مرض الجذام .. آكل لحوم البشر يجتاح الصعيد

 نقلا عن الشروق - تحقيق ــ عزة مغازى 

 المرضى: نتمنى الموت كل لحظة نذهب فيها إلى المستشفى بسبب سوء التعامل ونظرات الناس
• الإخصائية الاجتماعية: الصحة تمنحهم 30 جنيهًا شهريًا.. وهناك قرى مصابة بالكامل ولا أحد يجرؤ على دخولها
• مدير مستشفى جذام قنا: عدد الحالات وصل 1700 حالة.. وإسنا فى المركز الأول
• أنباء عن 8 آلاف إصابة فى قنا وإسنا .. والمرض يحاصر عائلات بأكملها .. والصحة ترفض التعليق وتطلب عدم النشر
جلس على الرصيف الملاصق لمستشفى علاج الجذام، يحاول جاهدا حبس دموعه التى تتساقط بشدة من عينيه، ولكن كيف ذلك والجذام قد أكل أصابع يديه؟، وانتشرت فى جسده التقرحات والجروح؟، التى جعلها الذباب غذاء له.. نظر حوله فلم يجد مشفقا، فكيف يشرح حالته للعامة وهو من لحظات رأى تعامل أهل العلم من الأطباء والصيادلة من يسمون ملائكة الرحمة ونزعت منهم الرحمة فالكل يتعامل معه بقلق.. ومن مسافات بعيدة خوفا من انتقال العدوى إليهم وهم يرددون «خليك بعيد»، والكل يرميه بنظرات الاشمئزاز وكأن الطاعون تجسد فيه ولم يجد الخدمة التى كان ينتظرها.
سبق صحفى قد يتحول إلى مرض
أعلن ناظر المحطة عن وصول القطار الذى استقللته إلى محافظة قنا، توجهت فورا إلى مستشفى الجذام حيث هو اليوم المخصص للمرضى لاستلام الادوية، رأيت رجلا لم يتبق من ملامحه سوى جزء من عينيه.. القرحة أكلت الكثير من تفاصيل وجهه.
تتقدم امرأة ستينية للشباك تطالب بحقها فى شريط «الدابسون» فإذا بالصيدلانية بمنتهى الاشمئزاز تصيح فى وجهها ابعدى عن «الشباك».. ثم تلقى لها الادوية على الارض ودموع المريضة تنهمر منها فكيف لها أن تنزل على الارض وجزء من قدمها قد أكله المرض أتناسى تماما مخاوفى وتحذيرات اصدقائى الاطباء واسرع نحوها لمساعدتها فى لم الادوية وامسك بذراعها لمساعدتها فى الوصول إلى موقف الميكروباص.
الكل ينظر مندهشا فالمرض معدٍ ومنتشر ومن هنا تحول الموضوع من سبق صحفى كنت ابحث عنه إلى تعاطف وحمل ثقيل اتخذته على عاتقى لمساعدة هؤلاء ومن هنا قررت مقابلة المرضى فى منازلهم وكسرت حاجز الخوف حتى وصلت إلى القاهرة وعندى احساس انى قد اصبت بنفس العدوى!
رأى صورة تقرحاته تنعكس على وجوه العاملين بالمستشفى الذين ينتظرون بفارغ الصبر رحيله، ارتسمت على شفتيه ابتسامة كلها وجع وبدموع تكاد لا تتوقف، لملم أدويته التى أعطوه إياها فى مستشفى الأمراض الجلدية بصعوبة، وتوجه إلى موقف السيارات عائدا إلى منزله وهو يحاول أن يخفى آثار المرض عليه ويدارى كفيه فى أكمام جلبابه الصعيدى.
هذه ليست قصة من وحى الخيال، لكنه الخيال بعينه يحدث للحاج «شعبان، وآلاف غيره، بعد أن أصابهم الجذام بسهامه القاتلة، وجعل الكل يتهرب منهم، ولا يود صداقتهم، حتى أقرب الناس إليهم، بل إن من يناولهم العلاج من داخل صيدلية المستشفى يحرص دوما على أن يظل على بعد أمتار عن شباك الصيدلية المحاط بسياج حديدية وكأنه السجن، فسجانهم المرض وجلادهم جراح انتشرت على إثر المرض فى جميع أنحاء الجسم.
