10 شواهد حول دعم مصري خليجي لتدخل عسكري في ليبيا

شكل الانقلاب العسكري في مصر تحولاً هامًا ليس فقط على طريق العلاقات المصرية الليبية وإنما على الداخل الليبي بكل مكوناته، فرغم أن الحكومة الليبية لم تتخذ موقفًا عدائيًا من النظام الجديد في مصر شأن حكومات أخرى إلا أن التوجس أصبح سيد الموقف خاصة مع فقدان الحكومة السيطرة على مناطق واسعة من البلاد وتردد أنباء حول وجود دعم خارجي لمحاولات انقلاب داخل البلاد، خاصة مع التصريحات المتواترة للمشير عبدالفتاح السيسي وحلفائه في الإمارات والسعودية حول خطر الجماعات الإسلامية في شرق ليبيا التي تبدو مدعومة من أطراف داخل الحكومة الليبية.
ويبدو أن الأمر في طريقه لمغادرة مربع التصريحات إلى مربع الفعل بعد المعلومات شبه المؤكدة عن تلقي جهات في الداخل الليبي لدعم عسكري إماراتي، إضافة إلى المعلومات غير الرسمية التي تشير إلى مشاركة طائرات مصرية في القصف على مقر جبهة ثوار 17 فبراير- الموالية لرئاسة الأركان الليبية – أثناء القتال الدائر بينها وبين القوات الموالية للواء “حفتر” المطلوب من قبل الحكومة الليبية.
فيما يلي نرصد أهم الدلائل السياسية والإعلامية التي تؤشر لهذا التحالف العسكري، والذي ربما يكون مرشحًا ليأخذ صورة أكثر وضوحًا وصراحة حال وصول المشير المستقيل إلى الحكم في أعقاب الانتخابات الرئاسية في مصر.

1- الإمارات تدعم مقاتلين في ليبيا بالمال والسلاح وبن زايد يؤيد اقتراح السيسي


لا يمكن تجاهل التحالف المصري الخليجي الذي أطاح بنظام الإخوان المسلمين في مصر، وتبدو السعودية والإمارات مستمرتان في حربهما ضد الجماعات الإسلامية السياسية منها والجهادية، خاصة مع تنامي نفوذ هذه الجماعات في ليبيا “سيطرة الإسلاميين على أغلبية المؤتمر الوطني وتنامى نفوذ الجماعات الجهادية وبخاصة أنصار الشريعة وجيش الإسلام في الشرق الليبي”.
ففي ديسمبر الماضي نشرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية خبرًا عن قيام ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد، بتوريد أسلحة إلى ميليشيات علمانية ليبية لمواجهة تمدد النفوذ الإسلامي هناك، وذكرت بالاسم كتيبة القعقاع التي تم اتهامها فيما بعد بخطف سائقين مصريين والقيام بأنشطة تهريب عبر الحدود.
وفي يناير الماضى نشر نشطاء ليبيون خبرًا حول وصول طائرة – قيل إنها عسكرية ومن نوع (C130) أمريكية الصنع – تابعة لشركة الطيران الإماراتية إلى قاعدة “تمنهنت” العسكرية بمحافظة سبها جنوبي البلاد في وقت سابق، بدعوى أنها تريد توصيل مساعدات إنسانية – كما نشرت الصحافة الإماراتية – لكنها في الحقيقة وضعت أسلحة وعتادًا لصالح ميليشيا تمكنت بعد ذلك من السيطرة على القاعدة العسكرية ذاتها، واستدلوا على ذلك بعدم وجود صورة واحدة لهذ المساعدات كما تجري الأعراف دائمًا.
مؤخرًا أعلن محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، عن تأييده لما طرحه المشير عبد الفتاح السيسي – المرشح فوق العادة لرئاسة مصر – في حواراته الصحفية أكثر من مرة حول خطورة الوضع في ليبيا وحتمية وجود تدخل ما لتقليص نفوذ الجماعات التي وصفها بالإرهابية والتي تقوم بتهريب السلاح على الحدود المصرية.

