم القيامة وليست لمجتمع معين أولزمن محدد.
- كذلك كانت الفتوحات الإسلامية لنشر الإسلام في بلاد كانت فيها المسيحية أو اليهودية.    

   وهذا لا يمنع مطلقا من سماحة الإسلام مع غير المسلمين ووجوب حسن معاملة غير المسلم الغير محارب للمسلمين , وأن غير المسلمين لهم حقوق في المجتمع الإسلامي , وضرورة العدل والمساواة التامة بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى وضمان حق العبادة , وحق الجوار , وحق المواطنة , مع وجوب دعوتهم إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة كما أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .

28- مصافحة الرجال للنساء
    تتضح حرمة وخطورة مصافحة الرجل للمرأة من الحديثين الآتيين :
1- روى الطبراني من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : " لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له " .
2- روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية" لا يشركن بالله شيئا " قالت ( وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة إلا امرأة يملكها ) والمقصود أن تكون زوجته .

29- عدم الرحمة بالحيوان
      الرحمة بالضعفاء من البشر والرحمة بالحيوان أخلاق فرضها الإسلام يتضح ذلك من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم " الراحمون يرحمهم الرحمن " , " إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " , "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم ضعيفنا  " , " دخلت إمرأة النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض " , كما ثبت بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله غفر لرجل سقى كلب في الصحراء , كل هذه الأدلة تؤكد أهمية الرحمة كخلق إسلامي يستوجب مغفرة الذنوب ورفع الدرجات عند الله عز وجل , وليعلم المسلم أن رحمته بالحيوان بتقديم الطعام والشراب له لا ينقص من رزقه درهما واحدا لأن الإنسان يقدم للحيوان الضعيف رزقه هو ( الحيوان ) , أي أن الله عز وجل يسوق رزق هذا الحيوان عن طريق الإنسان , فيحصل الإنسان برحمته بالحيوان على مغفرة من الله عز وجل وأجر عظيم يدخله الجنة بدون مقابل أو تضحية أو نقصان من رزقه , أو يحرم الإنسان نفسه من رحمة وفضل الله العظيم بدون مقابل أيضا أو زيادة أو وفر في الرزق , لأن الرزق مضمون من الله تعالى للإنسان وللحيوان حيث يقول الله تعالى " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها " . 

30- عبادة أصنام العصر
    من أصنام العصر الحالي التي تعبد من دون الله ( التليفزيون – الكمبيوتر – الإنترنت – ماتشات الكرة ...) وهذه الأشياء إذا شغلت الإنسان عن عبادة الله عز وجل وعن أعماله الضرورية النافعة له ولأسرته ومجتمعه فإنها تشبه الأصنام في الجاهلية , فإذا أذن المؤذن للصلاة ولم يقم المسلم من أمام التليفزيون أو الكمبيوتر أو الإنترنت لأداء فريضة الله عز وجل وظل مقدما ما يفعل أو يشاهد على نداء الله فإنه بذلك ينصرف عن عبادة الله إلى عبادة أصنام العصر الحالي , وفي الغالب تستخدم هذه التكنولوجيا المتقدمة بصورة هدامة تؤدي إلى تحقق عكس ما يدعو إليه الإسلام حيث يتضمن التليفزيون قنوات وبرامج جادة ونافعة ( دينية وثقافية وإخبارية ) تفيد المسلم وتزيد من ثقافته الدينية والدنيوية ويكون وقت مشاهدة هذه البرامج في ميزان حسناته , على العكس من ذلك توجد قنوات وبرامج تبث أفكار هدامة ضد القيم والأخلاقيات الإسلامية تجعل الوقت المنصرف في مشاهدتها في ميزان سيئات المشاهد , كما تصرفه عن العبادة الصحيحة لله سبحانه وتعالى , وكذا بالنسبة للكمبيوتر والإنترنت والتليفون وغير ذلك من الأجهزة التي هي سلاح ذو حدين تتضمن النفع والضرر معا , والمسلم مخير في طريقة استعماله لها .  

31- سفر المرأة من غير محرم
          يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسير مسافة يوم وليلة إلا مع ذي محرم" متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم , ولا أن تسافر المرأة إلا مع ذي محرم "فقال رجل يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال الرسول الكريم " انطلق فحج مع امرأتك " متفق عليه.
معنى ذلك أن خروج الرجل للحج مع امرأته أفضل وأهم من الجهاد في سبيل الله, ولا يجوز للمرأة الخروج بدون محرم حتى لو إلى الحج وحتى لو كان زوجها يجاهد الأعداء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

32- التقييم الخاطئ للزوج والزوجة
  يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " , كما يقول صلى الله عليه وسلم " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه وإلا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم , من هذين الحديثين يتبين أن تقييم الشاب الراغب في الزواج لمن يتقدم لخطبتها وكذا تقييم الفتاة لمن يرغب في الزواج بها يكون على أساس الدين والتقوى والصلاح , لأن من معه الدين معه كل شيء ومن ليس معه الدين ليس معه شيء , أما معايير التقييم في هذا العصر فهي :
-         بالنسبة للشاب ( الوظيفة – الشقة – المرتب – الأملاك – الشبكة – المهر – الهدايا ...) .
-    بالنسبة للفتاة ( الجمال – الحسب – المال- ما يقوم أهلها بتحمله من متطلبات الزواج – العمل حيث يشترط البعض على الزوجة العمل لمساعدة الزوج وهو شرط ينقص من قوامة الرجل على المرأة التي أكدها الله تعالى في قوله " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من اموالهم " .

    أما تقييم الأخلاق والتدين والسلوكيات والقيم فهي آخر ما يفكر فيه الشاب والفتاة وأسرتيهما وقد لا تكون هذه الأشياء محل تفكير أصلا , على الرغم من أن في الدين والتمسك بشرع الله عز وجل وفرائضه وسنن نبيه السعادة الكاملة في الدنيا والآخرة , وقد تكون الشروط الدنيوية أسلحة فتاكة لتدمير الحياة الزوجية والعلاقات الإنسانية بين الزوجين وبين الأسرتين , لأن الإنسان الذي عنده الدين يعامل الله عز وجل ويتقيه سبحانه في كل تصرف في حياته إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها لم يهنها , وكذلك الزوجة الصالحة خير متاع الدنيا بالنسبة للرجل .      