هنا مستشفى الجذام بقنا منذ أن تطأ قدماك داخل المبنى تشعر للوهلة الأولى بالخوف من المرض، خاصة بعد رؤيتك للمرضى، الكل يخاف منهم، ويبتعد عنهم.
أقصى شعور بالقسوة أن تكون مريضا وملفوظا من المجتمع فى آن واحد.. تعيش خائفا ومرعوبا من سقوط أطراف جسمك، الواحد تلو الآخر، وبرغم ذلك لا يسأل أحد فيك، وتتجاهلك حكومتك.
قابلنا مدير المستشفى الذى اعترض على وجودى داخل المبنى ورفض الإدلاء بأى تصريحات حول انتشار مرض الجذام لألفى مريض فى الفترة الأخيرة. توجهت إلى مدير مديرية الصحة بقنا، الدكتور ممدوح أبو القاسم، الذى طلب أيضا الحصول على تصريح من الجهات المختصة حتى يمكننى من الحديث معه، إلى أن اتصل به محافظ قنا اللواء عبدالحميد الهجان وأصدر تعليماته بتمكينى بالحصول على المعلومات الخاصة بمرض الجذام.
الدكتور مجدى ثابت، مدير مستشفى الأمراض الجلدية والجذام بقنا أكد أن عدد الحالات المصابة فى مدينة قنا بلغ 1764 حالة، منها حالات تم اكتشافها مبكرا، وأخرى لم تكتشف المرض إلا فى مراحله الأخيرة المعدية، مشيرا إلى أن هناك حالات لم تظهر عليها أعراض المرض ما بين 3 و 5 سنوات.
وأوضح ميخائيل أن المرض أكثر انتشارا فى مدينة إسنا بالأقصر، موضحا أن هناك مسحا طبيا يتم بصفة دورية على المرضى والمشتبه فى إصابتهم والمخالطين لهم من الأطباء والأقارب والموظفين، مؤكدا أن هناك قرى داخل المحافظة يستحيل التواصل مع الأهالى بها بسبب الأوضاع الأمنية.
وأضاف ثابت أن وزارة الصحة توفر للمرضى الأدوية (الدابسون) بشكل مستمر ومنتظم، ولا توجد أى مشاكل فى توفير الأدوية الخاصة بهم موضحا أن العديد من المرضى يصابون بالجروح دون ملاحظتها، لأنهم يفتقدون الإحساس فى الأطراف وتبدأ الإصابة ببقع جلدية فى اليد أو القدم، ثم تورم، ثم التهاب، ثم إعاقة مستديمة.
داخل المستشفى قابلنا «مادلين القمصى» الإخصائية الاجتماعية، التى تتعامل مع المرضى وتقوم أحيانا بزيارتهم فى المنازل وجدناها تجلس فى حجرة صغيرة مع موظفين آخرين.. تحدثت معها فكانت أكثر رحمة من الأطباء والممرضين، وحكت لنا عن معاناة المرضى فى الوصول إلى المستشفى حيث إنهم من قاطنى القرى وخصصت لهم الصحة إعانة 30 جنيها فقط.
وقالت مادلين إن مؤسسة كاريتاس تقوم بمساعدة المرضى من خلال توفير المشاريع مثل سوبر ماركت، وبسؤال مدير المستشفى الذى كان جالسا فى نفس الحجرة لماذا توافقون على مساعدتهم بمشاريع قد تضر بالمواطنين لأن التلامس أحد أسباب انتقال العدوى؟ فرد قائلا «دى مشاريع فى حدود إمكانيات مؤسسة كاريتاس الألمانية.. يعنى يقعدوا فى البيت لحد ما يموتوا؟.
واستكملت القمصى: جمعية كاريتاس تعمل فى مصر منذ عام 1968 بمجالات متعددة أحدها هو مساعدة مرضى الجذام، موضحة أنها تقوم بجمع التبرعات من الجمعيات الخيرية لمساعدة المرضى فى توفير احتياجاتهم.
