الجيش حمى الثورة !!!؟

لم يكن الجيش يوماً مع الثورة و لا مؤيداً لها و لا حتى حامياً لها كما يحاول العسكر أن يصوروا, فالعسكر لم يكنوا على إستعداد للتنازل عن حكم مصر الذى إستولوا عليه منذ إنقلاب 1952 كما لم يكن العسكر على إستعداد للتنازل عن الإمتيازات التى يحصلوا عليها سواءاً على مستوى أفراد المؤسسه العسكريه أو الإمتيازات الممنوحه للمؤسسه نفسها كإعفاء مشاريعها و منتجاتها من الضرائب مثلاً (و هو ما يُخل بآليات سوق التنافس و يخلق شبه إحتكار لصالح الجيش بما أن أى رجل أعمال أو مستثمر يُنتج نفس المنتاجات التى تنتجها مشاريع الجيش يقوم بدفع ضرائب مما يجعل قدرته على طرح سعر تنافسى معدومه).
الأكثر من ذلك أن الجيش لم يكن فقط غير مؤيد للثورة لا بل كان متواطأ ضددها حتى يوم 2 فبراير 2011 و هو تاريخ موقعه الجمل و من حضر هذا اليوم فى ميدان التحرير يعرف ذلك جيداً, فبخلاف أن بلاطجه عبد الناصر الجابرى الذين شنوا موقعه الجمل أتوا على جمالهم و بغالهم و حميرهم مدججين بسيوفهم و سنجهم و عصيهم و كرابيجهم من نزله السمان إلى ميدان التحرير (و هى مسافه تزيد على 15 كلم) و لم يعترض طريقهم أحد و لم يستوقفهم أحد من عناصر الجيش الذى كان منتشراً فى شوارع القاهره فى ذلك الوقت, فإن هؤلاء البلاطجه دخلوا إلى ميدان التحرير عبر المتاريس التى نصبها الجيش على جميع مداخل الميدان و لم يمنعهم أفراد الجيش من الدخول لا بل بدأ هؤلاء الهجوم على الثوار داخل الميدان و قتلهم أمام أعين ضباط الجيش و لم يُحرك أحد فيهم ساكناً و لم يتدخل أفراد الجيش لمنع هذه المجزره بل أن أى بلطجى كان الثوار يلقوا القبض عليه و يسلموه للجيش كان الجيش يطلق سراحه ثانيه!!!
الحقيقه أن ما حدث هو أنه بعد فشل مبارك و أزلامه فى إنهاء الثورة إستغل الجيش الزخم الشعبى الموجود فى الشارع المصرى لتحقيق هدفين مهمين لمصلحته هو و هم:
أولاً الخلاص من سيناريو التوريث الذى كان لا يروق للعديد من قيادات الجيش, و لا يخفى على أحد العلاقه المتوترة التى كانت بين الوريث و طنطاوى و بين الوريث و الهالك عمر سليمان و الكل يعرف محاوله الإغتيال التى تعرض لها الأخير بعد توليه منصب نائب الرئيس فى أثناء احداث ثورة يناير ( المختطفه) و التى كانت من تدبير الوريث ( جيمى), و قد تحقق للجيش هذا الهدف.و هنا لابد من الإشاره إلى أن الجيش لم يكن ضد التوريث كسيناريو و لكنه كان ضد الوريث.
ثانياً الخلاص من القبضه الأمنيه للشرطه و هيمنه الدوله البوليسيه التى أنشئها العادلى و التى أصبح لها اليد العليا فى الوطن و ربما همشت دور العسكر إلى حد ما , حتى وصل الأمر إلى أن ضباط أمن الدوله كانوا يستطيعون توقيف ضباط الجيش بل أن أمن الدوله كان يراقب و يتجسس على قيادات الجيش و أصبح لكل قياده فى الجيش ملف فى أمن الدوله يتم لىْ ذراعه به عند اللزوم, فرئى الجيش أن يترك الشعب ليصتدم بالشرطه حتى تنكسر الشرطه و يتم إذلالها من دون أن يحدث أى تصادم بين الجيش و الشرطه و من ثم يقوم الجيش بعد ذلك بإعاده القبضه الأمنيه للشرطه بعد إنكسارها امام الشعب فيصبح الجيش صاحب الفضل و المِنّه على الشرطه و تعود له اليد العليا و يتم تحجم الشرطه و دخولها بيت الطاعه العسكرى ( و إلا سيتم إطلاق الشعب عليها مرة أخرى و كسرها و إذلالها مرة أخرى) و يتم أيضاً حصر الشرطه فى دورها الأمنى فقط و إبعادها عن سلطه الحكم تماماً و إقتصار هذه السلطه على العسكر فقط, و أيضاً الإستيلاء على كل الملفات التى بحوزة الداخليه ( و بالأخص امن الدوله) و التى تدين القيادات العليا للجيش و قد تحقق للعسكر هذا الهدف ايضاً.
الخلاصه و الشاهد أن المستفيد الوحيد من ثورة يناير ( المختطفه حالياً) هو العسكر و العسكر فقط حيث إسغلها العسكر لتحقيق أهدافهم و من ثَمَ إنقلبوا عليها.
فما الحل إذاً لإستعاده ثورة يناير المختطفه و إعاده حلم الحريه و الكرامه الإنسانيه و التحرر من حكم العسكر و الإحتلال العسكرى للحكم فى مصر؟
فى رأيى المتواضع أن الحل هو الإستمرار فى الحشد و التظاهر و الإحتجاج و ربما بدأ العصيان المدنى و توسيعه و توسيع رقعه الإحتجاجات, فالعسكر لن يستطيعوا أن يستمروا فى حكم البلاد إذا إستمر هذا الرفض و السخط الشعبى و سيندحر الإنقلاب بإذن الله و سوف يحاسب كل مجرم عن خطاياه, فالصبر و المثابره و النصر آتٍ لا ريب بإذن الله.
أخيراً تحيته تقدير و إجلال إلى المرابطين فى الشوارع و الذين لم يكلوا و لم يملوا طيله عشره أشهر حتى الآن, فهؤلاء هم من يرسموا مستقبل مصر بإذن الله, و الله إنى لأشعر أننى قزم أمام هؤلاء العماليق (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
(فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ).

أسامه بسيونى