- في مصر يجري حاليا تركيز كل الأبصار والحواس والاهتمام حول الإخوان من ناحية وشخصية السيسي من ناحية أخرى. ألا يمكن أن تكون الخطة الحقيقية للاستيلاء على مصر ليست في هذا الاتجاه .. بل أن هذا الاتجاه ليس إلا خداع .. أو "MisDirection".
مصر وصناعة الخداع
Misdirection Plans
في أحد الأفلام الأمريكية باسم "Swordfish" منذ 12 عاماً تحدث جون ترافولتا عن فكرة خداع البصر عن الخطط الحقيقية للدول. يتم ذلك بإلهاء الشعب وتركيزه على هدف معين أو شخصية معينة بحيث تتجه كل الحواس والأنظار لها، وتركز عليها .. يبنما يتم تمرير الخطة الحقيقية بعيدا عن الأنظار ليفاجأ بها الجميع في لحظة ما دون إمكانية إيقافها. هذا الأسلوب يسمى خداع الاتجاه "MisDirection".
- في مصر يجري حاليا تركيز كل الأبصار والحواس والاهتمام حول الإخوان من ناحية وشخصية السيسي من ناحية أخرى. ألا يمكن أن تكون الخطة الحقيقية للاستيلاء على مصر ليست في هذا الاتجاه .. بل أن هذا الاتجاه ليس إلا خداع .. أو "MisDirection".
خطة الخداع
- ما يجري حاليا هو محاولة الدولة العميقة الاستيلاء التام والنهائي على مصر عبر ضرب كل القوى الفاعلة في مصر ببعضها البعض ثم التخلص منها جميعا بضربة واحدة بعد أن يتم إضعاف الجميع.
- يقوم الجيش والشرطة حاليا بأضعاف وتشويه كل القوى الوطنية الحقيقية الفاعلة .. الإخوان والتيار الإسلامي وكل شرفاء التيار الليبرالي .. بل كل الفاعلين على الساحة. الجريمة هي الإرهاب والإخوان .. وتدمير الوطن. الكل يعرف أنها كذبة .. ولكنها كبيرةلدرجة أنها تلفت الانتباه بشكل كبير وهذا هو الهدف. صناعة قصة كبيرة يهتم الجميع بها حتى تلفت الانتباه بعيدا عن حقيقة ما يجري. هذا يحدث بوضوح وبإجرام وليس ضرورة أن يكون له قيمة أو يكون مفيداً لأحد. المهم أن يكون ساطعا .. بحيث يختفي خلفه خطة أخرى. وإلا كيف تفسر إغلاق مئات الجمعيات الخيرية وتحويل الفقراء في لحظة إلى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في لحظة. هذا هو خداع الاتجاه .. "MisDirection".
- بالمقابل يقوم التيار الإسلامي والإخوان وكثير من القوى الوطنية بتدمير صورة المؤسسة العسكرية التي كانت يوما ما منذ قريب صورة لا تمس .. بجعلها مهانة ووصفها بصفات حقيقية أنها قاتلة ومجرمة وليست شريفة. بسبب ما حدث أولا في النقطة السابقة فكل هذه العبارات والأوصاف تقترب من الحقيقة بدرجة كبيرة. مرة أخرى تستعجب أن الشرطة والجيش يتماديان في القتل والإجرام .. بل كلما هدأت وتيرة القتل .. يجري إشعالها مرة أخرى بأي سبب .. كل هذا من أجل صناعة أحداث ساطعة الإجرام .. يمكن إخفاء خلفها خطة أخرى .. مرة أخرى هذا هو خداع الاتجاه .. "MisDirection"
- مع استمرار التشويه للإخوان والتيار الإسلامي والوطني وتشويه الجميع .. ومع استمرار التشويه المقابل للجيش والشرطة بأفعالهما وتأكيدها .. يجري إضعاف كل طرف للطرف الآخر .. ويقوم الإعلام بشكل فاعل جدا في إظهار الأمرين معا. إظهار ضعف وهشاشة الإخوان والتيار الإسلامي والوطني من ناحية .. وإظهار هزال قيادات الجيش الظاهرة وهشاشتها وتحويل الجيش إلى عدو للمصريين والشرطة كذلك .. يقوم الإعلام فعليا بطريقة ماهرة للغاية في إظهار الأمرين معا. وتهويل الصورة بشكل ضخم جدا لإيجاد ما يمكن أن يسمى مرة ثالثة بخداع الاتجاه "MisDirection"
ما هي الخطة الحقيقية