قرية السمطا.. ممنوع دخول الأطباء
على بعد كيلومترات من مدينة قنا تقع قرية السمطا.. هنا قرى ونجوع لا يعلم عنها المسئولون شيئا.. شوارع ضيقة لا تشم بها سوى الأتربة المتناثرة فى الجو والروائح الكريهة، لا يوجد صرف صحى، منازل قد تكون معدومة، علامات البلطجة ظاهرة على معظم من تقابلهم أثناء تجولك بالقرية.
انتشر مرض الجذام بين عائلات كثيرة، ولا أحد يعرف عنهم شيئا، طلبت من أحد الشباب الذى ساعدنى فى دخول القرية لأنه ممنوع دخول الغرباء، أن نقابل العائلات فاصطحبنا إلى أزقة ضيقة خانقة، ودخلنا منزلا مبنيا بالطوب اللبن، وجدنا طفلا لدية 8 سنوات يجلس فوق أريكة وعينيه بهما احمرار شديد وأصابع يده متآكلة من الأطراف، اقتربت منه فبدأ يبتعد حتى وصل لآخر الحائط الذى تخرج منه براغيث صغيرة.. طلبت منه الحديث معى فرفض.. وبدأ يصرخ «غورى غورى».. تدخلت الأم التى بدت عليها علامات المرض فى وجهها وقدميها قائلة «يابنتى احنا بقالنا سنين محدش دخل عندنا وهو نفسيا تعبان».
تروى لنا الأم قصة ابنها المريض الذى امتنع عن الذهاب للمدرسة منذ عام تجنبا لمخاوف زملائه من التعامل معه، ومعلمته التى تسببت فى عقدة نفسية للطفل الصغير بسبب جلوسه فى مقعد وحده بجوار باب الفصل وعدم ملامستها لكراسته وكتبه ورفض التعامل معه.. وتستكمل الأم مأساة ابنها: لما المرض ظهر على ابنى «ما كنش معدى» وكان فى بدايته لكن بسبب قسوة التعامل معه ترك المدرسة وأصبح جليس المنزل مثل باقى أسرته.
وتواصل الأم: ننتمى لأسرة فقيرة، لا تجد من يعولها إلا ببعض فتات الجيران.. لا نملك ثمن المواصلات كى نصل إلى مستشفى الجذام بقنا.. وتطالب بإنشاء مستعمرة جذام لإبقاء المرضى بها حتى يتم شفاؤهم نهائيا من المرض.
على بعد أمتار، وجدنا عم «محمد. غ» يبلغ من العمر 70 عاما، وآثار الجذام تظهر على قدمه المتآكلة التى يعلوها الذباب يمص المتبقى من الدم الملوث على قدم الرجل الذى يعمل ببيع السجائر.
المرض، والشعور بأنهم منبوذون، وقسوة الأهل، حولتهم إلى قنابل موقوتة تنتظر من يفجرها.. وأثناء مرورى بالقرية وجدت امرأة خمسينية تهرول وراء صبى صغير لتضربه بعد أن قام بمعايرتها.
قبل أن تزور المرضى، يجب أن تدرب عينيك على تلقى الصدمات لأنك سترى وجوها غير واضحة المعالم قد تصيبك بالرعب، وتتحدث مع بقايا حية لأشخاص يعيشون بلا هدف سوى انتظار الموت.
مدينة قوص
أكد الدكتور شعبان محمد إبراهيم مدير مستشفى قوص للجذام أن 5% لديهم قابلية لاستقبال العدوى نتيجة معاشرة المريض، ورزاز العطاس، موضحا أن أعراض العدوى تبدأ فى تنميل أعصابه وظهور بقع كبيرة فى الأنف تؤدى إلى نزيف حاد «بى اتش».
وأشار إبراهيم إلى أن مستشفى قوص تقوم بالكشف الدورى على المخالطين للمريض كل 6 أشهر، خاصة من يصاب بالجذام «العقدى»، مشيرا إلى أن وزارة الصحة لا تقدم للمريض سوى شريط دواء شهريا.