2- موقع ديبكا “السيسي يريد الأباتشي لأجل ليبيا


مؤخرًا وفي أوائل مايو الحالي نشر موقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي تقريرًا جاء فيه أن المشير عبد الفتاح السيسي يخطط لحل المشكلة الاقتصادية في مصر على حساب النفط الليبي؛ حيث سيتذرع بالإرهاب على الحدود المصرية الليبية من أجل تبرير عملية عسكرية ضد الليبييين تنتهي بسرقة كميات من النفط الموجود في الشرق.
وبحسب التقرير الإسرائيلي فإن رئيس الاستخبارات في مصر، محمد فريد التهامي، زار واشنطن مؤخرًا وقدم للإدارة الأمريكية شرحًا مفصلاً عن “مخاطر تنظيم القاعدة في منطقة السويس والمناطق الحدودية مع ليبيا”، وقال للأمريكيين بأن مقاتلين من دولة العراق والشام يأتون إلى مصر عبر الأردن، وأن النظام في مصر يقوم بمحاربتهم، كما نقل التقرير تردد الإدارة الأمريكية – حتى وقتها – بشأن مشاركة الطائرات المصرية في قصف محتمل للشرق الليبي وعلى الحدود المصرية الليبية.

3-هل عرض السيسي الدعم على حفتر؟


في أواخر مارس الماضي وفي أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة الأولى- في فبراير- التى قام بها اللواء خليفة حفتر، المنشق عن الجيش الليبي، أعلن حفتر – في تصريحات نشرتها وكالة ليبيا اليوم – أن الجيش المصري عرض عليه إرسال قوات عسكرية مصرية في منطقتي “الوادي الأحمر ودالك” للسيطرة على جميع الحقول النفطية في منطقة الهلال وهي من أهم حقول النفط في ليبيا.
وتأتي تصريحات حفتر مناقضة لتصريحات المشير عبدالفتاح السيسي الذي أكد وقتها على دعمه للشرعية في ليبيا، بينما أكد ديفيد هيرست – في مقال له بهافنجتون بوست – في تعليق له على حوار المشير السيسي مع “فوكس نيوز” أن السيسي قد ألقى خطبة جديدة في وجه الإدارة الأمريكية مفادها أن شرق ليبيا بات يؤوي “معسكرات تدريب للجهاديين” الذين يعملون بالتنسيق مع الإخوان المسلمين وأبرزها جماعة أنصار الشريعة التي تحملها واشنطن المسؤولية عن الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي، وجماعة أخرى تسمي نفسها “جيش الإسلام”، وأكد هيرست أنه لا خلاف على وجود الجهاديين في درنة، وإنما الخلاف على الأعداد، ولا يوجد أي دليل على تجمع الجهاديين في كتائب وألوية على الحدود تمهيدًا للهجوم على مصر، وبحسب ما صرح به نعمان بن عثمان، رئيس مؤسسة قويلم لمكافحة التطرف فى بريطانيايا، فإن أعدادهم تعد على أصابع اليد الواحدة.

5- هجوم الإعلام المصري على ليبيا وشائعة الجيش المصري الحر






الأمر وصل إلى حد التهديدات كما جاء في تصريحات اللواء حمدي بخيت، المقرب من السلطات العسكرية، التي جاء فيها: “إن ليبيا لا يوجد بها حكومة مركزية تسيطر على الأمور هناك، وأن الجماعات الإرهابية الموجودة بليبيا هي عبارة عن إعادة تمركز لكثير من العناصر الإرهابية من أفغانستان، والجهاز السلفي الجهادي، والإخوان”، منوهًا بأن “هذه الجماعات تتحرك وتراقب من قبل أجهزة استخبارات لدول عظمى ضد مصر، ونحن في أقصى درجات الانتباه، ولدينا قوات مدربة جيدًا لمواجهة هذه الأمور إذا كان الأمر يتعلق بالأمن القومي المصري، وسندخل إلى العمق الليبي إذ استشعرت القوات المسلحة الخطر”.
وفي مقال له بعنوان “الخطر الآتي من ليبيا” قال الإعلامي عماد أديب – المقرب من السلطات في مصر -: “ويبدو أن قوات التدخل السريع، وهي آخر أعمال المشير عبد الفتاح السيسي في الجيش المصري، سوف توسع من مهامها لمواجهة الإرهاب المحتمل، إلى ضرورة القيام بعمليات استباقية خارج الحدود لمواجهة أخطار تأتي من ليبيا والسودان وغزة”.