33- الإعتقاد بأن تطبيق الشريعة الإسلامية هو تطبيق للحدود
   يعتقد الكثير من المسلمين وغير المسلمين أن تطبيق الشريعة الإسلامية إنما يقصد منه فقط تطبيق وإقامة وتنفيذ الحدود التي تمثل عقوبات لجرائم حرمها الإسلام , على الرغم من أن هذه الحدود هي آخر ما يطبق في المنهج الإسلامي فالشريعة الإسلامية منهج ودستورلحياة البشر يتضمن :
- نظاما إقتصاديا : يحقق التنمية والرخاء للمجتمع ويضمن وظيفة مناسبة تدر دخلا كافيا لكل مواطن , ويلزم الغني بإخراج الزكاة للفقير التي تعتبر حقا للفقير في مال الغني وليست منة يمن بها عليه , وبيت مال للمسلمين يضمن مرتبا كافيا لكل من لا يقدر على العمل والكسب .
- نظاما إجتماعيا : يحقق التعاون والتضامن والتراحم والتكافل بين كل أفراد المجتمع , ويجعل المجتمع الإسلامي جسدا واحدا إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر , ويجعل المؤمنين كلهم إخوة متحابين .
- نظام تعليم وتربية : يضمن ثقافة واسعة في كل مجالات الشريعة الإسلامية لكافة أفراد المجتمع الإسلامي , وكذا تشجيع العلم والبحث العلمي والتقدم  في كل مجالات الحياة والأخذ بأحدث التكنولوجيا العصرية وتشجيع الابتكار والتجديد وتمييز المبدعين والمتفوقين , حيث أن طلب العلم فريضة على كل مسلم ( العلم الديني والدنيوي ) .
- نظام إعلامي : يبث ثقافة وفكر تتفق مع منهج الإسلام بعيدا عن الأغاني والأفلام والرقص والموسيقى المدمرة للقيم والأخلاقيات .
- نظاما عسكريا : يقوم على الإستعداد التام للقاء العدو ( أي عدو يهدد الإسلام والمسلمين ) , إمتثالا لأمر الله تعالى " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة " , والتوكل على الله تعالى وطلب النصر منه سبحانه لقول الله تعالى " وما النصر إلا من عند الله ", يوفر هذا النظام العسكري الأمن والأمان والكرامة والعزة لكل أفراد المجتمع الإسلامي , حيث أن كل جندي في الجيش المسلم أمامه إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة .   
- نظاما سياسيا : يجعل من الدولة الإسلامية دولة متحضرة ومسايرة لركب التقدم ويحقق العدل التام في المجتمع , ويحقق التعاون والترابط بين الدولة الإسلامية وباقي دول العالم , والحكم بمنهج الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
- نظام حكم : يجعل من الحاكم راعيا لشئون المجتمع ساهرا على راحته , وتوفير كل متطلباته , باذلا كل جهده في تحقيق العدل والرخاء والعلم وتكافؤ الفرص بين كل أفراد المجتمع , وتحقيق العدل والمساواة والحرية الكاملة لكل أفراد المجتمع وحرية العقيدة والعبادة لمعتنقي كافة الأديان , يشعر الحاكم أنه مسئول أمام الله سبحانه وتعالى عن كل فرد في المجتمع ( المسلم وغير المسلم ) بل وكل دابة , فقد قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ( لو تعثرت بغلة في العراق لسألني الله عنها لم لم أمهد لها الطريق ) , وفي عهد سيدنا عمر بن عبد العزيز صار بيت مال المسلمين ممتلئ بالمال لا يجد من يأخذه بعد أن صار المجتمع في رخاء اقتصادي لم يعرف التاريخ له مثيلا , وكان الفقير الوحيد في الدولة الإسلامية هو أمير المؤمنين سيدنا عمر بن عبد العزيز .  
  وهذه النظم والشرائع عند تطبيقها تكون ضمانا لكل أفراد المجتمع من الإنحراف أو الوقوع في المعاصي , وبالتالي عدم الحاجة أصلا لتطبيق الحدود , فمع وجود النظم ( الإقتصادية – الاجتماعية – التعليمية – الإعلامية - السياسية – العسكرية ) السابق توضيحها لا يوجد مبرر لإنسان أن يسرق , أو أن يزني أو أن يرتكب أية معصية تعرضه لإقامة حدا من حدود الله عليه لتوافر مقومات الحياة الكريمة لكل مسلم وتوافر العلم بالدين وبالحلال والحرام , كل ذلك يسد الفرص أمام الشيطان لإيقاع المسلم في المعاصي , ثم تأتي الحدود التي تطبق على كل مجرم آثم يرتكب جريمة في حق المجتمع بدون مبرر وهي عقوبات شديدة وقاسية , ولكن بهدف الردع ومنع الجريمة فالعقاب كلما كان شديدا كلما كان أكثر ردعا للمجرمين والتقليل من عدد الجرائم , فمثلا عقوبة السارق طبقا للحدود الإسلامية ( قطع يده ) ويكفي أن تقطع يد عدد قليل جدا أمام جمع من المسلمين ليؤدي ذلك إلا منع الجريمة نهائيا في المجتمع , بينما العقوبة في القوانين الوضعية المتمثلة في حبس السارق عدة أشهر أو عدة سنوات بعد أن يكون قد سرق مبالغ طائلة وتركها لأسرته تنعم بها وينعم هو بالطعام والراحة التامة في محبسه وينفق عليه من موازنة الدولة التي هي أموال الشرفاء في المجتمع وكأن السجن مكافأة له ولأسرته , لا يمثل ذلك ردعا أو زجرا , بل قد يتيح السجن له تعلم جرائم أخرى أكبر من المجرمين الذين يعيش معهم داخل السجن.       
- كما أن نظم الإسلام وشرائعه إنما لتحقيق التقدم والرخاء والعدل والأمان لكل أفراد المجتمع ( مسلمين وغير مسلمين ) , كما أن تطبيق الحدود فيه حماية للشرفاء في المجتمع ( مسلمين وغير مسلمين )  , حيث تطبق الحدود على مرتكبي الجريمة سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين , كما تطبق الحدود على مرتكبي الجريمة سواء كانت في حق مسلم أو غير مسلم .

34- كتابة اللافتات على الجدران
   هذه الظاهرة تنتشر ونلاحظها عند قدوم انتخابات ( المجالس المحلية – مجلس الشورى – مجلس الشعب ) , فنجد المرشحين يقومون بكتابة اللافتات على جدران المنازل والمنشآت والأسوار وفي أي مكان وبأية صورة , بشكل يؤكد عدم الإهتمام مطلقا بنظام أونظافة أو حضارة ممن يريدون تمثيل الشعب , ويدعون أنهم أكثر قدرة على ذلك , وأكثر علما وفهما ورقيا وتحضرا , وكان يجب الاستعانة بلوحات القماش , أو اللوحات المضيئة , أو ورقة يتم توزيعا في الشارع والأماكن العامة ( مساجد – نوادي ) , بدون تشويه المنظر العام للشارع , مع تقليل عدد هذه اللافتات قدر الإمكان , فما جدوى كتابة اسم المرشح مئات المرات بصورة متكررة في مكان واحد تقريبا ؟ , مع ملاحظة أن المرشح يكتب اسمه فقط وكأن الاسم وحده يكفي تماما لحصوله على تأييد الناخبين , فلا يهتم بتوضيح هويته وانتمائاته وبرنامجه الانتخابي , ودوافع ترشحه , وماذا ينوي تقديمه للمجتمع .       

35- سهولة توجيه الاتهامات للآخرين اعتمادا على الظن بدون دليل
  يقول الله تعالى " إن بعض الظن إثم " , ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " التمس لأخاك سبعين عذرا " , وهذا يؤكد على ضرورة أن يتحرى كل إنسان الدقة في كلامه وألفاظه وإتهاماته للناس , فلا يتهم أحدا إلا ومعه الدليل المادي على هذا الاتهام , وكذا لا يسيئ الظن بالناس , ولكن عليه تأكيد شكه بيقن كامل وأدلة موضوعية , ويكفي أن جريمة الزنا مثلا لا يؤكدها في الشريعة الإسلامية إلا أربعة شهداء , فلو أن ثلاثة من المسلمين شهدوا بإرتكاب أحد المسلمين هذه الجريمة فإنه يتم إقامة حد الله ( الجلد ) على من ؟ على الثلاثة شهود , لأنه لابد من أربعة لتأكيد وقوع الجريمة وينفي أي خطأ في ذلك , وكذا عندما أقام رسول الله عليه وسلم حد الزنا على المرأة التي جاءت معترفة , وأمهلها حتى تضع مولودها , وأمهلها أيضا حتى يفطم المولود , وجاءت به يأكل , وتم رجمها , لم يسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن والد الطفل لإقامة عليه الحد , فربما تتهم المرأة شخصا غيره وربما تخطأ في اسمه فيتم معاقبة شخص لم يرتكب هذه الجريمة.
      
36- قصر الوالدين تربية الأبناء على توفير الماديات فقط لهم دون الاهتمام بغرس القيم والفضائل الإسلامية فيهم
    يفهم الأب والأم تربية الأبناء فهما  خاطئا , حيث يقصرون التربية على توفير المال اللازم لتحقيق كافة المطالب المادية لهم من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وتعليم ودروس خصوصية وعلاج , وبالتالي فإن عليهما العمل ليل نهار لتوفير الأموال التي تحقق لأبنائهم هذه المطالب , دون إهتمام برعاية الأبناء نفسيا وعاطفيا ودينيا , حيث يحتاج الطفل لحنان الأم التي لا بديل مطلقا عنه , ولا يعوضه مطلقا حضانات الدنيا كلها , ويحتاج الإبن إلى متابعة للسلوكيات وتهذيب وتربية وتعليم وتقويم للأخلاقيات والقيم والتصرفات والإهتمامات والأصدقاء , بحيث يتم تقديم مواطنا صالحا للمجتمع ( علما وخلقا وقيما ) , وكل هذه الأمور ليست باليسيرة , بل تحتاج إلى بذل الجهد وتفريغ الوقت , والعناية بها بدرجة أكبر من توفير المال .

