بداية أرجو أن يتفهم القارئ الكريم المشجع لنادي الزمالك أنني لا استهدف بهذا المقال هذا النادي العريق أو عودته مرة اخرى إلى البطولات أو منصات التتويج التي هو أهل لها من قبل دون حاجة إلى شهادة مني أو من غيري، ولكني قصدت في هذا الموضع أن أكشف عن مؤامرة انقلابية جديدة لتغير موازين القوى على الساحة الرياضية في مجال كرة القدم تحديدا ، قد يستعمل فيها نادي الزمالك على غير إرادة منه أو فعل يسأل عنه، والظاهر أنه قد يبدوا مستفيدا من هذه المؤامرة غير أن الواقع ربما يكون عكس ذلك.
أما المؤامرة المقصودة فيمكن صياغتها على نهج القول الشهير " تعددت الانقلابات والانقلابيون واحد" إنها في حقيقة الأمر انقلاب جديد يصدر من أهل الانقلاب العسكري ولكنه هذه المرة يقع على سلطة أخرى على الساحة الرياضية بهدف تغير موازين القوي في مجال كرة القدم تغيرا انقلابيا متعمدا وفقا للنهج الانقلابي السائد وذلك بالإطاحة بالنادي الأهلي من موقع الصدارة في مجال كرة القدم المصرية والإفريقية ليحل غريمة التقليدي نادي الزمالك العريق محله بقوة السلطة والنفوذ وذلك عن طريق استنساخ تجربة عبد الحكيم عامر في ستينيات القرن الماضي
ومن ثم فقضية النادي الأهلي الآن مع السلطة الانقلابية الحاكمة في مصر لم تعد تتعلق باستهداف بعض لاعبي النادي بناء على قاعدة مع أو ضد . لكن ما يرتب ويدبر له بليل يتخطى ذلك إلى استهداف النادي ككيان وكقوة تحتل مركز الصدارة على الساحة الرياضية المصرية والإفريقية ، وقد بدت دلائل هذا النقلاب تتكشف يوما بعد يوم ، ويكفيك أن تقرأ عنوانا في جريدة الأهرام المسائي الصادر بتاربخ الأحد 17/11/2013 يقول " الأهلي وحده بعد أن فقد مركزه" لتستشعر هذه الأمر.
أما الخطوات العملية لهذا الانقلاب فقد بدت تتمثل على أرض الواقع وفقا للأحداث الآتية:
1- إعادة تشكيل مجلس إدارة نادي الزمالك عن طريق فرض مجلس معين مدعوم من قبل الدولة - ولأول مرة- في هدوء تام ودون صخب أو مقاومة من مجلس ممدوح عباس أو مرتضى منصور مركز الزلازل والبراكين في النادي.
2- منح نادي الزمالك بطولة مفتعلة من خلال إخراج بطولة كأس مصر من القبر فجأة بعد بعد أن إعلان الاتحاد عن انتهاء الموسم الرياضي بشهرين تقريبا، وبعد أن انسحبت من هذه البطولة كثير من الأندية المصرية و توقفت الأخرى عن الإعداد البدني والفني للاعبين، وذلك لتقوية هذا المجلس ودعم الفريق والإدارة نفسيا ومعنويا بعد فشل السنوات العجاف تمهيدا لدفع النادي على الساحة الرياضة في الموسم المقبل كقوة بديلة للنادي الأهلي.
3- مؤامرة لجنة الأندية المفضوحة وفشل النادي الأهلي أكبر الأندية الإفريقية في الحصول على عضوية اللجنة إلا بإسلوب مهين ( بالتزكية) يكشف عن حجم المؤامرة المرتبة سلفا مع رؤساء الأندية التي لا شعبية لها ولا تاريخ لها يذكر على منصات التتويج، ومن ثم تنتهي هذا المؤامرة كما هو مخطط لها باستفزاز مجلس إدارة النادي وإهانة رئيسه لينسحب النادي من اللجنة ومن ثم تتاح الفرصة لنادي الزمالك لقيادة تكتل الأندية المصرية مجتمعة في مواجهة النادي الأهلى في المرحلة المقبلة.