المطالبات لم تتوقف عند هذا الحد؛ فالإعلاميون المؤيدون للانقلاب لم يكفوا عن ترديد الأنباء حول ما يسمى بالجيش المصري الحر على الحدود الليبية وطالبوا الجيش المصري بسرعة التدخل في ليبيا لضرب الجماعات المسلحة كما فعل الإعلاميون أحمد موسى ومصطفى بكري وتوفيق عكاشة، المعروفون بالقرب من الأجهزة السيادية.
ووفقًا لصحف الانقلاب فإن هناك ما يسمى بـ”الجيش المصري الحر” على الحدود الليبية والذي تأسس بمشاركة تنظيمي “الإخوان” و”القاعدة”، وتحت رعاية إيرانية – قطرية – تركية، وأن هناك مخططات لاستهداف منشآت حيوية في مصر، منها مطار القاهرة الدولي، واقتحام السجون لتهريب قيادات الإخوان، ونشر الفوضى، ويذكر أن المشير السيسي نفى في أحد تصريحاته وجود الجيش المصري الحر.
ووفقًا لمركز كارنيجي فإن الانقلاب العسكري في مصر قد أثار مناقشات حول العلاقات بين السلطتين المدنية والعسكرية في ليبيا، فقد أشاد خصوم الإسلام السياسي، بمن فيهم العديد من القبائل المؤيدة للفيدرالية والتي لها روابط عائلية مع قبائل في مصر، بالحملة التي شنّها السيسي على جماعة الإخوان المسلمين، ودعوا إلى حضور أقوى للجيش الليبي من شأنه أن يقلّص نفوذ القوى الإسلامية، وهو الأمر الذي تفسره القوى الإسلامية بأنه محاولة لاستنساخ تجربة انقلاب مصر في ليبيا وهو ما يبرر سعيها للإطاحة بحكومة علي زيدان، من جانبه يشير ديفيد هيرست إلى أن التوغل في شرق ليبيا ربما يكون هدفَا إستراتيجيًا للتحالف الخليجي المصري؛ فمن ناحية فإنه سيكون أحد خطوات الحرب على الإسلاميين التي يشنها التحالف، ومن ناحية أخرى فإنه سيخفف من فاتورة انقلاب مصر التي يدفعها الخليج عبر حصول مصر على حصة من النفط الليبي.

6- تغطية متحيزة لوسائل الإعلام الخليجية لانقلاب حفتر




يمكننا أن نقول إن وسائل الإعلام السعودية والإماراتية هي من وفرت الدعم للانقلاب الإعلامي الذي قام به اللواء حفتر في فبراير الماضي، فمن جانب أذاعت قناة العربية السعودية بيان حفتر الذي قال فيه إن هذا ليس بالانقلاب العسكري، لأن زمن الانقلابات قد ولى، كما شدد أن تحركه ليس تمهيدًا للحكم العسكري، بل وقوفًا إلى جانب الشعب الليبي، وأعلن خارطة طريق مؤلفة من 5 بنود،
كما أشاعت قناة العربية انقطاع الاتصالات والإنترنت عن العاصمة الليبية، وأن قوات تابعة لحفتر، سيطرت على مرافئ حيوية في العاصمة طرابلس، وركزت قناة العربية كثيرًا على دور حفتر في الحرب الليبية التشادية فيما وصف بأنه تلميع لدوره؛ حيث وصفته أنه ذو خبرة كبيرة في المجال العسكري، وقاد الحرب ضد تشاد التي خذله فيها القذافي خوفًا من زيادة نفوذه.
حتى تغطية جريدة الشرق الأوسط السعودية لمحاولة حفتر الثانية الاستيلاء على بني غازى – أول أمس الجمعة – جاءت متحيزة إلى حد كبير؛ حيث وصفتها بأنها عملية تطهير للشرق الليبي من الجماعات الإسلامية.