37- انتشار الوساطة والمحسوبية
   يعاني مجتمعنا من آفة الوساطة والمحسوبية بشكل كامل وفى كل المواقف (تعيين العاملين – نقلهم – منحهم مكافآت – ترقيتهم ...) , ويجب أن تخضع هذه الأمور بشكل كامل للكفاءة والجدية والالتزام وإحقاق الحق والبعد عن تغليب الأهواء الشخصية و شهادة الزور, حيث أن المدير أيا كان موقعه في المنظمة عندما يتخذ قرار بتعيين موظف أو منحه حافز أو ترقيته وهو غير مستحق بل يستحق ذلك شخص آخر أكثر منه كفاءة في العمل عند ذلك يكون شاهد زور , وغاش للمجتمع الإسلامي , ومعاونا لغيره على الكسب الحرام , ومشجعا على انتشار الفساد والإهمال في العمل كل ذلك مجاملة لإنسان آخر إرضاءا له من دون الله , والأولى به إرضاء الله عز وجل لأن رضا البشر لا يتحقق إطلاقا إلا إذا رضي الله سبحانه وتعالى على الإنسان .
    كما نجد هذه الوساطات والمحسوبيات في المصالح الحكومية , فليس من السهل لأي مواطن الذهاب إلى أي مصلحة وانجاز ما يريد , حيث لا يجد أصلا من يتحدث معه , أو لا يجد من يحدثه بأسلوب لائق , وبالتالي لا يحصل على المعلومات المطلوبة كاملة , وقد تضيع حقوق كثيرة على المواطنين بسبب عدم علمهم بها , أما إذا كان هذا المواطن قريبا أو صديقا لأحد الموظفين فإنه بلا شك يأخذ أكثر من حقه , حيث يتقدم على الأقل في الترتيب , ويسبق من قدموا طلباتهم قبله بكثير .

38- تحويل الأموال للبنوك خارج مصر وعدم إعادة استثمارها .
    يقوم رجال الأعمال والمستثمرين بتحويل الأموال والأرباح لبنوك الدول الأوروبية لاستثمارها بشكل يجعلها أكثر تقدم وأكثر منافسة لنا وأكثر قدرة على إعانة ودعم أعدائنا , والمفروض أن يعاد استثمارها بداخل الدولة مما يتيح فرص عمل للمواطنين , ووفرة في السلع والخدمات بشكل يؤدى إلى رفع مستوى المعيشة ودعم اقتصادنا وتقدم ونهضة بلدنا , بالإضافة لما يوفره ذلك من ربح أوفر للمستثمر , بالإضافة إلى الاطمئنان الكامل أنه بعيد عن شبهة الحرام , فعائد الاستثمار مؤكد أنه حلال بخلاف الفوائد البنكية التي هي محرمة شرعا .

 39- الدروس الخصوصية
      إحدى آفات العصر الحالي وأحد أمراضه التي أصابت الطلاب وأولياء الأمور والمدرسين فهذه عادة سيئة تؤدي إلى :
-         فقدان الطالب الثقة بالنفس وعدم الإعتماد على الذات .
-         عدم الإستعداد للمذاكرة وبذل الجهد .
-         إكتفاء المدرسين بالشرح والتوضيح في الدرس فقط دون المدرسة وأخذ مرتب حرام لا يقابله عمل .
-    ضياع وقت كبير في المدرسة وبعد ذلك الدروس في عدة مواد وبالتالي عدم الاستفادة من وقت كبير خلال اليوم كان من الممكن استغلاله في المذاكرة .
-    ظلم شديد للطلاب الذين لا يلجأون للدروس الخصوصية حيث لا يتلقون شرحا للمقررات بالمدرسة , ويعانون من إضطهاد المدرسين لهم .
-         إرهاق كاهل الوالد بأعباء مالية ليس لها مبرر .
-         تعلم الطلاب الفساد والمخالفات الشرعية من أساتذتهم وتعودهم عليها .
-         عدم إحترام وتوقير الطلاب لأساتذتهم .  
     ولا مبرر مطلقا للدروس الخصوصية بإنخفاض مرتب المدرس , فلا مبرر مطلقا لموظف يأخذ رشوة أو يهمل في عمله أو يختلس لأن مرتبه لا يكفي , وبالتالي فعلى المدرس القيام بواجبه كاملا خلال اليوم الدراسي , والله تعالى قد ضمن له الرزق وتكفل به فعليه أن يبحث عنه بالطرق الشرعية ويتحراه من مصادر مشروعة وهي كثيرة , فلم يخلق الله إنسان وقدر له رزقا حراما , كما أن تحري الحرام لا يذيد في رزق الإنسان وتحريه الحلال لا ينقص من رزقه , إنما يختار الإنسان بين الرزق الحلال أو الحرام فيحجب عنه الحلال .

40- عدم الإهتمام بالعمل الخيري ودعم الجمعيات الخيرية
 يجب على كل مسلم وليس الأغنياء فقط السعي الدائم لتقديم الدعم ومد يد العون للطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل وغير القادرة على الحصول على الدخل الكافي لمتطلبات الحياة (الفقراء – المرضى – الأرامل – المطلقات – الأيتام – الشيوخ), ويتم دعم هذه الطبقات من خلال دعم الجمعيات الخيرية التي ترعى مصالحهم  فالجمعيات الخيرية يمكنها بمزيد من دعم الفئات القادرة أن تجبر قصور الدولة من عدم إلزام المواطنين بالزكاة وتوزيعها على مستحقيها , حيث تعتبر هذه الجمعيات بديلا عن بيت مال المسلمين الذي يقوم بمهمة دعم الطبقات غير القادرة وتوفير الحياة الكريمة لهم في ظل مبدأ التكافل الاجتماعي في الإسلام , بالإضافة إلى اضطلاع هذه الجمعيات الأهلية بمسئوليات أخرى منها إنشاء المستشفيات الخيرية و تحفيظ القرآن ونشر الوعي الديني ومحو الأمية والحج والعمرة وإنشاء المساجد والمعاهد الأزهرية ودور الحضانة ومراكز التأهيل للمعوقين والمكتبات وغيرها من مشروعات النظافة والتشجير وتنمية المجتمع في كافة المجالات , ويسهم ذلك في خفض معدلات الجرائم وتوفير الأمن للمجتمع بكل فئاته وتوفير متطلبات الحياة لفئات غير قادرة على الوصول لسد احتياجاتها الضرورية , وما يسهم به المستثمر يعتبر صدقة جارية له لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى مقدار ما يحصل عليه من أجر في حياته ويستمر إلا بعد وفاته , كما ينفع الأبناء والأحفاد حيث ينتفع الأبناء في الدنيا والآخرة بصلاح آبائهم أكثر بكثير من انتفاعهم بالثروة المادية, كما أنه لا ينقص على الإطلاق من مال المستثمر مصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما نقص مال من صدقة " .
ودعم الطبقات المحتاجة لا يقتصر فقط على الأغنياء والمتيسرين وإنما يجب أن يقوم به كل أفراد المجتمع , كل على قدر استطاعته فمن لا يملك تقديم المال يملك تقديم الوقت والجهد بإنضمامه إلى إحدى أو بعض الجمعيات الخيرية للمساهمة في حصر الحالات المستحقة والمساهمة في مخاطبة المتيسرين وحثهم على التبرعات , وإدارة مشروعات الجمعية وتسيير أعمالها .

41- إرتكاب مخالفات شرعية عند زيارة الأضرحة
      رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته الكرام يمثلون القدوة والمثل الأعلى الذي يجب أن يحتذى بالنسبة لكل مسلم , فعليه القراءة عن حياتهم ومواقفهم وعلمهم والإجتهاد في التشبه بهم والسير على دربهم , أما زيارة القبور بصفة عامة لكافة المسلمين إنما يكون للإتعاظ وتذكر الموت وما بعده من حساب وجنة أو نار مما يزيد الإيمان في القلب ويؤدي إلى الإستزادة من الأعمال الصالحة , أما زيارات الأضرحة للتبرك أو الدعاء أو توسيط أصحاب الأضرحة بين الإنسان وبين الله , وطلب الحاجات والرجاء والمسح على جدران الضريح أو تقبيله وغير ذلك فهي أمور مخالفة لشرع الله عز وجل , لأنه لا وساطة بين الإنسان وبين ربه ولا شفاعة إلا يوم القيامة , ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول " إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله .." كما يقول صلى الله عليه وسلم " إذا مات إبن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " فكل إنسان بموته ينقطع عمله أي لا يذيد في حسناته ودرجاته عند الله سوى الصدقة الجارية أو العلم الذي ينتفع به المسلمون أو الولد الصالح الذي يدعو له , معنى ذلك أن المتوفي لا يستطيع نفع إنسان على الإطلاق إنما هو الذي ينتظر النفع من الأحياء , وهذا ينطبق على البشر جميعا فلم يستثني الرسول صلى الله عليه وسلم أحد من هذا ( آل البيت أو الصحابة أو الأولياء ) .

