أحمد عبد المجيد مكي – كاتب وباحث إسلامي
يُعَد الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق اليوسف مِنْ أبرز رموز التيار السلفي بشكل عام و مِنْ أوائل الدعاة الذين أسسوا الدعوة السلفية بالاسكندرية ، وُلِدَ الشيخ بمصر عام 1939 م و تخرج من كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وله مؤلفات عديدة استفاد منها كثير مِنْ طلبة العلم منها على سبيل المثال : أضواء على أوضاعنا السياسية ، الأصول العلمية للدعوة السلفية ، السلفيون والأئمة الأربعة... وغيرها، و للشيخ نشاط كبير على شبكة الإنترنت مِنْ خلال موقعه ، وقد أرسل فضيلته-صبيحة يوم الانقلاب- رسالة شديدة اللهجة إلى الدكتور ياسر برهامي وحزب النور، بسبب موقفهم من الانقلاب العسكري ضد الرئيس مرسي، وحملهم مسئولية سفك الدماء وانتهاك الحرمات ، و أَنَّ خيانة الأمانة ستكون في رقبة الدكتور ياسر برهامي فإنّه هو الذي تَوَلَّى كِبْرَ هذا الأمر, وسعى به ظاهراً وباطناً.
واختتم الشيخ كلامه بالقول "ولقد صنعتم ذلك ليخلع الناس عنكم لباس السلفية الذي لبستموه زماناً زوراً وبهتاناً, ولتُسلكوا في سلك الخارجين على السلطان بغير حق".
كما أصدر الشيخ بيانًا مفصلًا عبر صفحته الرسمية على موقع "فيس بوك" بعنوان: "ياسر برهامي والقاعدة الجهنمية: انتقد فيه حزب النور ونائب رئيس الدعوة السلفية الدكتور ياسر برهامي؛ بسبب مشاركتهم بلجنة الخمسين المعنية بتعديل الدستور، ومن أبرز ما جاء في هذا البيان: إنَّنا نقول هذا ليُعلم أَنَّ بقاء الشيخ ياسر برهامي وحزبه الظلامي في لجنة الدستور ليس لإنقاذ ما يمكن إنقاذه, ولكن لِيَدُلَّهُمْ على طرائق من الشر لم يكونوا يعرفونها ويصدق عليه ما قال ابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ عن نفسه: "وكنت مِنْ جُنْد إبليس فارتقى بي الشر حتى صار إبليس من جُنْدي". وقد عوتب الشيخ في ذلك فاصدر بيانا يوم الأربعاء الرابع من ديسمبر -أي بعد الانتهاء من التعديلات الدستور المزعومة- واصفًا فيه برهامي بـ"شيخ الضلال"، وشبهه بـ" بَلْعَامَ بْنِ بَاعُورَاءَ"، أحد علماء بني إسرائيل الذين ضلوا عن سواء السبيل وفيه نزل قول الله تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ...الآيات) ، ومما ذكر ابن كثير في تفسيره عن بلعام أَنَّهُ كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، يُقَدِّمُونَهُ فِي الشَّدَائِدِ، بَعَثَهُ نَبِيُّ اللَّهِ مُوسَى إِلَى مَلِكِ مَدْين يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ، فَأَقْطَعُهُ وَأَعْطَاهُ، فَتَبِعَ دِينَهُ وَتَرَكَ دِينَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَصَارَ إِلَى مُوَالَاةِ الْمُشْرِكِينَ وَمُنَاصَرَتِهِمْ وَامْتِدَاحِهِمْ، وَرَثَى أَهْلَ بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَرْثَاةٍ بَلِيغَةٍ، قَبَّحَهُ اللَّهُ .