ورفض مدير مستشفى قوص إمدادنا بأية معلومات حول الأعداد الحقيقية للمرضى داخل المدينة، مؤكدا أن هناك تعليمات من وزارة الصحة بعدم إطلاع أحد على أعداد مرض الجذام فى قنا.
وعن إمكانية نقل العدوى للإنسان عن طريق الأتربة خاصة بعد اغلاق مستعمرة الجذام بالمحافظة وإنشاء إدارة للصيدلة مكانها، أكد إبراهيم أنه من الممكن نقل العدوى عن طريق التلامس بالتراب الذى خالطه المريض.
لعبت الصدفة دورا مهما فى مقابلتى بأحد الأطباء الذين كانوا يعملون بوحدة قوص سابقا، وطلب عدم نشر اسمه، أكد أن عدد الحالات فى قوص وصل إلى 2992 حالة حتى أبريل 2013، واصطحبنا الرجل إلى إحدى العائلات التى أصيبت بالكامل بالمرض فى مدينة قوص، ونظرا لتأخر حالاتهم رفضت الوحدة الصحية التعامل مع اثنين من أفراد العائلة حيث بلغا من العمر 75 عاما.
التقينا «أم ناصر»، ربة منزل ومريضة منذ 3 سنوات قالت «المرض من عند الله، ولكننى أشعر بالضيق وأتمنى الموت لاشمئزاز بعض أفراد أسرتى عندما ينظرون إلى يدى ووجهى ولم تفلح جهود العلاج معى».
ويواصل الزوج محمد حسين الذى كان يعمل موظفا بالمحليات: نشعر بالكآبة والعزلة النفسية بسبب نظرات أقرب الناس إلينا، فمثلا، زوجتى أهلها تركوها، ولم يسألوا عنها إلا من خلال التليفون خوفا من انتقال العدوى لهم.
وأكد الدكتور ممدوح أبو القاسم، وكيل وزارة الصحة بقنا، أن هناك إحصائيات رسمية يتم إرسالها لوزارة الصحة سنويا، مشيرا إلى أن مرض الجذام لا تظهر أعراضه مباشرة على المريض إلا بعد فترة، تماما مثل الإيدز وغيره من الأوبئة، إذ يكتشفه المريض بعد أن يخترقه تماما كى يتركه بنزيف وتشوهات فى جسده وتتآكل معه أطراف يديه وقدميه، ليزيد ضغط المجتمع الذى ينفر منه.
وأشار أبوالقاسم إلى أنه نظرا لعدم الوعى الصحى لدى المرضى فى القرى فإن أعداد المصابين تتزايد، مؤكدا أنه كانت توجد مستعمرة لمرضى الجذام بقنا قديما وتم إغلاقها بعد رفض المرضى الإبقاء داخلها بسبب مخاوف المريض من إعلانه عن مرضه ونظرة المجتمع الصعيدى له.
وفى وحدة أرمنت، يوجد 200 مصاب، منهم 4 تم احتجازهم بالمستشفى نظرا لتدهور حالتهم، بالإضافة إلى 8 حالات تتردد على المستشفى للغيار على الجروح والقرح المنتشرة بجسدهم.
إسنا
صيدلى بوحدة الجذام بإسنا رفض ذكر اسمه أكد أن هناك 3 آلاف و146 حالة بإسنا تتلقى العلاج، ولم يتم الإعلان إلا عن عدد محدود، نظرا لعدم إثارة مسألة المرض إعلاميا، مشيرا إلى أن عدم الإعلان عن الأعداد الحقيقة يؤدى إلى عواقب وخيمة، خاصة مع عدم علاج المرض فى مرحلته الأولى.
من جانبه أكد سميح سيد جلال، رئيس وحدة مكافحة الجذام بوزارة الصحة، أنه لا توجد سوى 23 حالة فقط فى قنا، وبمواجهته بالإحصائيات الخاصة بمستشفى قنا طلب منى عدم النشر.