42- عدم بر المرأة بأهل الزوج والعكس
    من الملاحظ والشائع في المجتمع الإسلامي المشاكل الأسرية التي يكون السبب الرئيسي فيها العلاقات السيئة بين السيدة وأهل زوجها ( والدته ووالده وإخوته ) , فالعلاقة الحالية في الغالب هي العداء بين الطرفين وبدون أسباب , والواجب على الزوجة أن تكون بارة بأهل زوجها إكراما لزوجها الذي له الحق الأول عليها وإعتبارهم أهلها , كما يجب على أهل الزوج أن يحسنوا معاملة زوجة إبنهم كما يحبون أن يفعل مع إبنتهم , فقد أصبحت واحدة من أفراد الأسرة بإختيارهم , وبذلك تعيش الأسرة في سعادة وإستقرار الرجل وزوجته بارين محسنين إلى أهليهما , والأهل كذلك يعتبرون زوجة إبنهم بديلا لإبنتهم التي هي في بيت آخر , وزوج إبنتهم إبنا لهم , وبتحقيق هذه القيم إرضاءا لله تعالى تعيش الأسرتين في جو من الود والتفاهم والصداقة والمحبة بلا مشاكل .   

43- الخروج بسرعة من المسجد عقب الصلاة
      ظاهرة نراها بكثرة في المساجد وهي سرعة الإنصراف من المسجد عقب السلام من الصلاة والتزاحم على باب المسجد خاصة يوم الجمعة زحاما شديد فقد يقف المصلي على الباب منتظر دوره في الخروج لمدة تصل إلى عشر دقائق , ويضن على نفسه بهذه الدقائق ليختم الصلاة ويصلي السنة , وهذين العملين لا يستغرقان أكثر من عشر دقائق , كما أن الإنتظار قليلا بعد الصلاة يتيح للمصلي فرصة سماع حديث من إمام المسجد بعد الصلاة , او سماع إعلان مهم له وللمسلمين , فإذا أراد أحد المصلين التحدث إليهم في أمر فإنه عندما يتأهل لذلك يكون قد إنصرف من المسجد أعداد كبيرة من المصلين والباقون يتزاحمون على باب المسجد ولا يسمعون شيئا مما يقال , على الرغم من إمكانية وقوف بعض المصلين أمام المسجد للتحدث في أمور دنيوية لفترة كبيرة بعد الخروج فضلا عن الوقت الضائع أمام التليفزيون والكمبيوتر والنت غيرها .

44- التبذير والاسراف في الطعام والشراب خاصة في الحفلات والعزائم
      أمر الله عز وجل بالتوسط في كل شيء فالتبذير مذموم بقول الله تعالى " ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا " , كما قال الله تعالى " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقكم ولا تبسطها كل البسط " أي أن التبذير والتقتير كلاهما آفة يجب التخلص منها فالبخل مذموما كالتبذير بقول الرسول صلى الله عليه وسلام " ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي مناد اللهم أعطي منفقا خلفا وينادي آخر اللهم أعطي ممسكا تلفا " , والمطلوب من المسلم أن يلتزم بالوسطية مع أهل بيته وكذا مع ضيوفه في الحفلات والعزائم والولائم فيقدم لضيوفه الطعام والشراب بصورة معتدلة لا إسراف فيها ولا تقتير , فليس من المقبول إعداد الطعام والشراب بصورة مبالغ فيها وإلقاء كميات كبيرة في سلة المهملات في الوقت الذي يعاني فيه الكثير من المسلمين من عدم إمتلاكهم قوت يومهم . 

45-  عدم الالتزام بالمواعيد
     الدقة في المواعيد صفة يفتقدها الكثير من المسلمين ويرجع ذلك إلى عدم الإهتمام بالوقت وعدم معرفة قيمته , والوقت أهم ثروة يمتلكها الإنسان فيجب أن يكون دقيقا ملتزما منضبطا في مواعيده حفاظا على وقته وأوقات الآخرين .

46- هجر القرآن
     القرآن الكريم دستور ومنهج للمسلمين بالإضافة إلى ذلك فإن قراءة الحرف الواحد منه بعشر حسنات كما ثبت بالحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , كما أن قراءة القرآن تؤدي إلى طمأنينة وإنشراح في القلب ولذة للإنسان ليس لها مثيل على الإطلاق , كذلك تؤدي إلى التعرف على أحكام القرآن الكريم وأوامر الله عز وجل ونواهيه حتى يعبد المسلم ربه كما أمر سبحانه وتعالى , فتكون عباداته ومعاملاته وأدابه وأخلاقه وعقيدته كما أمر الله عز وجلا وجاء في القرآن الكريم , كما أن القرآن الكريم ياتي شفيعا لأهله يوم القيامة , ويكون شاهدا للإنسان أو شاهد عليه , ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار والعياذ بالله .

47- المستحسن على أهله
    يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته " والرجل المسلم راع ومسئول عن رعيته وهم زوجاته وأولاده ويقول الله تعالى " قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " , فالرجل هو المسئول عن كل أفراد أسرته أمام الله تعالى فيجب عليه أولا إختيار الزوجة الصالحة المؤمنة , ثم الإستمرار في متابعتها وتوجيهها وتعليمها أمور دينها وحثها على عبادة الله عز وجل والإلتزام بأوامره وتجنب نواهيه , وكذا بالنسبة للأبناء عليه الاهتمام بتربيتهم التربية الإسلامية ومتابعة سلوكياتهم وأفكارهم وأدائهم للفروض وتمسكهم بالسنن , لأن زوجات المسلم وأبنائه في ميزان حسناته أو في ميزان سيئاته , وكثيرا ما نجد رجل ملتزم متدين ومحافظ على الصلاة ونجد زوجته أو أبنائه لا يصلون أو نجد أبنائه غير ملتزمين بآداب الإسلام أو بناته متبرجات , أو نجد الأسرة مدمنة لسماع الأغاني والموسيقى والأفلام والمسلسلات , او أبنائه يدخنون وغير ذلك , مما قد يحبط أعمال الرجل مهما كانت عظيمة لأنه راع ومسئول ومحاسب أمام الله عز وجل عن كل من يعولهم أحفظ أم ضيع , كما أن إهمال التربية الإسلامية الصحيحة للزوجة سبب رئيسي في النزاع و الطلاق والمشاكل الأسرية , وكذا عدم التربية الصحيحة للأبناء سبب رئيسي في عقوق الأبناء ومعاناة الأسرة والمجتمع بالكامل من جراء هذا العقوق . 

48- تطفيف الكيل
    يقول الله تعالى " ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون " , وفي هذه الآية تحذير شديد من تطفيف الكيل المنتشر في هذا الزمان فنحن نلاحظ  في الواقع الملموس للجميع أنه عندما يقوم شخص بشراء شيء فإنه يحرص على التطفيف بأن تصل كفة الميزان التي بها الشيء المشترى للنهاية وبذلك لا تكون الكفتان متساويتان , ويكون ذلك أمام البائع ويوافقه على ذلك , وفي المقابل يقوم البائع بغش الميزان نفسه , أي أن المجتمع الإسلامي أصبح إلف معصية ( إعتاد المعاصي وأصبح لا يعتبرها كذلك ) حتى أن البائع عندما يجد الكفتين متساويتين يضع هو كمية من البضاعة في الكفة وهو ما يعرف في اللغة الدارجة ( تطبيب الميزان ) , والصواب أن تكون الكفتان متساويتين تماما  وهذا يعني التماثل بينهما ( الكفة التي بها البضاعة والأخرى التي بها الكمية المماثلة من الحديد ) . 
    وتطفيف الكيل لا يقف عند البيع والشراء فقط وإنما ينصرف إلى كل أمور الحياة فعلى كل إنسان الإهتمام بأخذ حقه من الآخر ( حقه فقط دون زيادة ) حتى لو لم يكن الطرف الآخر يعلم , فعلى المسلم إحقاق الحق دائما وإعطاء كل ذي حق حقه دون زيادة أو نقص , وذلك في كافة المعاملات بين المسلمين .
  