وقد جاء بيان الشيخ في سبع نقاط فصل فيها موقفه من الحزب ومبررات هذا الموقف، ولما كان البيان طويلا بعض الشيء فقد أحببت تقريبه و اختصاره في النقاط التالية ، ويعد هذا الاختصار كفاية للمتعجل ومدخلا لمن أراد ان يستزيد من الأصل بعد المختصر :
أولا- بين ياسر وبلعام: كان بلعام محبًّا لأمته اليهودية ولما هزموا من عدوهم أفتى لهم بأن يسرحوا بناتهم في جنود العدو حتى ينتصروا عليهم, وأباح الزنا وجعله سلاحًا يحارب بها العدو، وفي هذا انسلاخٌ من الدين كله, ولذلك قال تعالى: (فَانسَلَخَ مِنْهَا)!! وياسر برهامي خان أمته المصرية بكاملها وتآمر مع الجيش على النظام الديمقراطي الذي أرسته الأمة بعد أطول عناء وثورة, وأباح لمن سماه الحاكم المتغلب أن يعمل القتل في المنكرين لهذا المنكر, وإباحة القتل أكبر من إباحة الزنا, وبلعام كان يعمل لخدمة أمته, وياسر عمل لخيانة أمته بل لمن مكنوه من أن ينشئ حزبًا.
ثم وجدنا هؤلاء العسكر يستعملون أقسى أدوات البطش والتنكيل في كل من يقوم بالإنكار عليهم سلميًّا: بالكلمة أو بالتظاهر، ويضربونهم بمدافع الدبابات ويجرفونهم بالجرافات، وهذا مما لم يفعله أعتى الجبابرة في التاريخ، وكنا نقول: كيف هذا؟ أيبلغ الحد أن يقتل المصري أخاه المصري على هذا النحو بلا شفقة ولا رحمة؟! وإذا بنا نفاجأ أن هؤلاء قد أفتى لهم علماء السوء أنهم عندما يقتلون بهذه الوحشية إنما ينفذون أوامر الله,
فهل كان بلعام بن باعوراء أشد إفسادًا في قومه بني إسرائيل أم ياسر برهامي العالم السلفي في الأمة المصرية وأمة الإسلام؟
ثانيا- السنة السيئة: شيخ ياسر أنت مهندس هذا الانقلاب وعرَّابه, فأنت الذي أفتيت لهم بالخروج في 30/6, وأفتيت قائلًا لي: إن خرج عدد أكبر من الذين صوتوا لمرسي سقطت شرعية مرسي.
وقلت لي: إن الداخلية أمروك أن تخرج في يوم 30/6- فحذرتك..
ولم يكن يدور بخلدي أنك المهندس والعرَّاب للانقلاب, وإنك واضع خريطة الطريق التي تبدأ بالتظاهر ضد مرسي ثم يتدخل الجيش لتولي السلطة, فتُسقط كل ما بناه المصريون في ثورتهم, ثم أفتيت كاذبًا أن السيسي رئيس متغلب حاز الشوكة فيجب له الإذعان والطاعة, وأنت تعلم أنه ليس متغلبًا؛ فإنه لم يقاتل أحدًا حتى يتغلب عليه، وإنما هو خائن للأمة المصرية التي انتخبت رئيسًا وبايعته، ثم أفتيت بأن الخارجين عليه يستحقون ما يقع عليهم من قتل وسجن!!.
أذكرك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).
لقد وضعت سنة لكل طامع في السلطة من ضباط الجيش أن يخرج ليلًا على السلطة الشرعية ويصبح بعد ذلك هو الإمام واجب الطاعة، وأن من أنكروا عليه ولو بالكلمة أصبحوا خوارج يجب قتلهم..
ثالثا – لك أسوة في أول مَنْ سَنَّ القتل:
شيخ ياسر أذكرك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وأنت أحفظ مني له: مَا مِنْ نَفْس تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لِأَنَّهُ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ)
وقد قتل الالاف بسبب هذا الانقلاب الذي كنت الركن الأساس فيه ظاهرًا وباطنًا, وافتخرت بأنك واضع خارطة طريقه ، وأظنك تعلم أن من شارك في قتل مسلم بنفسه أو ماله أو تحريضه أو كلامه فهو قاتل ، وأنت مشارك مشاركة مباشرة في ذلك, فلتعلم أن كل نفس قتلت بسبب هذا الانقلاب فهي في رقبتك، ولتتحمل وزر من سيستنون بسنتك وينتهجون النهج الذي شرعته في الأمة.