4- أيضا تمهيدا لهذا الدفع الانقلابي المقصود به الإطاحة بالنادي الأهلى من فوق قمة كرة القدم تتدخل الدولة بقوة لإعادة بناء فريق الكرة في نادي الزمالك بأسلوب رخيص غير رياضي وذلك عن طريق ما يمكن أن نصفه بصفقات الانتقال المشبوهة وهي عكس ما حدث مع النادي الأهلي حين تدخل جمال مبارك شخصيا في عرقلة صفقة حسني عبد ربه الشهيرة ، إذ تمارس الدولة ضغوطا غير معلنة على مجالس إدارات بعض الأندية للتخلى عن العناصر المميزة والمواهب النادرة من خيرة لاعبيها للانتقال لنادي الزمالك دون ان يتاح لهم حق الاختيارفي الانتقال إلى النادي الذي يرغبون في الانتقال إليه، أمثال : أيمن حفني من الجيش، وحسني عبدربه ، و أحمد على من الإسماعيلي ، ومن قبل مؤمن زكريا من إنبي ... الخ والبقية تأتي .
5- التاثير السلبي على قوة النادي الأهلى عن طريق عدم تمكينة من عقد صفقات قوية من السوق المحلي تدعم الفريق وخصوصا في ظل الأزمات المالية التي لا تساعدة على عقد صفقات قوية من السوق الخارجي ومن ثم التحرك القوي إما لإفشال هذه الصفقات أو توجيهها للمنافسين بكل سبل الضغط والتاثير الممكنة والخفية التي قد تعتمد على الابتزاز أو الترهيب إذا لزم الأمر وليست الألغاز المحيطة بصفقتي : محمد زيكا ومؤمن زكريا ببعيد، وكذلك السيناريو المفضوح لإفشال محاولة الحصول على خدمات عبد الله سيسيه .
6- التوجه نحو زعزعة الاستقرار في النادي الأهلي عن طريق خطة وزير الرياضة لحل مجلس الإدارة بعد كاس العالم للأندية وتعين مجلس غير كفء لإدارة الأهلي في هذه الأوقات العصيبة التي يستهدف فيها النادي وكذلك غير قادر على حل الأزمات المالية مما يدفع النادي إلى دوامة الفشل مما يؤدي إلى هجرة اللاعبين المميزين أو تمردهم بسبب عدم قدرة النادي على الوفاء بالتزاماته المالية.
وإذا كان الانقلابيون قد حققوا مرادهم في الانقلاب على السلطة الشرعية عن طريق حقد اليساريين والعلمانيين المدعوم بالقوة فقد عادوا مرة أخرى إلى الحقد المدعوم بالقوة لتحقيق مأربهم على الساحة الرياضية ، فطاهر أبو زيد النجم الوهوب في نهاية السبعينيات و مطلع الثمانينيات من القرن الماضي كان سيء الحظ لتزامنه بعض الوقت مع النجم الفذ محمود الخطيب في الملاعب ومن ثم لم يفلح ان يبلغ نجوميته أو يحل محله حتى بعد أن اعتزل فتملكه الحقد الشديد عليه وعلى شعبيته الجارفة، وقد وبلغ هذا الحقد مداه وأكل كبده بعد نجاح الخطيب إداريا في قيادة سفينة الأهلى لتلك النجاحات المبهرة على المستويين المحلي والقاري في تلك العشرية الأخيرة على حين فشل هو في الجلوس على كرسي من كراسي مجلس إدارة النادي ولذلك فقد وظفت السلطات الإنقلابية هذا الحقد الدفين في نفس هذا المغرور الحقود ودعمته بالقوة ليتوهم أن الفرصة قد واتته وجلس على كرسي الوزارة ليثبت لنفسه المريضة أنه الأفضل والأقوى والأقدر عن طريق محو تاريخ من حقد عليهم، و هدم انجازاتهم، وقد زاد الطين بلة أن انكسرت أنف هذا الحاقد المغرور مرة أخرى على صخرة أخرى للاعب موهوب ذي شعبية جارفة أصغر منه سنا وأعلى منه كعبا وتاريخا وإنجازا وخلقا وموهبة في ملاعب كرة القدم وهو العملاق الخلوق محمد أبو تريكة الذي رفض أن يصافحة وزيرا مرتين إحداهما على منصة التتويج القاري والثانية في مطار القاهرة في الوقت الذى ظن فيه هذا الحاقد المغرور ان منصبه قد جعل منه رمزا يشرف اللاعبون أن يحظوا بتكريمه لهم فضلا عن مصافحته إياهم، فإذا بهذا العملاق يصفع هذا المغرور و يكشف له عن تلك الحقيقة التي يود أن ينساها وينساها معه الآخرون وهي أن السلطة و الكرسي المغتصب لن يصنع من القزم عملاقا يمتلك قلوب الملايين وأيضا لا يمكنه أن يهدمهم مجدهم ليرتقي فوق حطامهم لأن حياتهم وامجادهم ليست في القصور أو على كراسي السلطة ولكن حياتهم وأمجادهم في قلوب الملايين من محبيهم وعشاقهم