49- الجدال وإعجاب المرء برأيه حتى لو خالف رأي الجماعة
    لا تجتمع الأمة إلا على الخير , ويد الله مع الجماعة , وقد أقر الإسلام مبدأ الشورى بين المسلمين , لأن الإنسان مهما وصل إلى علم وفهم وفكر فإن قدراته محدودة ويجب عليه التشاور مع إخوانه والنزول على رأي الأغلبية حتى لو خالف رأيه , ولا ينقص ذلك من قدره بل على العكس فإن استئثاره بالرأي وتمسكه به على الرغم من مخالفته للإجماع قد يصيب الإنسان بالكبر ويوجد المشاكل والخلافات التي تؤدي إلى الفشل .

50- المغالاة في المهور
     يشيع بين الكثير من المسلمين مقولة غير صحيحة وهي أن (العرض لا يهدى) بما يفيد ضرورة المغالاة في المهور والتقليد والتشبه , والظن أنه كلما كان المهر وتكاليف الزواج التي يتحملها الرجل كبيرة كلما كان ذلك دليل على تقدير الرجل لخطيبته وأهلها والعكس , على الرغم من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " أقلهن مهورا أكثرهن بركة " كما قال صلى الله عليه وسلم لمن يريد الزواج وليس عنده شيء إلتمس خاتما من حديد , كل المسلمون يعلمون ذلك ولكن المشكلة في التطبيق , فالذي يجب أن يهتم به الرجل هو حسن إختيار زوج إبنته كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم " إذا جاءكم من ترضونه دينه وخلقه فزوجوه " فهذا الرجل الذي معه الدين هو الذي يأتمنه الوالد على إبنته , أما الغنى والفقر فبيد الله عز وجل وأحد مصادر الغنى المضمونة الزواج فالفقير عندما يطلب الغنى يأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بالزواج .

51- قيام المواطنين بدفع رشاوى للموظفين و تشجيعهم على الإستمرار في ذلك
    يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " لعن الله الراشي والمرتشي والرائش " , واللعنة هي الطرد من رحمة الله تعالى ومن جنته , لذا يجب على كل مسلم ألا يكون طرفا من هذه الأطراف الثلاثة حيث يتساوى في الوزر الراشي والرائش مع المرتشي , فلا فرق بينهم , لأنه لو لم يكن الراشي ما كان المرتشي ولولا وجود الرائش لما تمت عملية الرشوة , فعلى المسلم أن يحرص حرصا شديدا على عدم دفع أية رشوة لأي إنسان مهما كانت المكاسب المنتظرة ومهما كانت الخسائر التي يعظمها له الشيطان , وفي الحقيقة لا مكاسب على الإطلاق من دفع رشوة ولا خسائر من عدم دفعها , لأن الله سبحانه وتعالى هو مقدر الأقدار ومسير الأمور ومتكفل بالأرزاق , ولم يأمر على الإطلاق بتحري الرزق من أي طريق حرام . 
إنما حدد الأسباب الحلال المشروعة لتحري الرزق الذي ضمنه الله سبحانه وتعالى لكل إنسان , فمن المستحيل أن يفوت الإنسان رزق قدره له الله بتخليه عن الرشوة ومن المستحيل أن يأخذ الإنسان درهما واحدا لم يقدره له الله بسبب دفعه رشوة لإنسان آخر لا يملك من أمر نفسه هو شيء , فلا بديل مطلقا عن تحري الحلال ولا رخصة مطلقا لإرتكاب ذنب لعن الله مرتكبه , فإذا أراد الإنسان وظيفة مثلا ولن يحصل عليها إلا بدفع رشوة , ولم يقم بدفعها هل يصبح بذلك عاطلا لا عمل له ولا رزق (حاشى لله ) , فالرزاق هو الله سبحانه وتعالى , ومن إطلع على الغيب ليعلم أن هذه هي الوظيفة المثلى بالنسبة له ويجب التضحية بالجنة من أجلها ؟ , ألا يمكن أن يكون عدم تيسير هذه الوظيفة سببا لوظيفة أخرى أفضل بكثير من الأولى ؟ ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه , ولو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع , إن الرزق يبحث عن صاحبه كما يبحث صاحبه عنه , بل إن الرزق يعرف تماما عنوانك وسيصل إليك , أما أنت فلا تعرف عنوانه وتبحث عنه ولكن بالطرق التي شرعها الله تعالى , وليعلم المسلم الذي يقوم بدفع رشوة للحصول على عمل مثلا إنما حصل عليه لأنه مقدر له من الله العليم الخبير ولو لم يقم بدفع الرشوة فإنه حتما كان سيحصل عليه من غيرها , مصداقا لقول الرسول الكريم " ..إعلم أنه لو إجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء فلن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك و لو إجتمعوا على أن يضروك بشئ فلن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك " .  
    كما أن إعتياد المسلمون على دفع الرشاوي يشجع المرتشين على الإستمرار والتعود على أكل الحرام وأكل أموال الناس بالباطل , أما إذا إمتنع الناس عن إرتكاب هذه الجريمة فإن ذلك نصرة للظالمين بمنعهم عن ظلم الناس وظلم أنفسهم .

52 – المجاهرة بالمعاصي .
      من كثرة معاصينا لله أصبح المجتمع إلف معصية  أي أنه إعتاد على المعاصي والذنوب , ومن كثرة تعوده عليها أصبح المسلم لا يعدها ذنوب بل ويتفاخر بها ويجهر بها أمام الناس , حتى لو لم يرونه يفعلها فإنه يحدث بها الآخرين وكأنه يتفاخر بعصيانه لله تعالى , يستره الله فيأبى إلا أن يفضح نفسه , حيث نجد طالبا يحدث آخر عن سؤال معين في الامتحان فيقول له لقد غششت هذا السؤال , وكأن هذا أمرا عاديا ليس فيه مخالفة شرعية , وآخر يحدث زميله عن سهرة له شرب فيها الخمر والعياذ بالله , ذنوب كثيرة يتحدث عنها الإنسان وكأنه قام بعمل بطولي وليس بعمل إجرامي من ( كذب ونفاق وسرقة ونصب وتغرير وغش وخداع وسماع للأغاني والأفلام الهابطة وغيرها ) , يتحدث الناس عنها بصورة عادية فيما بينهم بلا خجل من الله عز وجل وبلا وازع من ضمير وأخلاق وكأن الله سبحانه وتعالى لم يحرم هذه الأشياء .

53-  كتمان الشهادة
    يقول الله تعالى " ولا تكتموا الشهادة " , فمن لديه معلومة من الممكن أن تفيد إنسان في موقف معين أو قضية أو تعزز موقفه فيجب عليه المبادرة بالشهادة بدون أن يطلب منه تنفيذا لأمر الله عز وجل , كما أننا كثيرا ما نلاحظ في الشارع أو في المواصلات مشادة أو مشاجرة بين إثنين , ويؤثر الجميع السكون التام وكأن الأمر لا يعنيهم ولا يبادر أحد بالتدخل لحسم الخلاف بكلمة حق وشهادة عدل تنهي الخلاف وتحقق نصرة للمظلم بإعانته على أخذ حقه ونصرة للظالم بكفه عن ظلمه , وهذه سلبية لا يجب أن يتصف بها المسلمون.

54- النفاق والتملق
    وهذه صفة ذميمة مصاب بها الكثير من أفراد المجتمع وتتمثل في بذل الجهد ليس في العمل بل في النفاق للرؤساء ومحاولة كسب رضاهم بمدحهم بما ليس فيهم , ومحاولة التقرب إليهم بالهدايا والرشاوى والكلمات المعسولة , حتي يأخذ الإنسان حق غيره بدون جهد أو عمل , وخيرا للمسلم بذل الجهد في القيام بعمله على الوجه الأكمل إرضاءا لله تعالى , حيث يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " , وإذا امتثل الإنسان فإنه يكسب رضا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم الذي به يتحقق رضا البشر , فالله سبحانه هو الذي يأمر خلقه بالرضا والحب لإنسان أو الغضب عليه وبغضه , وفي كل الأحوال يجب على المسلم أن يتيقن من عدم حصوله على أقل من الرزق المقدر له عند تخليه عن النفاق , وكذا لن يحصل على أكثر من رزقه بممارسته هذه الرزيلة . 
 