رابعا -: قد يسأل الناس لماذا قال عبد الرحمن عبد الخالق في الشيخ ياسر برهامي ما قال؟ والجواب لاسباب منها:
(أ) أَنَّ هذا الرجل كان السبب الأساس فيما نحن فيه اليوم من ويلات وفيما فقدناه من الأمن والاستقرار والبناء, فهو عرَّاب الانقلاب ومهندسه وواضع خارطة طريقه, والمُلْبِس لكل إجرام فيه لباس الشرعية والدين.
(ب) أَنَّني والشيخ ياسر ننتمي إلى مدرسة واحدة هي المدرسة السلفية (الدعوة السلفية) وهذه الدعوة لها أصولها, ونحن نعمل كل جهد أن يبقى السلفيون كالثوب الأبيض؛ ولذلك حرصنا على أن كل من ينتسب إليها ولا يلتزم بأصولها وقواعدها وأخلاقها فنقوم بإخراجه وإبعاده, حتى لا يتشوه هذا الاسم الشريف (السلفية) والشيخ ياسر أحدث في هذا الأمر ما ليس منه (عقيدة وخلقًا وسلوكًا) فقد جرب الناس عليه الكذب عمدًا، كما ظهر على شاشات التلفزيون بشأن لقائه مع أحمد شفيق ليلة الانتخابات!!.
وخان الأمة المصرية كلها عندما خطط لانقلاب على رئيسها الذي انتخبته وصوتت له, وخان رئيسه الذي بايعه مخالفًا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة –ثلاثا-، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم) فلم ينصح لله ولا لرسوله ولا لإمام أظهر مبايعته وتأييده له وانتخابه, وتآمر سرًّا وعلانية عليه.
(ج) أَنَّه وضع آيات القرآن وأحاديث الرسول في غير مواضعها؛ وكنت أظن أن عداءه وتآمره على مرسي من باب إقصاء مرسي له ولحزبه، فإذا به يقول لي: إن مرسي دعاه مرارًا إلى الوقوف معه والتعاون ومد له يده غير مرة وأنه هو الذي يرفض ذلك؟!.
فهل وجد من السلف الذي تنتمي إليهم من عمل مثل ذلك؟.
وقائمة ما أحدثه ياسر برهامي في السلفية قائمة طويلة, ومن أجل ذلك حرصنا على بيان هذا الأمر.
خامسا : الدستور الجديد يقول لياسر برهامي وحزبه: (انسلخوا عن الإسلام حتى نسمح لكم بممارسة السياسة) ، حيث نص هذا الدستور - الذي صدَّع ياسر برهامي رؤوس الناس بأنه ما دخل مع الخمسين الذين وضعوه الا من أجل المحافظة على الشريعة- على أنه لا ممارسة للسياسة ولا تكوين لحزب على أساس ديني, ومضمون هذا معلوم وهو لا ممارسة للسياسة باسم الدين قط.
وقد بادر الشيخ ياسر وقال: إننا سنغير أوضاعنا بما يتلاءم مع هذه المادة، ومعنى ذلك أنه سينزع لباس الإسلام والسلفية عن حزبه، ولعله سيغير الاسم بالضرورة من النور إلى ماذا لست أدري!!.
وأخيرا أقول: إنَّ هذا خير لنا وللمسلمين جميعًا حتى تتمايز الصفوف ولتعلم البقية الباقية من المخدوعين فيما كان يسمى حزب النور أَنَّه غرر بهم وأخذوا في خارطة طريق مظلم ينتهي بهم إلى الانسلاخ عن مسمى الإسلام.
أظن أَنَّه قد عرف الناس السبب في أنني وجهت مقالاتي السابقة للشيخ ياسر برهامي,