7- زيارة رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب إلى تشاد


هي أول زيارة خارجية لرئيس الوزراء المصري، إبراهيم محلب، عقب توليه مهام منصبه وكانت في منتصف أبريل الماضي وهدفت في المقام الأول إلى تخفيف العزلة الإفريقية عن نظام الانقلاب في مصر، لكن ما قاله السفير محمود سعد، سفير مصر بتشاد – في تصريحات صحفية – هو أن الزيارة لها شق سياسي مهم وهو أن مصر تسعى لأن يكون لها دور مهم في حفظ السلم والأمن الإفريقي بمنطقة وسط إفريقيا لكي تكون قوة إقليمية مهمة خاصة بعد الأحداث التي شهدتها ليبيا، مضيفًا أن تشاد من الدول القريبة من حدود مصر، بالإضافة إلى وجودها في محيط عدة دول بها خريطة لجماعات للفكر المتشدد الأمر الذي يحتم ضرورة ملء الفراغ بهذه المنطقة من قبل دولة بحجم مصر، وهو الأمر الذي يؤشر بوضوح إلى كون الزيارة متعلقة بالوضع الليبي خاصة مع الاتهامات التي يوجهها الرئيس التشادي، إدريس ديبي، لليبيا بأنها معقل للحركات المسلحة التي تسهم في زعزعة الاستقرار في بلاده ، وهو ما ينبئ بوضوح أن الملف الليبي صار أحد أهم أولويات النظام المصري.

8- تصريحات هيكل المثيرة للجدل “نفط ليبيا من حق مصر”


في تصريحات مثيرة سابقة للكاتب المصري المعروف محمد حسنين هيكل قال فيها: “في ليبيا هناك مشكلة كبيرة جدًا أتمنى أن يتنبه لها الجيش في مصر وأنا في حقيقة الأمر اتُهمت قديمًا أننا كنا نريد وحدة مع ليبيا وأنا كنت أريد دولة كاملة في هذه المنطقة من شرق البحر الأبيض”، وقال إن منطقة برقة الليبية “الغنية بالنفط” تابعة للأراضي المصرية وعليها المطالبة به، وأن نفط ليبيا يتركز في الشرق الليبي وبوجود جماعة متطرفة في الجبل الأخضر أي بالقرب من مصر فإن ذلك يُعد خطرًا على الأمن القومي المصري”.
ويزعم هيكل أن “القلق الحقيقي على مصر يأتي من الحدود الغربية مع ليبيا التي صارت مسرحًا للميليشيات كالجيش المصري الحر”، أكثر مما يأتي من مسلحي الشرق وسيناء الذين وصفهم هيكل بأنهم محاصرون بين مصر وإسرائيل.
أفكار هيكل حول ليبيا ليست جديدة لكن طرحها في هذا التوقيت لا يخلو من إثارة للجدل خاصة مع توفر المسببات الداعية للتوتر بين مصر وليبيا، وأيضا مع الصراحة الفجة التي انتهجها هيكل في حواره مع الإعلامية لميس الحديدي الذي قال فيه إن دبلوماسيًا غربيًا – لم يذكر اسمه – سأله مندهشًا: “لم لا يتحرك الجيش المصري للعدوان على ليبيا للإجهاز على “تنظيم القاعدة” الموجود في “درنة” الليبية؟!”

9- هل تم إسقاط طائرة مصرية في ليبيا؟


جاء إعلان جبهة ثوار 17 فبراير عن مشاركة طائرات مصرية في القصف الجوي الذي استهدف مقارها – الجمعة – ليثير موجة واسعة من الجدل حول مشاركة الطيران المصري فعليًا في دعم محاولة حفتر الانقلابية، كما نشرت صحف مصرية وعربية صورًا لما قيل إنه حطام طائرة مصرية شاركت في الهجوم بينما لم تصدر تصريحات رسمية من الجانب المصري أو الليبي حول الواقعة إلى الآن.

10- تحرك مريب للمارينز الأمريكي

كشفت تقارير صحفية عن تنقل وحدات عسكرية أمريكية مكونة من 200 من عناصر المارينز من إسبانيا إلى إيطاليا، وهي جزء من قوة “الاستجابة للأزمات”، التي شُكلت حديثًا عقب الهجوم على البعثة الدبلوماسية الأمريكية في مدينة بنغازي في 2012، وهي الخطوة التي فسرتها واشنطن بمخاوفها بشأن “تزايد العنف” في ليبيا، لكن هناك تقارير غربية أشارت إلى قرب تدخل عسكري غربي في ليبيا وأن آخر اللمسات قد وُضعت على الخطة وتنتظر فقط إشارة الضوء الأخضر لتنفيذها. 
وقالت صحيفة العرب اللندنية – نقلاً عن ديبلوماسي غربي – “إن العملية محتمل أن تأخذ اسم “أزهار الربيع” وسوف تستهدف الجماعات المتشددة – على حد وصفه – وهي الخطوة التي يبدو أنها تحظى بدعم إقليمي خصوصًا من مصر والإمارات والسعودية”.

المصدر : مصادر متعددة