55- سوء سلوكيات الوسطاء والسماسرة
   الوسطاء والسماسرة في البيع والشراء والمعاملات بين الناس , في الغالب الأعم لا يهتمون سوى بزيادة ثرواتهم على حساب الآخرين , فمن الممكن أن يتعمد الوسيط رفع سعر السلعة لأنه سيحصل على نسبة من الثمن كعمولة أوأتعاب , خاصة إذا كان المشتري لا يعلم السعر الحقيقي للسلعة التي يريد شراؤها  , أو يلجأ الوسيط إلى خفض ثمن السلعة لتشجيع المشتري على الشراء حتى تتم الصفقة ويحصل هو على العمولة تغريرا بالبائع ,       ولاشك في أن إتباعه لسياسة الخداع والتغرير بأحد طرفي الصفقة أو كلاهما يؤدي إلى كسب حرام له , كما أن هذه الحيل المحرمة لن تزيد أو تنقص من رزق الوسيط أو المشتري أو البائع , إنما يختار الإنسان طريق الحرام ليحصل منه على رزقه الذي حتما كان سيأتيه من حلال لو لم يتعجله متحريا الحرام . 

56- بيع المسلم على المسلم
     ويقصد أن المسلم عندما يتفق مع البائع على الشراء بسعر معين , فقد يأتي آخر ويذيد الثمن للبائع إغراءا له ليرجع في البيع للمشتري الأول الذي إتفق معه وباع له , وهذا بيع حرمه الإسلام فلا يجب على المسلم أن يتعدى على حق أخيه المسلم .  

57- بيع السلعة قبل قبضها
    تتمثل شروط البيع الحلال في ( المشتري -  البائع - السلعة ولابد أن تكون مملوكة للبائع وقت إتمام الصفقة ومعلومة للمشتري كما ووصفا - الرضا والقبول من البائع والمشتري) .
   ويحرم البيع إذا لم تكن السلعة متاحة أو ليست مملوكة للبائع  وقت الإتفاق .

58- بيع بيعتين في بيعة واحدة
    حيث يجب على المسلم إتمام كل بيعة بصورة مستقلة , والمثال على بيع بيعتين أن يقول المسلم لأخيه أبيعك كذا بمبلغ كذا على أن تبيعني كذا بمبلغ كذا .

59- البيع بالعربون
   نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع بالعربون , وهي عادة منتشرة بين أفراد المجتمع , وهي أن يعطي المشتري مبلغا من ثمن السلعة للبائع بحيث يأتي في وقت لاحق لإستكمال الثمن وإستلام السلعة , وإذا لم يأتي فليس له إسترداد هذا المبلغ الذي دفعه ويسمى عربون .

60- المغالاة في ثمن السلعة للتغرير بالمشترين
    حيث يأتي من يريد مجاملة البائع بالإدعاء أمام المشتري أنه يرغب في شراء السلعة , وبسعر أعلى من سعرها الحقيقي حتى يغرر بالمشتري الذي يعتقد أن السلعة مرغوبة من الآخرين فيقدم على شرائها بالسعر الذي حدده الذي يغرر به ( وفي الحقيقة هو سعر أعلى من سعر السلعة الحقيقي ) .

61- الإنتماء لغير المسلمين
    كثيرا من المصريين يتفاخرون بكونهم فراعنة وأحفاد للفراعنة بناة الأهرامات صناع الحضارة وينسون أن هؤلاء الفراعنة كانوا كفارا لا يؤمنون بالله الواحد , فكيف يفخر المسلم بإنتمائه لكافر ؟ ,إنما الإنتماء للإسلام والمسلمين حيث يفخر المسلم بإنتمائه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبأنه واحدا من المسلمين الذين يؤمنون بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا , ويعتز المسلم بإنتمائه لإخوانه المسلمين في كل مكان في العالم وليس في مصر فالمؤمنون أخوة أيا كان موطنهم أو لغاتهم أو ألوانهم . 

62- تعدد الجماعات والفرق الإسلامية
       المسلمون أمة واحدة , لها نبي واحد هو رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , ولها قرآن واحد , وسنة واحدة , فلماذا الجماعات أو الفرق أو الإختلافات ؟ , أيوجد قرآن وسنة ومنهج لكل جماعة أو فرقة ؟ , رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ " فهل ثبت عن أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي أنه كون جماعة أو إدعى أحد منهم إنتمائه لغير جماعة الإسلام الواحدة ؟ , رسولنا صلى الله عليه وسلم قصر دخول الجنة على فرقة واحدة هي ما هو عليه وأصحابه , المنهج الإسلامي واحد وكلنا نتبع دين واحد إن إختلفنا في شيء فيه فلنرده إلى القرآن والسنة لنعلمه على حقيقته من علماء تفسير القرآن وعلماء الحديث وعلماء الفقه وغيرهم , التكليفات في الشريعة الإسلامية واحدة لكل المسلمين من فرائض وسنن وغايات وأعمال , أما إختلاف المذاهب الأربعة في الفروع وليس في الأصول فلا حرج من إتباع أيا منا مذهبا مخالفا لمذهب آخر , لأن المشرع سبحانه يريد التيسير على المسلمين فيما لم يرد فيه نص قاطع الدلالة , وجميع مسلمي الأرض أمة واحدة وأخوة متحابين لا خلاف ولا فرقة إنما التعاون على أهداف وغايات واحدة لكل المسلمين من تحكيم كتاب الله وسنة رسوله في كل أمور حياتنا على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع , ومن أخطر سلبيات هذه الجماعات والفرق الخلافات الحادة بينهم والإنتقادات التي قد تصل إلى الجدال المخالف لشرع الله أو الخصام والقتال في بعض الأحيان , على عكس الواجب على المسلمين من إتحاد وحب وتعاون على نشر دين الله والسعي لتحكيم منهجه ( نتعاون فيما إتفقنا عليه ونتحاور فيما إختلفنا فيه ونرده للعلماء لحسمه والرضا والتسليم بإجماع علماء المسلمين ) .        

63- قيام التلاميذ للمدرس عند دخوله الفصل تعظيما له وقيام الحاضرين لهيئة المحكمة
       كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه عن القيام له عند قدومه عليهم , وبالتالي لا يجوز قيام أي إنسان تعظيما لإنسان آخر , ويقتصر القيام فقط على استقبال الضيف والسلام عليه والترحيب به , وهذا من كرم الضيافة , ولأنه لا يوجد من هو أعظم من رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم ذلك منع أصحابه من الوقوف تعظيما له , لذا يجب على كل مسلم ألا يقف تعظيما للداخل عليه مهما كان قدره , وكذا يجب على المدرس أن يأمر تلاميذه بعدم القيام له عند دخوله الفصل , وكذا الحاضرين بالمحكمة لا يقفون تعظيما لهيئة المحكمة , فالعظمة لله تعالى وحده له نقف وله نركع وله نسجد سبحانه .

64- التقصير في بر الوالدين
     يقول الله تعالى " ولا تقل لهما أف ", ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم " أنت ومالك لأبيك " , وقرن الله تعالى بر الوالدين بطاعته سبحانه بحيث لا يقبل أيا منهما بدون الأخرى , فمن عبد الله وأطاعه ولم يبر والديه فلا يقبل الله تعالى منه أعماله .
ويكون بر الوالدين بالإحسان إليهما  بالكلمة الطيبة وبالمال والوقت والجهد والطاعة التامة فيما ليس فيه معصية لله , هذا في حياتهما , أما بعد وفاتهما فيستمر بر الوالدين ب :
-         الدعاء لهما .
-         الصدقات على روحيهما .
-         إنفاذ عهدهما ووصاياهما ما لم تكن فيها مخالفات شرعية .
-         صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما .
-         إكرام أصدقائهما .

65- سب الدهر
      تنتشر بين الكثير من المسلمين ألفاظ فيها سب وذم للدهر ( الزمن ) , على الرغم من قول الله تعالى في الحديث القدسي " يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار " , فمن يسب الدهر فإنه يسب الله عز وجل .

