نشرت صحيفة حريت ديلى نيوز التركية مقالا للكاتبة آهو أوزيورت، تتحدث عن التحول الحادث فى الثقافة الإسرائيلية الآن وكونها أصبحت مجتمعا دينيا عاديّا لا يفكر إلا فى الحق فى الدفاع عن نفسه. كتبت فى المقال تقول؛ لا يمكن أن أنسى أن جملة من كتاب توماس فريدمان الأسطورة عن الشرق الأوسط «من بيروت إلى القدس». كانت شيئا من قبيل: «سوف يحب اليهود أن يستيقظوا فى إسرائيل لكنهم سوف يودون العيش بجوار سويسرا وبلجيكا». وبعد 20 عاما من حكومات الليكود والجماعات المهاجرة الصغيرة التى تحتجز السياسة كرهينة، مما يؤسف له أن إسرائيل الآن لا تختلف عن أى بلد شرق أوسطى حزين، فيما عدا ديمقراطيتها الصحيحة نسبيا. كانت إسرائيل منارة التكنولوجيا، ومركز الاستثمار، بل كانت مكانا مسليا يزخر بالقصص عن مسابقة أغانى يوروفيجين أو قضايا الزنى الخاصة بالرئيس السابق. أما الآن فكل ما نقرأه عن إسرائيل هو «حقها فى الدفاع عن نفسها».
•••
وأشارت الكاتبة إلى أن هذا التحول لم يحدث بين ليلة وضحاها. وتماما كما هو حال تركيا، أصبحت إسرائيل مجتمعا دينيا عاديّا شديد الانقسام وأقل تسامحا خلال عقد من الزمان. ويعود هذا فى معظمه إلى التصريح المفتوح الذى منحه بنيامين نتنياهو لأحزاب مثل يسرائيل بيتينو ورئيسه المتشدد أفيجدور ليبرمان.
وذكرت أوزيورت أنه فى كل مجتمع يأتى المهاجرون بثرواتهم وصدماتهم إلى الأرض الجديدة. وفى حالة إسرائيل، فقد جعلت البارانويا الخاصة بكونها محاطة بدول عربية كثيفة السكان المهاجرين من روسيا أكثر عدوانية. وكل مستوطنة جديدة قضية بالنسبة لهم. فهى تكاد تكون كالعشوائيات فى اسطنبول، ذلك أنه ما إن تبنى 10 حتى لا يمكن لأحد إبعادك عن تلك المبانى. فأنت تدعو أقاربك وتغزو المنطقة. وتضطر الدولة أن توفر الخدمات والحماية.
•••
أضافت أوزيورت: «ليست هذه إسرائيل التى عرفتها قبل 10 سنوات». فقد كانت تل أبيب مدينة الفنون والمفكرين. ومع ذلك فإنه بعد أن خسر الليكود الانتخابات سمعت عبارة مخيفة من أكاديمى فى إسرائيل عرٌفت سياسة العقد فى الأساس: «إذا لم نفعل شيئا بشأن قضية السكان هذه، فخلال عقدين يمكن أن يدخل عربى الانتخابات لتولى منصب الرئيس فى إسرائيل ويفوز من الناحية السكانية.» بعد ذلك، بُنى الجدار، وبعد ذلك جاءت حماس. وأصبحت منظمة غامضة كانت إسرائيل تراقبها عن كثب «عامل خوف» للإسرائيليين الفقراء الأقل تعليما. فقد تبنت سياسة إنجاب المزيد من الأطفال، كالعرب، وإرسالهم جميعا إلى المدارس الدينية. وفقد البلد بشكل أساسى عبقريته العلمية. لم تكن إسرائيل هى التى تذهب وتصطاد أعداءها بدقة. لقد أصبحت مثل أى بلد شرق أوسطى عادى، حيث لا يعنى القتل الكثير لأنه إذا مات طفل فسوف يحل محله آخر.
•••
واختتمت الكاتبة مقالها طارحة التساؤلات التالية: هل تذكرون القبة الحديدية قبل عامين؟ ألا تعمل؟ لماذا لم نعد نقرأ أية تحليلات استراتيجية من زملائنا الإسرائيليين؟ هل فقدت إسرائيل قدرتها الفكرية وكذلك قيمها الديمقراطية والإنسانية؟ تركيا وإسرائيل أخوان توأم انفصلا عند الولادة. عندما يهبط أحدهما يحذو الآخر حذوه. فمصير هذين البلدين قد يكون متطابقا أكثر مما نتخيل. وإسرائيل الآن فى وضع الهبوط وسوف تبقى فيه لبعض الوقت. فقد فقدت حيويتها ونشاطها وقدرتها على جلب حياة مختلفة للشرق الأوسط.