بقي أن أجيب عن السؤال الملح في ذهن القارئ الكريم عن الأسباب التي دعت هؤلاء الانقلابين إلى التوجه نحو هذا السلوك التآمري على الساحة الرياضية، وسوف أجمل الحديث عن هذه الأسباب في النقاط الثلاث الآتية:
1- كسر شوكة التكتل الداعم للشرعية المناوئ للانقلاب العسكريفي النادي الأهلي الذي يقوده منسق لجنة الكرة هادي خشبة المدعوم جماهيريا من خلال شعبية بعض نجوم الفريق أمثال: محمد أبو تريكة وأحمد عبد الظاهر و نجوم أخرين من اللاعبين المعتزلين أمثال مجدي طلبة والنحاس وغيرهم بل تجاوز ذلك إلى الإداريين والمدربين أمثال سيد عبد الحفيظ مدير الكرة والكابتن محمد عامر مدير قطاع الناشئين و الكابتن ربيع ياسين المدير الفني السابق لمنتخب الشباب والدكتور إيهاب على طبيب النادي بل بلغ المدير الفني الحالي للفريق الكابتن محمد يوسف والأسبق الكابتن مانويل جوزيه...الخ وما خفي في نجوم الشباب كان أعظم هذا التكتل الذي فشل الكابتن حسن حمدي رئيس النادي في كسره لذلك استحق ان يوصف في جريدة الأهرام المسائي بالرجل الذي فقد ظله لا لسمعته الشخصية السيئة وفساده المالي العريض ولكن لفشله في إنجاز هذه المهمة. ولذلك بات العمل على دفع هذا الفريق إلى الظل بعيدا عن البطولات ومنصات التتويج إذ إن تحطيمه ودفعه إلى الفشل هو السبيل الوحيد- من وجهة نظر هؤلاء الانقلابيين- لتفريق الجماهير عن هؤلاء النجوم وإطفاء الأنوار من حولهم ومن ثم كسر شوكتهم والتمكن منهم بعيدا عن شعبيتهم الطاغية.
2- كسر شوكة رابطة الأولتراس شديدة الشكيمة المناوئة للنظام الانقلابي تلك الرابطة التي استمدت حماسها ونشاطها من نجاحات النادي المبهرة في السنوات الاخيرة ومن ثم سيؤدي دفع الفريق إلى الظل بسبب فشله وتخلفه عن المنافسة أمام غريمه القوي- وفقا لما هو مخطط له- إلى بث روح الإحباط في شباب هذه الرابطة و تفرقهم تدريجيا من حول الفريق، ومن ثم ضعف قوتهم والتمكن من السيطرة عليهم
3- على الجانب الآخر سيقود النجاح المبهر والتفوق الميداني الذي سوف يحققه فريق الزمالك بعد تلك الفترة الصعبة التي مر بها الفريق والهزائم والنكسات المتوالية التي مني بها أمام غريمة التقليدي النادي الأهلي على المستويين المحلي والقاري سيقود حتما إلى رد فعل قوي ومؤثر على بناء رابطة مشجعي الزمالك وقوتها تلك الرابطة المعروفة بالويت نايت مما يزكي الأحقاد وثقافة الصراع والتناحر بين رابطي الناديين، ولا شك أن ذلك هو المطلوب إنجازه على مستوى التخطيط الاستراتيجي، فهذا التناحر والصراع البيني سوف يضعف من قوة الرابطتين معا ويصرفهما عن مواجهة الشرطة الممثلة لسلطة الانقلاب فضلا عن تاثيره السلبي المطلوب على مستوى الحراك الشعبي العام المقاوم للانقلاب العسكري في الشارع المصري
وبعد فإني قد افضت في الحديث في هذا الموضوع لا لأهميته وتاثيره على الساحة الرياضية أو الرأي العام ولكن لعلمي بمدى ولع الشباب بكرة القم والقراءة عن أخبارها متخذا من هذا الموضوع نموذجا حيا لما وراءه من مؤامرات انقلابية وهدم وتخريب متواصل للمجتمع المصري، وكما بدأت سوف اختتم الحديث بهذه المقولة المقيسة على تلك حكمة الشهيرة سوف تتعدد الانقلابات والانقلابيون واحد.
بقلم الدكتور/ أحمد الشيمي