66- الاعتقاد بأن الله تعالى كتب على الإنسان الشروبذلك ليس له أن يختار عمل الخير.
     يكتب للإنسان وهو في رحم أمه ( رزقه وأجله وشقي أم سعيد ) أي أنه لا حيلة في الرزق ولا شفاعة في الموت حيث أن الإنسان مسير في هذين الأمرين ليس في استطاعته تغيير ما قدره له الله بالنسبة لهما , أما أن يكتب الله عز وجل على الإنسان وهو في رحم أمه شقي أم سعيد أي أنه سيعمل عمل أهل الجنة أم سيعمل عمل أهل النار رغم أن الإنسان مخير في هذا الأمر أن يطيع الله أو يعصاه وسيحاسب على أعماله دليل على أنه مخير بين طريق الخير وطريق الشر , ولا تعارض بين كون الإنسان مخير في هذا الأمر وأن الله قد كتبه عليه لأن الله سبحانه وتعالى يعلم الغيب وعلمه سبحانه للغيب يجعله يعلم مسبقا بما سوف يختاره الإنسان ( الطاعة أم المعصية , طريق الرحمن أم طريق الشيطان ) فكتب الله تعالى على الإنسان المصير الذي سوف يختاره الإنسان لنفسه في المستقبل , لذا ليس لإنسان أن يخالف أوامر الله عز وجل مدعيا أن ذلك خارج عن إرادته وأنه مكتوب عليه ذلك , بل إنه مخير وسيحاسب على اختياره .   

67- السلام على الكافر
 يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه " رواه مسلم , كما قال صلى الله عليه وسلم " إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم " متفق عليه , وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى , ولا يمنع ذلك من معاملة أهل الكتاب معاملة حسنة والسؤال عنهم وعدم إيذائهم ومعاملتهم بالعدل والرحمة .

68- السلبية تجاه المفاسد والمخالفات الشرعية
من أهم واجبات المسلم ومسئولياته ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , ونصرة الظالم بكفه عن ظلمه ونصرة المظلوم بمعاونته على الوصول إلى حقه , ومقاومة المفسدين والمخالفين لأحكام الله تعالى , فلا يجب على المسلم التهاون في هذه الأمور من باب البعد عن المشاكل خاصة إذا كان ليس طرفا فيها , بل المبادرة إلى قول الحق والجهر به مهما كانت قوة الباطل والأدلة على ذلك :
-         قول الله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنو بالله " .
-    قول الرسول صلى الله عليه وسلم " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " وبدأ صلى الله عليه وسلم بالظالم ( حيث يجب على المسلم نصرة الظالم بكفه عن ظلمه ) .
-    حتى أن الله تعالى أمر بقتال الظالم في قوله تعالى " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله .." .
-    قول الله تعالى " لا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " وقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ...) أي أن شهادة الحق ونصرة الظالم والمظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومقاومة الفساد واجب كل مسلم وبدون أن يطلب منه , حتى لا ينتشر الظلم والفساد والمخالفات لأمر الله , فالساكت عن الحق شيطان أخرس , نعوذ بالله من ذلك .
-    كما أن الله تعالى لما أمر سيدنا جبريل عليه السلام بهدم القرية الظالم أهلها , وجد جبريل بها رجلا صالحا , فقال ياربي كيف أهدمها وبها عبدك الصالح فلان ؟ فقال تعالى به فابدأ ! لأنه لم يتغير وجهه يوما من أجلي .
-         ولنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام المثل الأعلى الذي يجب أن يحتذى وأعرض بعض الأمثلة الواقعية :
-    عندما وجد سيدنا الخباب بن المنذر الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر جيش المسلمين في غزوة بدر بالإقامة في مكان معين انتظارا لملاقاة الكفار , سأل سيدنا الخباب رسول الله صلى الله عليه وسلم عما إذا كان هذا وحي من الله , ولما أفاده صلى الله عليه وسلم بأنه اجتهاد بلا وحي عرض عليه تغيير المكان ليكون أمام بئر بدر , ونزل الرسول صلى الله عليه وسلم على رأيه وتم الإنتقال وتم نصر الله للمسلمين , ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد طلب رأي أحد , بل كان قد اتخذ القرار , ولما كان عند سيدنا الخباب رأيا يراه أرجح لمصلحة المسلمين لم يتردد أن يعلم به الرسول الكريم , رغم أنه رسول الله ورغم أنه الرئيس والقائد صلى الله عليه وسلم , ولم يقل سيدنا الخباب أنا جندي في المعركة فحسب ولا دخل لي , ولم يتعالى الرسول صلى الله عليه وسلم ( أفضل الخلق جميعا ) ولم يتردد في التنفيذ عندما اقتنع بصحة رأيه  .    
-    عندما رأى سيدنا عمر بن الخطاب قتل أسرى بدر ورأى أبو بكر العفو عنهم , نزل صلى الله عليه وسلم على رأي سيدنا أبي بكر ونزل القرآن مؤيدا لرأي سيدنا عمر , أقصد بهذا أن كل بني البشر يخطئون ويصيبون حتى رسولنا صلى الله عليه وسلم , ما لم يكن مؤيدا بالوحي من الله سبحانه وتعالى .  
-    وقفت إمرأة تخالف وتعارض سيدنا عمر بن الخطاب وهو يخطب وأمام جمع كبير من المسلمين , وأقامت عليه الحجة , وأقر سيدنا عمربخطأه وقال أصابت إمرأة وأخطأ عمر وأمام الجميع , وهو من يخشى الشيطان مقابلته , والذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم  " لو أن نبيا بعدي لكان عمر " , وكان وقتها أميرا للمؤمنين .
-         كما أمر سيدنا عمر المسلمين في إحدى خطبه بالسمع والطاعة لولي الأمر , فوقف رجلا وقال له لا سمع لك ولا طاعة يا عمر , فسأله سيدنا عمر عن السبب فأوضحه له , ولما بين له سيدنا عمر حقيقة الأمر قال الرجل الآن نسمع ونطيع , لأن طاعة ولي الأمرواجبة بشرط طاعته لله سبحانه وتعالى , وقد قال ذلك سيدنا عمر بن الخطاب ( أطيعوني ما أطعت الله فيكم ..) , كما أن الآية الكريمة " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " تشترط أيضا طاعة ولي الأمر لله ولرسوله حيث تكرر الأمر أطيعوا مرتين وليس ثلاثة أي أن الثالثة مشروطة بتحقيق الطاعتين الأولى والثانية , فلم يقل سبحانه وتعالى وأطيعوا أولي الأمر منكم , وإلا كانت طاعة ولي الأمر غير مشروطة ومماثلة لطاعة الله والرسول . 

     بهذا يتضح مدى أهمية الإيجابية في المجتمع المسلم , والمبادرة بأي أمر فيه مصلحة المسلمين وفيه مقاومة للفساد للوصول للأفضل .

  69 -  تكفير المسلم اً
تكفير المسلم خطره عظيم جداً،
 قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"، وقال: "تكفير المسلم كقتله".
- (( التكفير حكم قضائي يحتاج إلى إثبات ))، فالمتأول الذي لا يقصد الكفر وإنما اجتهد فأخطأ لا يكفر
- قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} [الأحزاب: 58].
- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه) [رواه مالك والبخاري ومسلم وغيرهم].
- عن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فهو كقتله) [رواه البزار، ورواته ثقات].
- قال المناوي رحمه الله: (ومن قذف مؤمناً بكفر كأن قال: يا كافر فهو كقتله، أي القذف كقتله في الحرمة، أو في التألم، ووجه الشبه أن النسبة إلى الكفر الموجب للقتل كالقتل، فإن المنتسب إلى الشيء كفاعله) [فيض القدير: 5/371].
وقد  قال الله تعالى عن عقوبة القتل " وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيما" [النساء: 93].
- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) [رواه البخاري ومسلم وغيرهما].