قابلت الدكتورة منى درويش، طبيبة بوحدة الجذام بوزارة الصحة، بعد أن فوضها رئيس الوحدة بالتحدث معى، رفضت إطلاعى على أية تفاصيل، ورفضت الإدلاء بأى تصريحات خاصة بالأعداد المتزايدة للمرضى، لكنها اعترفت أن هناك أسرا كاملة مصابة بالمرض نتيجة العدوى فى نجع حمادى وقنا وإسنا، مشيرة إلى أن العلاج توفره منظمة الصحة العالمية شهريا وحسب احتياج الوزارة له.
وأكدت درويش أن هناك حالات تم شفاؤها نهائيا من المرض نتيجة تلقى العلاج بشكل منتظم خلال المدة المحددة له، خاصة إذا اكتشف المرض مبكرا خلال الـ 15 يوما الأولى للعدوى.
وأضافت درويش: وزارة الصحة تقوم بعمل مسح طبى كل فترة فى قرى الصعيد التى يتنشر بها المرض، لكن هناك بعض القرى والأسر ترفض التعامل معنا، رغم علمنا بأنهم مصابون بالجذام.
وعن إصرار الوزارة على الموافقة لجمعية كاريتاس بعمل مشاريع للمرضى فيها اختلاط بالمواطنين قالت درويش: العزلة من الممكن أن تدمرهم نفسيا، مشيرة إلى أن المرض غير معد، وأن الصيادلة يتعاملون بالفعل مع المرضى بشكل قد يدمرهم نفسيا، لذلك سوف نقوم بعقد ندوات وحملات توعية للصيادلة داخل مستشفيات الجذام الفترة المقبلة لتوعيتهم أن المرض غير معد، وكيفية التعامل مع المريض بشكل لا يؤدى إلى تدمير نفسيته.
كان المعهد القومى للصحة بأمريكا قد أجرى دراسة عن إمكانية انتقال مرض الجذام من خلال التربة، وأثبتت الدراسات أن ثلث المصابين لم يتم التعرف على طريقة انتقال المرض إليهم، وبعد أخذ 80 عينة تربة من مناطق كانت وبائية تبين بالتحليل أن هناك 35% من تلك العينات يحمل الميكروب، وفى تجربة أخرى تم فيها أخذ 90 عينة من المياه الموجودة بمنازل المصابين أو بالأماكن المحيطة بهم تبين أن 24 فى المائة من هذه العينات يحمل الميكروب.
من جانبه أكد محافظ قنا، اللواء عبدالحميد الهجان، عدم علمه بهذه الأرقام، مؤكدا أنه فى حالة وجود تستر من الأطباء العاملين بمستشفيات ووحدات الجلدية بالمحافظة ستتم إحالتهم للتحقيق الفورى واتخاذ جميع الإجراءات العلاجية والوقائية للمرضى ولأسرهم.
وأشار المحافظ إلى أنه فى حالة طلب وزارة الصحة بناء مستعمرة لهم سوف يتم توفير المكان الذى يحتاج له المرضى مع إلزام الأطباء بعمل مسح شامل لأسر المرضى لاكتشاف الحالات التى أصيبت وانتقلت اليها العدوى وتوفير العلاج الذى توفره منظمة الصحة لهم.
يرفضون الحديث
وفى تصريحات صحفية للدكتور سليم فخرى، مسئول مكافحة الجذام بالأقصر، أصر على أن عدد المصابين بالجذام فى المحافظة يصل إلى 20 حالة فقط، مضيفا أن متوسط الإصابة فى الشهر من حالة إلى 3 حالات، وفى بعض الأحيان تنعدم الإصابة.
وحول زيادة أعداد الوافدين إلى مستشفى الجذام، فى مركز «إسنا»، أكد «فخرى» أن المركز يعتبر الأعلى فى الإصابات على مستوى المحافظة، موضحا أن الأهالى أصبح لديهم الوعى ويتوجهون للمستشفى عقب ظهور أى حالة، وبينها حالات تكون غير مصابة.
وأوضح مسئول مكافحة الجذام بالأقصر، أن التلامس مع المريض والتعايش معه يؤديان إلى إصابة من حوله بالمرض.