- ما هي إذن الخطة الأخرى. ما هي الخطة البديلة؟ إنها ببساطة القضاء على الثورة تماما .. القضاء على احتمال نهوض مصر تماما .. القضاء على احتمال صعود مصر دوليا أو إقليميا. المطلوب أن تكون مصر دولة "هشة مستقرة" .. الأمرين معا. أن تكون هشة بمعنى أنها ضعيفة لا تكاد تنشغل إلا بالبقاء على قيد الحياة. أن يبقى الاقتصاد على وشك الانهيار. يبقى المواطن المصري يحارب من أجل الحياة الأدنى .. فقط الحياة الأدنى .. ألا يتمكن من التفكير في أي شيء سوى البقاء حيا. هذه هي الدولة الهشة. وأما أن تكون دولة مستقرة أي تكون دولة لا تسقط .. لا تتفتت فتتحول إلى مشكلة للعالم .. دولة بالكاد تستطيع الوقوف على أقدامها. ولكنها لا تسقط. دولة هشة مستقرة. هذا هو الهدف الاستراتيجي لأعداء مصر ... وللأسف أقولها واضحة .. ولعدد ممن يدعون أنهم أصدقاؤها. من مصلحة الكل تقريبا أن تبقى مصر "هشة مستقرة". من يستطيع القيام بهذا؟ من هو البديل
- السيسي ليس بديلا. السيسي جزء من خطة الخداع .. من خطة لفت الأنظار بعيدا عما يتم حقيقة. السيسي يتم جعله رمزا دون أن يكون له مؤهلات الرمز ليسهل التخلص منه في أي لحظة. يتم صناعة السيسي رمزا وفي نفس الوقت يتم تسريب ما يضعفه ويجعله يبدو قزما وهو أقرب للقزم منه للفرعون .. ولكن يتم تقديم الأمرين معا عبر الإعلام لتسهيل الخداع من ناحية وتسهيل هدمه لاحقاً من ناحية أخرى .. هذا جزء رئيس من خطة الخداع "MisDirection".
ما هو البديل
-البديل هو دولة قمعية بشكل كامل. بقيادة عسكرية تظهر فجأة لتستولي على المشهد بسرعة دون مقدمات. دولة مرتبطة ارتباطا كاملا بالدولة العميقة المصرية .. دولة القضاء الفاسد ورجال الأعمال الفسدة والإعلام المجرم والضباط القذرين في الجيش والشرطة والمخابرات. هؤلاء هو رجال خطة الخداع. هؤلاء هم من يقدمون السيسي كرمز .. ويجهزونه ليصبح كبش الفداء في الوقت المناسب. السيسي ليس إلا دمية رخيصة لدى هؤلاء .. صدقوني ليس إلا دمية يتم نفخها لتملأ الأفق .. ويكفي دبوس واحد لتنفجر من الداخل وتتحول إلى لا شيء في الوقت المناسب.
- البديل هو القضاء التام على فكرة الثورة .. بتركيع الإخوان وإشغالهم في أنفسهم .. بإرهاب التيار المحافظ ليقبل الركوع التام والانشغال بالقوت والحياة اليومية وليفرح أنه لم يصبه دور الاعتقال. إنها دولة قمعية بصلف شديد لفترة معينة إلى أن يتم قبول خطة الخداع ويستقر الأمر. لا يكفي القضاء على فكرة الثورة .. بل الأهم هو القضاء على أسطورة طهارة الجيش .. أو ولاءه للشعب. الكل يجب أن يصبح مهان. الكل مطعون فيه .. الكل عميل أو مجرم. يمتد هذا لكل الوطنيين من التيارات الليبرالية أو اليسارية.
- كل وطني يجب أن يهان. يجب أن يقزم .. يجب أن يكون مطعونا فيه. من أجل ذلك سيستخدم إسلاميون كالنور وغيره لتحطيم كل الإسلاميين الشرفاء .. سيستخدم ليبراليون من الجبهة وساويرس ومن على شاكلتهم لتحطيم كل الليبرالين الشرفاء .. وسيقوم كل عميل للدولة العميقة بالهجوم على من يستطيع من الشرفاء حتى يتم تحطيم الجميع لصالح الدولة القادمة "الهشة المستقرة". وسيقتضي هذا إنتهاء فكرة أن الجيش المصري محترم. بل سيتم إهانة الجيش باستمرار وتأكيد تلك الفكرة واستخدام العوطف المتأججة ضد القتل الذي قام به في هذا الدور وتمريره إعلاميا بذكاء شديد حادث حاليا. يجب أن يكون الجيش ضعيفا هشا أيضا. ولن يسمح ببقاء جماعة إسلامية أو وطنية قوية .. يجب أن يعاني الجميع من الهشاشة والضعف وبالكاد الاستقرار. الكل يبدو مستقرا على شفا الانهيار.
- لو نظرتم لما يحدث منذ 30 يونيو .. بل من قبلها خلال فترة حكم د. مرسي .. لرأيتم كل علامات خطة الخداع واضحة للغاية .. وللأسف لم يتعظ الإخوان عندما تم إخبارهم بما يحدث كما يبدو ظاهرا. لعل الأن يستمعون قبل فوات الأوان. هذه هي اللحظات الفارقة. رسالتي لكل الوطنيين .. كفانا إنكارا لما يحدث لنا.