70- ( إستهانة قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق )عمدا
يقول الله ـ تعالىـ: (ولاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ التِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلونَ) (من
الآية رقم 151 من سورة الأنعام).
ويقول ـ سبحانه: (ولاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ التِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ ومَنْ قُتِلَ مَظْلومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِفْ فِي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصورًا) (سورة الإسراء الآية رقم 33).
ويقول ـ عَزَّ من قائل ـ: (ومَنْ يَقْتُلْ
مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ ولَعَنَهُ وأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (سورة النساء الآية رقم 93).
ويقول ـ سبحانه ـ: (والذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ ولاَ يَقْتُلونَ النَّفْسَ التِي حَرَّم اللهُ إِلاّ بالحَقِّ ولاَ يَزْنُونَ ومَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) (الآية رقم 68 من سورة الفرقان).
ويقول ـ جلَّ شأنُه ـ: (ولاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وإِيَّاكُمْ
إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) (الآية رقم 31 من سورة الإسراء).
ويقول ـ عزَّ من قائل ـ: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَل نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ومَنْ أَحْيَاهَا فَكَأنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (الآية رقم 32 من سورة المائدة).
 وفي الحديث: روى ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يطوف بالكعبة ويقول: "ما أطيبَكِ وما أطْيَبَ ريحَكِ، ما أعظمَكِ، وما أعظم حُرمتَكِ، والذي نفس محمد بيده لَحُرْمة المؤمن عند الله أعظم من حُرمتِك: ماله ودمه" (اللفظ لابن ماجة ـ الترغيب والترهيب للمنذري جـ 3 ص294).
وعن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لا تُقْتَل نفس ظُلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كِفل من دمِها؛ لأنَّه كان أول مَنْ سَنَّ القتل" (روى الحديث البخاري ومسلم والنسائي والترمذي ـ التاج الجامع للأصول جـ 3 ص 3).
وعنه عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "أوَّل ما يُقْضَى بين الناس يومَ القيامة في الدماء" (روى الحديث البخاري ومسلم والنسائي والترمذي ـ التاج الجامع للأصول جـ 3 ص 3)..
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "اجْتنِبوا السَّبْع الموبِقات قالوا: يا رسول الله وما هُنَّ؟ قال: الشِّرك بالله والسِّحْر وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق وأكل الرِّبا وأكل مال اليتيم والتولِّي يوم الزَّحْف وقَذْف المُحْصَنات الغَافِلاتِ" (رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي ـ التاج الجامع للأصول جـ 3 صـ5).
ورُوِيَ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنّه قال: "لا يَحِلُّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنِّي رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثَّيِّب الزاني، والمارِق من الدين التارك للجماعة" (متفق عليه ـ اللؤلؤ والمرجان فيما اتَّفق عليه الشيخان ـ باب ما يُباح به دم المسلم الحديث رقم 1091 ـ ط المطبعة العصرية بالكويت 1398هـ ـ 1977م).
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ".. ومَن قتل نفسَه بشيء في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة.." (من حديث متفق عليه ـ المرجع السابق ـ باب تحريم قتل الإنسان نفسه ـ حديث رقم 70 صـ 21).
وقال ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ: "مَن أعانَ على قتل مؤمِن بشَطر كلمة لَقِيَ الله مكتوبًا بين عَينيه آيِس من رَحمة الله" (رواه ابن ماجة والأصبهاني من حديث أبي هريرة، ورواه البيهقي من حديث ابن عمر، غير أنه قال: "مَن أعان على دم امرئ مسلم..الحديث" الترغيب والترهيب للمنذري جـ 3 ص 294، 295).
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "قتل المؤمِن أعظم عند الله من زوال الدنيا" (رواه النسائي والبيهقي ـ المرجع السابق ص 294).
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "... فإنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحُرمة يومكم هذا في بلدِكم هذا في شَهرِكم هذا.." (من حديث متفق عليه ـ اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان ـ حديث رقم 1094 صـ 418، 419).

71- ارتــداء الــرجــال للأســــاور
روى البخاري (5435) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ ( .
وفي رواية للبخاري أيضا (5436) : ( لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخَنَّثِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَقَالَ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ ( .
فقد تبين من الحديثين المذكورين تحريم تشبه الرجال بالنساء ، وعكسه ، وهكذا تحريم أفعال المخنثين ، وهم ذوو الميوعة والتخنث في الهيئة .
قال المباركفوري رحمه الله :
"
أَيْ : الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ فِي الزِّيِّ وَاللِّبَاسِ وَالْخِضَابِ وَالصَّوْتِ وَالصُّورَةِ وَالتَّكَلُّمِ وَسَائِرِ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ " انتهى . من "تحفة الأحوذي" .
- لبس الأساور ، سواء كانت من الشكل المذكور في السؤال ، أو غير ذلك من الصور ، وسواء كانت من جلد ، أو معدن ، أو غير ذلك : محرمة على الرجال ، لأنها من لبسة النساء وزينتهن ، ولا يلبسها من الرجال إلا من فيه تخنث وتشبه بالنساء ، ، والغالب على أهل المروءات والأخلاق أنهم ينكرون ذلك ، ويأنفون أن يلبسه أبناؤهم وذووهم ، قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله :
"
وَلِلرَّجُلِ لُبْسُ خَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلْإِتْبَاعِ وَالْإِجْمَاعِ ، بَلْ يُسَنُّ له كما مَرَّ ... ، لَا لُبْسُ السِّوَارِ ، بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّهَا ، وَنَحْوِهِ ، كَالدُّمْلُجِ وَالطَّوْقِ ؛ فَلَا يَحِلُّ له ، وَلَوْ من فِضَّةٍ ؛ لِأَنَّ فيه خُنُوثَةٌ لَا تَلِيقُ بِشَهَامَةِ الرِّجَالِ " . انتهى .
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
"
يَحْرُمُ التَّشَبُّهُ بِهِنَّ [ أي : بالنساء ] بِلُبْسِ زِيِّهِنَّ الْمُخْتَصِّ بِهِنَّ اللَّازِمِ في حَقِّهِنَّ كَلُبْسِ السِّوَارِ وَالْخَلْخَالِ وَنَحْوِهِمَا بِخِلَافِ لُبْسِ الْخَاتَمِ " انتهى . " الفتاوى الفقهية الكبرى" (1/261) .

وينبغي على الرجل أن يختار من الزينة ما يناسب رجولته ، ويناسب مجتمعه الذي يعيشه فيه ، ثم يكون قبل ذ لك كله مقبولا في دينه

72-أخطاء شائعة في الدعوة إلى الله :( التجريح والشتائم ونشر وإذاعة أسماء العصاة ومعاصيهم)
دعانا الشارع الحكيم إلى التجاوز عن العورات والستر على أصحاب المعاصي والسيئات , وجعل ذلك من الأخلاقيات الطيبة التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم , فالله تعالى لا يحب أن يجاهر الإنسان بكلام السوء ولا بإشاعة السوء
يقول الله تعالى :
- "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي"
- "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"
- "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"
- "وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ"
-  وقال الله لما بعث موسى وهارون إلى فرعون: "فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى"
- " لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا"

-ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه))
- ويقول صلى الله عليه وسلم : ((من يحرم الرفق يحرم الخير كله)).
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان))
- عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلاَ تَحَسَّسُوا ، وَلاَ تَجَسَّسُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا 
-كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيمَ الحياء، عفيفَ اللِّسان، بعيدًا عن كشف العورات، حريصًا على كَتْم المعائب والزلاَّت، كان إذا رأى شيئًا يُنكره ويكرهُه، عرَّض بأصحابه وألمح، كم من مرَّة قال للناس: ((ما بال أقوام يقولون كذا وكذا))، ((ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا)).

    فالداعي إلى الله عز وجل عليه أن يتحرى الحق، ويرفق بالمدعو، ويجتهد في الإخلاص لله، وعلاج الأمور بالطريقة التي رسمها الله وهي الدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، وأن يكون في هذا كله على علم وبصيرة حتى يقنع الطالب للحق، وحتى يزيح الشبهة لمن عنده شبهة، وحتى يلين القلوب لمن عنده جفاء وإعراض وقسوة، فإن القلوب تلين بالدعوة إلى الله، والموعظة الحسنة وبيان ما عند الله من الخير لمن قبل الحق، وما عليه من الخطر، إذا رد الدعوة التي جاءت بالحق، إلى غير هذا من وجوه الموعظة .
كما يجب على الداعي لله ألا يجرح وألا يفضح أو يشهر بالعصاة بذكر أسمائهم ومخالفاتهم وتتبع عوراتهم  .
 دكتور
 عبد المنعم أحمد محمد المنسي