مسئول «الصحة» يطالب بعدم النشر ويهدد محررة «الشروق»
قال الدكتور سميح جلال، مدير ادارة الجذام بوزارة الصحة ان اثارة المرض اعلاميا سوف يحدث بلبلة وطالب بعدم نشر التحقيق!
وهدد محررة «الشروق» فى حالة النشر انه سيتم تكذيب الارقام والبيانات فى جميع وسائل الاعلام وسوف تتم مقاضاة الجريدة اذا لم ترسل لإدارة الاعلام بالوزارة المادة الصحفية قبل النشر للموافقة عليها وفى حالة رفض الوزارة لابد من الالتزام بعدم النشر. واشار رئيس وحدة مكافحة الجذام إلى أن المرض لا يمثل مشكلة صحية لأنه لا يصيب سوى قاطنى القرى بسبب العوامل المساعدة على ذلك كالفقر، وعدم توافر عوامل تهوية جيدة للمنازل لذلك نسبة الاصابة بالصعيد اكبر من الوجه البحرى.
وبمواجهته ان الحديث داخل مستشفى الجذام بقنا كان مسجلا وتصريحات العاملين بالمستشفى تم تسجيلها بعد موافقة مدير المستشفى رد قائلا «ستتم معاقبتهم جميعا».
المرض بين الاكتشاف والعلاج
تبين الأرقام الرسمية أن 182.000 شخص تقريبا فى العالم نُكِبوا بمرض الجذام فى مطلع عام 2012، وخصوصا فى آسيا وأفريقيا، علما بأن عدد الحالات المرضية التى أُبلِغ عنها خلال عام 2011 وصل إلى نحو 219.000حالة.
تتكاثر المتفطرة الجذامية ببطء شديد، وتصل فترة حضانة المرض إلى نحو خمسة أعوام. ويمكن أن يحتاج ظهور الأعراض إلى فترة يمكن أن تمتد إلى 20 عاما.
الجذام مرض ليس شديد العدوى، فهو ينتقل عبر رزاز الأنف والفم، أثناء المخالطات الحميمة والمتواترة مع حالات لم تُعالج.
ويمكن أن يسبب الجذام، إن لم يُعالج، تلفا تدريجيا ودائما لجلد المصاب به وأعصابه وأطرافه وعينيه.
وتتيح منظمة الصحة العالمية منذ عام 1995 العلاج بأدوية متعددة بالمجان لجميع المرضى فى أنحاء العالم كافة.
فى عام 1981، أوصى فريق دراسة تابع لمنظمة الصحة العالمية (المنظمة) باستخدام علاج متعددة الأدوية يتألف من ثلاثة أدوية هى: الدابسون والريفامبسين والكلوفازيمين. وتمكن هذه التوليفة الدوائية من القضاء على العامل الممرض وتكفل شفاء المريض.
الجدير بالذكر أن المنظمة توفر هذا العلاج منذ عام 1995 مجانا لجميع المرضى فى كل أنحاء العالم، وقد حققت ذلك فى بادئ الأمر بفضل صندوق الأدوية بالمؤسسة اليابانية، وهى توفرها منذ عام 2000 عن طريق التبرعات التى تقدمها إحدى الشركات.
تعتبر مصر ضمن دول اقليم شرق المتوسط التى ينخفض فيها مرض الجذام نتيجة تطبيق الاستراتيجيات الفعالة، ففى عام 2009 تم اكتشاف 700 حالة جديدة، بينما تبلغ الحالات المسجلة للعلاج 912 حالة فى العام نفسه، ويتراوح معدل الشفاء بين 82 و84%. وتصل نسبة الإعاقة الحديثة فى مصر إلى 6% بسبب الجذام. ونسبة الأطفال المصابين به تحت سن 14 سنة إلى 6.9%، أما النساء فتصل نسبة الحالات الجديدة إلى 38%. ويبلغ معدل انتشار الجذام فى السكان فى مصر خلال 2009 إلى 1.6 لكل 100 ألف مواطن.