- خطة الخداع تقترب الآن من نهايتها. المفروض أنها وصلت إلى الذروة.. تحقق تقريبا شيطنة كل الأحرار .. تحقق تقريبا شيطنة الجيش ... تحقق تقريبا إضعاف الجميع للجميع .. تقريبا. تم تجهيز السيسي كبش فداء .. وأصبح أضعف من أن يدافع عن نفسه .. بل أصبح مستسلما للواقع هذا إن كان سليما معافا. الأمر لا يفرق .. فقد تم إعداده تماما ليكون كبش الفداء. الإخوان تم إضعافهم أيضا بحيث يكاد يكون متوقعا إستسلامهم أيضا لمشروع القهر القادم. هكذا يظن قادة خطة الخداع. لماذا أكتب إذن؟
العامل الفارق لفشل خطة الخداع
- هناك عامل يتفاعل لم يكن في الحسبان لأصحاب خطة الخداع .. ويمكن أن يفجر الخطة من داخلها ويفشلها بشكل تام ومفاجيء. إنه الشارع المصري العادي .. والطلاب وتعاون الوطنيين
- بدأ الشارع المصري منذ أسابيع في التحرك منفصلا عن الإخوان وعن توجيهات التيارات الإسلامية والوطنية بالعموم. بدأ الشارع يتحرك وحده ويسبق القادة ويجبرهم على المواقف. بدأ الصف الثالث من القادة من مختلف القوى الوطنية في الظهور في المشهد وهم قادة لا يعرفهم الأمن ولا يجيد التعامل معهم لأنهم مجهولون له. بدأ الطلاب في الحراك المستقل. الطلاب من الأقاليم ومن الصعيد. بدأ الصعيد يتحرك مستقلا عن القوى التقليدية ويتحرك بقوة متنامية ومتزايدة ومقلقة لأصحاب خطة الخداع. كما بدأت بعض القوى الوطنية الرافضة للانقلاب في التواصل رغم خلافاتها التقليدية .. بل بدأت تتجه نحو العمل سويا ضد الانقلاب بل ومن أجل مصر أفضل.
- لذلك بدأت الخطة تتسارع بسبب الشارع والطلاب وتعاون الوطنيين. الخطة لا تسير وفق المخطط لها الآن. نحن أمام تسارع غير محسوب يحاول أن ينتقل من خطة الخداع إلى الخطة الحقيقية بسرعة لم تكن مقدرة هكذا. وهنا ستكثر الأخطاء .. وستنكشف الخطوات .. وستظهر طبيعة الخطة. مرة أخرى .. الشارع والطلاب وتعاون الوطنيين هم من يعبث فعليا في مشروع الدولة العميقة ويمكن أن يفسده.
كيف نمنع خطة الخداع:
- أولا بالإشارة لها وبيانها وعدم الانخداع بها. يجب أن نوقف شيطنة الإخوان والقوى الوطنية الليبرالية و الإسلامية والقومية من ناحية .. ويجب أن نوقف شيطنة مؤسسة الجيش من ناحية أخرى. هناك أخطاء من الجميع .. بل جرائم من الجميع .. ولكن يجب أن نمنع الشيطنة .. ونمنع خطة الخداع.
- ثانيا يجب أن نستجيب للشارع، وأن يتم تكوين الإعلام الموازي الحر القادر على نقل الحقيقة وتكوين الصورة الصحيحة عما يحدث في مصر.
- ثالثا: يجب إقناع دول العالم بفشل فكرة الدولة "الهشة المستقرة" وأن مصالح العالم تقتضي وجود مصر الدولة "القوية المستقرة". وأن القمع لن ينجح في مصر، ولن يتم إرهاب الشعب. الحل الوحيد لمصر هو في إرادة حرة للشعب. يجب تكوين قوة دولية ضاغطة تقدم صورة مصر القوية المستقرة بديلا عن مشروع الدولة الهشة المستقرة.
- رابعا: يجب أن يعمل الوطنيون معا .. تحت شعار جديد .. يتجاوز الخلافات الأيدولوجية في هذه المرحلة ليركز على الأهداف القومية. على مصالح مصر العليا .. على تخليص مصر من المجرمين. يجب أن يتعاون الشرفاء تحت أطر جديدة .. لا يجب القبول أن يستخدم المجرمون الشرفاء لأغراضهم. يجب على العكس أن يتعاون الشرفاء رغم خلافاتهم لمنع المجرمين من الاستيلاء على مصر.
هذه إشارات مختصرة وعلامات على الطريق، وما كان بها من حق أو صواب فهو من الله. اللهم ارحم مصر وأهلها واكتب لنا النصر على أعداء مصر في الداخل والخارج.
د. باسم خفاجي عبر الفيسبوك
27 ديسمبر 2013م